الشاعر أحمد شوقي
صفحة 1 من اصل 1
الشاعر أحمد شوقي
لم ينضب معين الشعر بعد رحيل البارودي، بل تدفق عذباً جميلاً، ولم تحتضر روح التجديد التي بعثها ذلك الشاعر؛ بل قام عدد من الشعراء في مصر الكنانة يكملون مسيرة أستاذهم، فكان لإسهاماتهم الشعرية فضل كبير في ظهور تيار الإحياء.
وكان على رأس هذا التيار, عملاق من عمالقة الشعر العربي، حمل الراية، وبلغ بها الغاية, كما يقال.
والعجيب في الأمر؛ أن البارودي وشاعرنا الذي سنتحدث عنه لم يكونا عربيين، ولكنهما نفعا العربية وأهلها أكثر ممن ينتسبون إلى العروبة، وكان دافعهما إلى حب العربية وثقافتها هو الإسلام..
شاعرنا اليوم هو (أحمد شوقي) أمير الشعراء كما وصفه معاصره (حافظ إبراهيم)..
ولد أحمد شوقي في العام 1868م بمدينة القاهرة، وكانت نشأته قريباً وأثيراً من حكام مصر، ولا سيما إسماعيل باشا (الخديوي)، فهو القائل:
أأخون إسماعيل في أبنائه ولقد ولدت بباب إسماعيلا
تعلم شوقي في مدارس مصر، ومنها نهل علوم العربية، وعكف على دراسة التراث وهضمه، فكان له ما أراد.
سافر إلى فرنسا لدراسة الحقوق في مدينة "مونبيليه" وكانت نفسه تواقة إلى التجوال، فرحل إلى بريطانيا وأسبانيا والجزائر، وتأثر بالأدب المسرحي في أوربا.
شهد أحمد شوقي احتلال بريطانيا بلاد مصر 1882م، ولما يبلغ الخامسة عشرة من عمره، ثم عاصر عدداً من أولاد وأحفاد محمد علي باشا، ومن أشهرهم الخديوي توفيق وابنه عباس حلمي.
تأثر شاعرنا بالحياة الأوروبية في أثناء إقامته في فرنسا وبريطانيا؛ لكن ذلك لم يبعده عن أصالته وجذوره.
لقد خلد شعر شوقي أحداث عصره، ومات هذا العملاق وبقي فينا ديوانه الذي يعبر عن حقبة هامة من تاريخ مصر ودولة الخلافة وسائر بلاد العرب..
أليس هو القائل:
الخط يبقى زماناً بعد كاتبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفون
لم يكن شاعرنا بعيداً عما فعله الإنجليز في مصر وغيرها، وكذلك ما أجرم جيش فرنسا في الشام وغيرها، فجاء شعره مرآة صادقة لأحداث عصره، وتطرق فيه إلى جميع أغراض الشعر التقليدية والجديدة، ولم تكن الحكمة غائبة عنه ولا تاريخ مصر القديم:
ـ ما السفن في عدد الحصى بنوافع حتى يهز لواءها مقـــــدام
ـ وبنو الشمس من أعزة مصــــــر والعلوم التي بها يستضاء
بقي شوقي متدفق العاطفة والإحساس، يعيش للناس ويكافح الاستخراب، ولا سيما بعد أن ابتعد عن رجال القصر، وظل كذلك إلى أن فاضت روحه سنة 1932م.
وسأتناول في هذه الترجمة لشاعرنا ـ غرضاً من أغراضه، على أن أعود إلى الأغراض الأخرى في مقال آخر.
الغرض الأول هو: وصف الطبيعة، بما فيها من سحر وجمال، وتناسق ونظام، يتجلى هذا في صور متحركة شاخصة أو مشهد جامد صامت، اسمع ما يقول في الربيع:
آذار أقبل قم بنا يا صـــــــــاح حيّ الربيع حديقة الأرواح
ملك النبات فكــــــل أرض داره تلقاه بالأعراس والأفراح
منشورة أعلامه من أحمر قان وأبيـــــض في الربّى لمّاح
لبست لمقدمه الخمائل وشيها ومرحن في كنف له وجناح
ثم يقول عن (الشمس):
والشمس أبهى من عروس برقعت يوم الزفاف بمسجد وضاح
وأما (الورد):
الورد في سرر الغصون مفتح متقابل يثنى على الفـــــتاح
وماذا عن النسيم"
مر النسيم بصفحتيه مقبلاً مر الشفاه على خدود ملاح
ولا ينسى شاعرنا (الياسمين) وزهرة (الرمان):
والياسمين؛ لطيفة ونقية كسريرة المتنزه المسمــاح
والجلنار دم على أوراقه قاني الحروف كخاتم السفاح
وأما (النخل):
والنخل ممشوق العزوق، معصب متزين بمناطق ووشاح
والتفت شاعرنا إلى حديث النفس، في العربية:
وعلى الخواطر رقة وكآبة كخواطر الشعراء في الأتراح
إني لأذكر بالربيع وحسنه عهد الشباب وطرفه الممراح
ولم يغفل شاعرنا عن الفضاء، والماء في الوادي:
وترى الفضاء كحائط من مرمر نضدت عليه بدائع الألواح
وجرت سواق كالنوادي بالقرى رعن الشجي بأنة ونواح
تنوع الوصف عند أحمد شوقي؛ وشمل مظاهر متعددة من الحياة، ولو أردنا أن نتوسع في الحديث عن هذا الغرض، لضاقت بنا أرجاء المقالة، على أنني سأعدد بعضاً مما وصفه أحمد شوقي، غير راغب في التفصيل:
ـ وصف النيل.
ـ الأندلس.
ـ منظر طلوع البدر.
ـ منظر الشروق والغروب.
ـ الهلال.
ـ دمشق.
ـ غواصة.
ـ جسر البوسفور.
ـ طابع البريد.
ـ مسجد أيