الشاعر التهامي: حتى شعر المقاومة حاربوه لكي لا ينهض العرب
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الشاعر التهامي: حتى شعر المقاومة حاربوه لكي لا ينهض العرب
كّد
الشاعر والمثقف المصري (محمد التهامي) أن المدارس التجديدية في الشعر
والاتجاه الحداثي لعب دورًا كبيرًا في تراجع شعر المقاومة وقلّة إنتاجه،
بالمقارنة بغزارة هذا الإنتاج في عقدي الخمسينات والستينيات من القرن
الماضي، لافتًا إلى أن تطور إيقاع الحياة والحصار الإعلامي الذي تشنّه
القوى الاستعمارية على قوى المقاومة بشكلٍّ عام، ومنها شعراؤها، قد لعب
دورًا في حدوث هذا التراجع.
وشدّد التهامي في حوار مع "الإسلام اليوم"
على أن الانتقادات المتبادلة بين المدارس الشعرية المختلفة قد ساهمت في
تراجع الإقبال على التعاطي مع الشعر والشعراء من كل المتلقين الذين ساءهم
بشدة تحوُّل مجتمع الشعراء الهادئ إلى مجتمع السِّباب والخروج عن الأدبيات
المعروفة للخلاف وسط طبقة مثقفة.
ودعا إلى مصالحة بين الاتجاهات الشعرية المختلفة؛ وذلك لإعادة الاعتبار
للشعر والشعراء وإنقاذه من الهُوّة السحيقة التي يعاني منها منذ مدة
طويلة، لافتًا إلى أن الحداثة والفوضى الخلاقة- التي تسعى واشنطن لنشرها في
الساحة الثقافية والسياسية- وجهان لعملة واحدة الغرض الأساسي منهما تذويب
الهوية الثقافية العربية.
وانتقد الشاعر محمد التهامي بشدة دور وسائل الإعلام في الحرب على اللغة
العربية لدرجة أنها توجت شاعرًا مثل عبد الرحمن الأبنودي كنجم ساطع في
الساحة الشعرية حاليًا رغم أنه شاعر عامي، وهو ما يشكل حربًا على الفصحى
التي وقعت ضحية مؤامرات الغرب وسعي أهلها للترويج للهجمات العامية. .
هناك
ظاهرة تعاني منها الساحة الثقافية العربية تتمثل في تراجع ملحوظ فيما يطلق
عليه شعر المقاومة بالمقارنة بما كان يحدث في العقود الخمسة الماضية؟
لا شكّ أن طرحك يقترب
كثيرًا من الحقيقة؛ فقد كان لشعر المقاومة دور كبير في تشكيل الوجدان
العربي وإحياء المقاومة وتأجيجها في صدور جميع العرب سواء كانوا مقيمين في
المنطقة أو الجاليات التي تعيش في الخارج ولا شكّ أيضًا أن لهذا الأمر
أسبابه أهمّها ما عرف اصطلاحًا بالمدارس التجديدية في الشعر التي دخلت في
عراك وخصومة مع مدرسة الأصالة الشعرية حيث عمل التجديديون على تشويه الشعر
في أعين المتلقين مما أدّى إلى تراجع تأثيره وتراجع الإنتاج بشكل عام.
وأما العامل الثاني فتمثل في تطور إيقاع الحياة بشكل عام في العقدين
الماضيين مما خلق نوعًا من التراجع في الاهتمام بالشعر والثقافة بشكل عام،
وأضعف من تأثيره، إضافة إلى الهموم الاقتصادية والمعيشية فحينما تتصدّر هذه
الهموم أولويات المواطنين فشيء طبيعي أن يتراجع الاهتمام بالشعر، وهو ما
ينطبق أيضًا على شعر المقاومة فضلاً عن تراجع الاهتمام بالفنون الشعرية
المختلفة في أجهزة التلفاز والقنوات الفضائية، رغم أن الهموم العربية
المتعلقة بشعر المقاومة قد تصاعدت فلم تَعُد فلسطين وحدها بل انضم إلى
قائمة المآسي العربية والإسلامية كثير من الدول مثل العراق، ولبنان،
والسودان، والصومال، وكافة البقاع الإسلامية التي تعاني من سطوة القوى
الاستعمارية الجديدة. غير أن الحديث عن تراجع شعر المقاومة أو اندثاره ليس
صحيحًا بالمطلق؛ فهناك نماذج عديدة لشعر المقاومة، وأنا شخصيًّا أنتجت
قصيدة شعر في العاصمة العراقية بغداد تفضح المؤامرة عليها وتشيد بالمقاومة
الشريفة، وهو ما يؤكد أن إنتاج شعر المقاومة لم يتراجع بالكلية، ولكن تراجع
الاهتمام به ونشره من قِبل وسائل الإعلام.
من البديهي التأكيد
على أن الأزمات التي تعاني منها العربية حاليًّا تشكل واقعًا قويًّا؛ لوجود
إنتاج غزير من الشعر العربي، غير أن تأثيرات العولمة كانت سلبية جدًّا على
الشعر، خصوصًا أن لها مؤسسات ومراكز قوية في معظم بلدان العالم العربي وهي
مؤسسات تعوق انتشار شعر المقاومة في وسائل الإعلام والمنتديات الشعرية
التقليدية التي تعاني ضغوطًا شديدة، فضلاً عن أن وسائل الإعلام سواء
الرسمية أو الفضائية تعاني نفس المشاكل حيث يتم الضغط عليها لإعاقة ما يطلق
عليه شعر المقاومة، هذه الضغوط غالبًا ما تكون من قبل الولايات المتحدة
الأمريكية، التي تستغل حاجة المعونات المالية التي تقدمها لبعض الدول
العربية لإجبار هذه الدول على الانصياع لأوامرها، وإلا واجهت مشاكل في
التسويق والإعلان وعانت حصارًا وتجفيفًا للمنابع المالية، ووصولاً إلى
الإرهاب الفكري ووضعها في القوائم السوداء.
هذه الضغوط والقيود جعلت وسائل الإعلام عاجزة عن مواكبة هموم ومشاكل
الأمة العربية المتشوقة إلى إبراز الفنون الشعرية التي تحضّ على المقاومة
التي تعتبر الأمل الوحيد لإنقاذ هذه الأمة. غير أنني لا أتوقع انزواء
تامًّا لهذا الغرض الشعري، خصوصًا أن تفعيل المقاومة في نفوس المقاومين هو
الأهم، والذي سيحافظ على المقاومة في صدارة المشهد العربي لإنقاذ هذه الأمة
من النفق المظلم الذي تواجهه منذ سنوات طويلة.
لقد كانت المواهب
والإبداع عاملاً مهمًّا في التجربة الشعرية بشكل عامّ، وكان وجود المواهب
كالنهر الدافق وقت أن سيطرت على الشعر مدرسة واحدة هي مدرسة الشعر الموزون
المقفى؛ حيث عاش الشعر والموهبة في ساحة مهنية لتنمية وتفعيل المواهب، أما
حينما ظهرت وجهات نظر شعرية– ولا أقول مدراس– مختلفة، مثل ما يطلق عليه شعر
التفعيلة والقصيدة النثرية غير الملتزمة بالوزن والقافية، ثم تبعها ما
يعرف بشعر الحداثة الذي يعتمد على الإثارة واستخدام ألفاظ ومفاهيم غير
واضحة، بل أغلبها يصل إلى الألغاز التي يصعب على الكثيرين فهمها، ولقد
ناقشت أدونيس في إحدى المنتديات الشعرية حول هذا الأمر، ووضحت له أن سيطرة
الألغاز على الشعر غير مقبولة، وأنه لابدّ للشعر من إيصال رسالة مباشرة
للمتلقين والتأثير في وجدانهم لإيصال معنى بعينه.
ولكل هذه الأسباب نجد أن الشعر والمواهب الشعرية قد توارت، حيث لم
يَعُد مقبولاً سيادة شعر خالٍ من الموسيقى والوزن والقافية، وبالتالي قلّ
تفاعل الجماهير في المنتديات مع الشعر، ونضبت المواهب رغم أن الشعر يمثل
وزنًا قويًّا لدي المتلقين العرب، وله تأثير كبير على الثقافة العربية
يختلف كثيرًا عن التأثير في الثقافات الأخرى؛ حيث يعتبره الكثيرون معلمًا
أساسيًّا من مكونات ثقافتنا العربية.
لكن قد يرد البعض عليك بالتأكيد أن تنوع المدارس أو وجهات النظر الشعرية يخدم الشعر أكثر مما يضرّه؟
ما تقوله صحيح إذا
كانت المدارس الشعرية تتكامل ويخدم بعضها على بعض، ولكن إذا كانت هذه
المدارس تتناحر ويتحول هدف كل مدرسة هو القضاء على الأخرى، وتشويه صورتها
فالنتيجة المباشرة لذلك هو تراجع إقبال المتلقي على الشعر ومنتدياته وإيجاد
نوع من الكراهية في الشعر، وهو الأمر الذي يجعلني أدعو إلى مصالحة بين
المدارس الشعرية المختلفة بشكل يجعلها تتعاون وتتكامل في إنقاذ الشعر من
الهوّة السحيقة التي سقط فيها.
الحداثة شكلت وبالاً
كبيرًا على الشعر العربي التقليدي أو ما يطلق عليه الكلاسيكي الشكل
والتجديدي المضمون؛ حيث عملت الحداثة على إشاعة أجواء الخلط والغموض في
الشعر العربي، وجرّ المتلقي إلى بذل مجهود ضخم لفهم الشعر وهو في الأغلب لا
يستطيع ذلك لاستحالة فهمه، وقد بيّنت لأصحاب هذا المذهب في أكثر من مناسبة
أن مصير مدرسة الحداثة للزوال؛ نتيجةً لعدم مراعاتها لذوق المتلقي العربي
الذي يحتاج إلي معانٍ مباشرة أو شبه مباشرة، وليست غامضة وقد جاءت وجهة
النظر هذه متواكبة مع الرأي الذي خرجت به ندوة "مؤسسة البابطين" والتي
أوضحت على لسان مؤسساها عبد العزيز البابطين أن الشعر هو الموزون المقفى،
وأنه لا مستقبل لمدارس الغموض والألغاز التي أضرّت بالشعر العربي أكثر مما
نفعته، بل إنني لا أبالغ إذا أكدت أن مدارس الحداثة هي مرادف للفوضى
الخلاقة التي حاولت واشنطن الترويج لها في المنطقة وكان مصيرها الفشل في
أغلب الأحيان، كما كان مصير الحداثة.
وجهة النظر المتشائمة التي تطرحها عن مستقبل الشعر العربي يجعلنا نناشدك وضع روشتة لإصلاح هذا الوضع المعوج.. فماذا تقول؟
إصلاح الوضع مما يتعلق
بالشعر يحتاج لوقت طويل أهمها إعادة النظر في طرق تدريس الشعر في المدارس
بمختلف أنواعها في العالم العربي ووقف الأساليب التقليدية التي تدور حول
إلزام الطلاب بدارسة عدة نصوص شعرية وحفظها، إضافة إلى إشاعة نوع من التذوق
الشعري لدى الطلاب، والكشف المبكر عن المواهب عبر إعادة ضخّ الدماء في
عروق أنشطة جماعات الشعر في المدارس والجامعات فضلاً عن إعادة الاعتبار
للغة العربية التي تراجع وزنها في الفترة الأخيرة لصالح اللغات الأخرى من
فرنسية وإنجليزية، وإذا نجحت الجهود لتنفيذ هذه التوصيات فأقول مطمئنًا:
إننا في بداية الطريق لإيجاد نوع من إرهاصات العودة.
بكل تأكيد فسيادة
العامية وتتويج واحد من أكبر رموزها وهو عبد الرحمن الأبنودي كأفضل شاعر في
مصر يؤكد أن العربية الفصحى تواجه كارثة لدرجة أننا نقترب من مرحلة
الانهيار، ولذا فأنا أطلق صرخة لإنقاذ اللغة العربية تبدأ من جعل تدريس
اللغات في السنوات الابتدائية محصورًا على اللغة العربية فقط وعدم الخلط
بينها وبين لغات أخرى مثل الإنجليزية والفرنسية، وذلك كسبيل وحيد للحفاظ
على الهوية الثقافية العربية التي واجهت مأزقًا كبيرًا بعد حصارها من
العامية واللغات الأجنبية والعولمة والحداثة، وإن لم يتم ذلك فسوف تواجه
اللغة والثقافة العربية مستقبلاً أسود.
لعب الاستشراق دورًا سلبيًا في تاريخ الثقافة العربية فهل ترى أن هذا الدور مرشح للاستمرار؟
لا أحبّ إطلاق الأحكام
الكلية؛ فالحديث عن الاستشراق كشرٍّ كله أمر غير منطقي، فهناك مستشرقون
مخلصون ومنصفون قد خدموا الثقافة العربية ولعبوا دورًا في تفعيل العلاقة
بين الثقافة العربية والغربية باعتبارهما ثقافتين متكاملتين، بعيدًا عن
الشطط والتطرف الذي سيطر على أعمال أغلب المستشرقين الذين يجب التنبيه إلى
مخاطرهم الشديدة على اللغة والثقافة العربية والتصدي لمحاولاتهم لتذويب
الثقافة العربية وجعلها تابعًا للثقافة الغربية بشكل عام، وإذا كانت الدولة
العربية مهتمة بالحضارة الغربية وعلومها فعليها أن تنشأ مدارس ترجمة
متخصصة قادرة على إلحاقها بموكب هذه الحضارة
الشاعر والمثقف المصري (محمد التهامي) أن المدارس التجديدية في الشعر
والاتجاه الحداثي لعب دورًا كبيرًا في تراجع شعر المقاومة وقلّة إنتاجه،
بالمقارنة بغزارة هذا الإنتاج في عقدي الخمسينات والستينيات من القرن
الماضي، لافتًا إلى أن تطور إيقاع الحياة والحصار الإعلامي الذي تشنّه
القوى الاستعمارية على قوى المقاومة بشكلٍّ عام، ومنها شعراؤها، قد لعب
دورًا في حدوث هذا التراجع.
وشدّد التهامي في حوار مع "الإسلام اليوم"
على أن الانتقادات المتبادلة بين المدارس الشعرية المختلفة قد ساهمت في
تراجع الإقبال على التعاطي مع الشعر والشعراء من كل المتلقين الذين ساءهم
بشدة تحوُّل مجتمع الشعراء الهادئ إلى مجتمع السِّباب والخروج عن الأدبيات
المعروفة للخلاف وسط طبقة مثقفة.
ودعا إلى مصالحة بين الاتجاهات الشعرية المختلفة؛ وذلك لإعادة الاعتبار
للشعر والشعراء وإنقاذه من الهُوّة السحيقة التي يعاني منها منذ مدة
طويلة، لافتًا إلى أن الحداثة والفوضى الخلاقة- التي تسعى واشنطن لنشرها في
الساحة الثقافية والسياسية- وجهان لعملة واحدة الغرض الأساسي منهما تذويب
الهوية الثقافية العربية.
وانتقد الشاعر محمد التهامي بشدة دور وسائل الإعلام في الحرب على اللغة
العربية لدرجة أنها توجت شاعرًا مثل عبد الرحمن الأبنودي كنجم ساطع في
الساحة الشعرية حاليًا رغم أنه شاعر عامي، وهو ما يشكل حربًا على الفصحى
التي وقعت ضحية مؤامرات الغرب وسعي أهلها للترويج للهجمات العامية. .
هناك
ظاهرة تعاني منها الساحة الثقافية العربية تتمثل في تراجع ملحوظ فيما يطلق
عليه شعر المقاومة بالمقارنة بما كان يحدث في العقود الخمسة الماضية؟
لا شكّ أن طرحك يقترب
كثيرًا من الحقيقة؛ فقد كان لشعر المقاومة دور كبير في تشكيل الوجدان
العربي وإحياء المقاومة وتأجيجها في صدور جميع العرب سواء كانوا مقيمين في
المنطقة أو الجاليات التي تعيش في الخارج ولا شكّ أيضًا أن لهذا الأمر
أسبابه أهمّها ما عرف اصطلاحًا بالمدارس التجديدية في الشعر التي دخلت في
عراك وخصومة مع مدرسة الأصالة الشعرية حيث عمل التجديديون على تشويه الشعر
في أعين المتلقين مما أدّى إلى تراجع تأثيره وتراجع الإنتاج بشكل عام.
وأما العامل الثاني فتمثل في تطور إيقاع الحياة بشكل عام في العقدين
الماضيين مما خلق نوعًا من التراجع في الاهتمام بالشعر والثقافة بشكل عام،
وأضعف من تأثيره، إضافة إلى الهموم الاقتصادية والمعيشية فحينما تتصدّر هذه
الهموم أولويات المواطنين فشيء طبيعي أن يتراجع الاهتمام بالشعر، وهو ما
ينطبق أيضًا على شعر المقاومة فضلاً عن تراجع الاهتمام بالفنون الشعرية
المختلفة في أجهزة التلفاز والقنوات الفضائية، رغم أن الهموم العربية
المتعلقة بشعر المقاومة قد تصاعدت فلم تَعُد فلسطين وحدها بل انضم إلى
قائمة المآسي العربية والإسلامية كثير من الدول مثل العراق، ولبنان،
والسودان، والصومال، وكافة البقاع الإسلامية التي تعاني من سطوة القوى
الاستعمارية الجديدة. غير أن الحديث عن تراجع شعر المقاومة أو اندثاره ليس
صحيحًا بالمطلق؛ فهناك نماذج عديدة لشعر المقاومة، وأنا شخصيًّا أنتجت
قصيدة شعر في العاصمة العراقية بغداد تفضح المؤامرة عليها وتشيد بالمقاومة
الشريفة، وهو ما يؤكد أن إنتاج شعر المقاومة لم يتراجع بالكلية، ولكن تراجع
الاهتمام به ونشره من قِبل وسائل الإعلام.
تأثيرات سلبية
برأيك كيف نعيد الاهتمامات بشعر المقاومة من جانب الجهات المعنية وعلى رأسها وسائل الإعلام خصوصًا الوسائل الرسمية؟من البديهي التأكيد
على أن الأزمات التي تعاني منها العربية حاليًّا تشكل واقعًا قويًّا؛ لوجود
إنتاج غزير من الشعر العربي، غير أن تأثيرات العولمة كانت سلبية جدًّا على
الشعر، خصوصًا أن لها مؤسسات ومراكز قوية في معظم بلدان العالم العربي وهي
مؤسسات تعوق انتشار شعر المقاومة في وسائل الإعلام والمنتديات الشعرية
التقليدية التي تعاني ضغوطًا شديدة، فضلاً عن أن وسائل الإعلام سواء
الرسمية أو الفضائية تعاني نفس المشاكل حيث يتم الضغط عليها لإعاقة ما يطلق
عليه شعر المقاومة، هذه الضغوط غالبًا ما تكون من قبل الولايات المتحدة
الأمريكية، التي تستغل حاجة المعونات المالية التي تقدمها لبعض الدول
العربية لإجبار هذه الدول على الانصياع لأوامرها، وإلا واجهت مشاكل في
التسويق والإعلان وعانت حصارًا وتجفيفًا للمنابع المالية، ووصولاً إلى
الإرهاب الفكري ووضعها في القوائم السوداء.
هذه الضغوط والقيود جعلت وسائل الإعلام عاجزة عن مواكبة هموم ومشاكل
الأمة العربية المتشوقة إلى إبراز الفنون الشعرية التي تحضّ على المقاومة
التي تعتبر الأمل الوحيد لإنقاذ هذه الأمة. غير أنني لا أتوقع انزواء
تامًّا لهذا الغرض الشعري، خصوصًا أن تفعيل المقاومة في نفوس المقاومين هو
الأهم، والذي سيحافظ على المقاومة في صدارة المشهد العربي لإنقاذ هذه الأمة
من النفق المظلم الذي تواجهه منذ سنوات طويلة.
نهر دافق
من تراجع شعر المقاومة إلى قضية أخرى ألا وهي تراجع المواهب والإبداع في الساحة الشعرية؟لقد كانت المواهب
والإبداع عاملاً مهمًّا في التجربة الشعرية بشكل عامّ، وكان وجود المواهب
كالنهر الدافق وقت أن سيطرت على الشعر مدرسة واحدة هي مدرسة الشعر الموزون
المقفى؛ حيث عاش الشعر والموهبة في ساحة مهنية لتنمية وتفعيل المواهب، أما
حينما ظهرت وجهات نظر شعرية– ولا أقول مدراس– مختلفة، مثل ما يطلق عليه شعر
التفعيلة والقصيدة النثرية غير الملتزمة بالوزن والقافية، ثم تبعها ما
يعرف بشعر الحداثة الذي يعتمد على الإثارة واستخدام ألفاظ ومفاهيم غير
واضحة، بل أغلبها يصل إلى الألغاز التي يصعب على الكثيرين فهمها، ولقد
ناقشت أدونيس في إحدى المنتديات الشعرية حول هذا الأمر، ووضحت له أن سيطرة
الألغاز على الشعر غير مقبولة، وأنه لابدّ للشعر من إيصال رسالة مباشرة
للمتلقين والتأثير في وجدانهم لإيصال معنى بعينه.
ولكل هذه الأسباب نجد أن الشعر والمواهب الشعرية قد توارت، حيث لم
يَعُد مقبولاً سيادة شعر خالٍ من الموسيقى والوزن والقافية، وبالتالي قلّ
تفاعل الجماهير في المنتديات مع الشعر، ونضبت المواهب رغم أن الشعر يمثل
وزنًا قويًّا لدي المتلقين العرب، وله تأثير كبير على الثقافة العربية
يختلف كثيرًا عن التأثير في الثقافات الأخرى؛ حيث يعتبره الكثيرون معلمًا
أساسيًّا من مكونات ثقافتنا العربية.
لكن قد يرد البعض عليك بالتأكيد أن تنوع المدارس أو وجهات النظر الشعرية يخدم الشعر أكثر مما يضرّه؟
ما تقوله صحيح إذا
كانت المدارس الشعرية تتكامل ويخدم بعضها على بعض، ولكن إذا كانت هذه
المدارس تتناحر ويتحول هدف كل مدرسة هو القضاء على الأخرى، وتشويه صورتها
فالنتيجة المباشرة لذلك هو تراجع إقبال المتلقي على الشعر ومنتدياته وإيجاد
نوع من الكراهية في الشعر، وهو الأمر الذي يجعلني أدعو إلى مصالحة بين
المدارس الشعرية المختلفة بشكل يجعلها تتعاون وتتكامل في إنقاذ الشعر من
الهوّة السحيقة التي سقط فيها.
إلى زوال
ترى أن تجربة الحداثة من التجارب السلبية التي عانت منها الساحة الثقافية العربية في السنوات الأخيرة، فما مظاهر هذه السلبيات؟الحداثة شكلت وبالاً
كبيرًا على الشعر العربي التقليدي أو ما يطلق عليه الكلاسيكي الشكل
والتجديدي المضمون؛ حيث عملت الحداثة على إشاعة أجواء الخلط والغموض في
الشعر العربي، وجرّ المتلقي إلى بذل مجهود ضخم لفهم الشعر وهو في الأغلب لا
يستطيع ذلك لاستحالة فهمه، وقد بيّنت لأصحاب هذا المذهب في أكثر من مناسبة
أن مصير مدرسة الحداثة للزوال؛ نتيجةً لعدم مراعاتها لذوق المتلقي العربي
الذي يحتاج إلي معانٍ مباشرة أو شبه مباشرة، وليست غامضة وقد جاءت وجهة
النظر هذه متواكبة مع الرأي الذي خرجت به ندوة "مؤسسة البابطين" والتي
أوضحت على لسان مؤسساها عبد العزيز البابطين أن الشعر هو الموزون المقفى،
وأنه لا مستقبل لمدارس الغموض والألغاز التي أضرّت بالشعر العربي أكثر مما
نفعته، بل إنني لا أبالغ إذا أكدت أن مدارس الحداثة هي مرادف للفوضى
الخلاقة التي حاولت واشنطن الترويج لها في المنطقة وكان مصيرها الفشل في
أغلب الأحيان، كما كان مصير الحداثة.
وجهة النظر المتشائمة التي تطرحها عن مستقبل الشعر العربي يجعلنا نناشدك وضع روشتة لإصلاح هذا الوضع المعوج.. فماذا تقول؟
إصلاح الوضع مما يتعلق
بالشعر يحتاج لوقت طويل أهمها إعادة النظر في طرق تدريس الشعر في المدارس
بمختلف أنواعها في العالم العربي ووقف الأساليب التقليدية التي تدور حول
إلزام الطلاب بدارسة عدة نصوص شعرية وحفظها، إضافة إلى إشاعة نوع من التذوق
الشعري لدى الطلاب، والكشف المبكر عن المواهب عبر إعادة ضخّ الدماء في
عروق أنشطة جماعات الشعر في المدارس والجامعات فضلاً عن إعادة الاعتبار
للغة العربية التي تراجع وزنها في الفترة الأخيرة لصالح اللغات الأخرى من
فرنسية وإنجليزية، وإذا نجحت الجهود لتنفيذ هذه التوصيات فأقول مطمئنًا:
إننا في بداية الطريق لإيجاد نوع من إرهاصات العودة.
"انتحار تدرجي"
إذا كان هذا وضع الشعر فلا شكّ أن اللغة العربية تواجه مصيرًا مشابهًا له؟بكل تأكيد فسيادة
العامية وتتويج واحد من أكبر رموزها وهو عبد الرحمن الأبنودي كأفضل شاعر في
مصر يؤكد أن العربية الفصحى تواجه كارثة لدرجة أننا نقترب من مرحلة
الانهيار، ولذا فأنا أطلق صرخة لإنقاذ اللغة العربية تبدأ من جعل تدريس
اللغات في السنوات الابتدائية محصورًا على اللغة العربية فقط وعدم الخلط
بينها وبين لغات أخرى مثل الإنجليزية والفرنسية، وذلك كسبيل وحيد للحفاظ
على الهوية الثقافية العربية التي واجهت مأزقًا كبيرًا بعد حصارها من
العامية واللغات الأجنبية والعولمة والحداثة، وإن لم يتم ذلك فسوف تواجه
اللغة والثقافة العربية مستقبلاً أسود.
لعب الاستشراق دورًا سلبيًا في تاريخ الثقافة العربية فهل ترى أن هذا الدور مرشح للاستمرار؟
لا أحبّ إطلاق الأحكام
الكلية؛ فالحديث عن الاستشراق كشرٍّ كله أمر غير منطقي، فهناك مستشرقون
مخلصون ومنصفون قد خدموا الثقافة العربية ولعبوا دورًا في تفعيل العلاقة
بين الثقافة العربية والغربية باعتبارهما ثقافتين متكاملتين، بعيدًا عن
الشطط والتطرف الذي سيطر على أعمال أغلب المستشرقين الذين يجب التنبيه إلى
مخاطرهم الشديدة على اللغة والثقافة العربية والتصدي لمحاولاتهم لتذويب
الثقافة العربية وجعلها تابعًا للثقافة الغربية بشكل عام، وإذا كانت الدولة
العربية مهتمة بالحضارة الغربية وعلومها فعليها أن تنشأ مدارس ترجمة
متخصصة قادرة على إلحاقها بموكب هذه الحضارة
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: الشاعر التهامي: حتى شعر المقاومة حاربوه لكي لا ينهض العرب
الف شكر لك ويعطيك العافيه
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57272
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» استشهاد قادة المقاومة .. طريق النصر
» تدريب من الشاعر احمد موسي ليا على الكتابة
» الشاعر أحمد شوقي
» توبة الشاعر التركي رضا توفيق!
» الشاعر والمفكر الإسلامي يوسف العظم
» تدريب من الشاعر احمد موسي ليا على الكتابة
» الشاعر أحمد شوقي
» توبة الشاعر التركي رضا توفيق!
» الشاعر والمفكر الإسلامي يوسف العظم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى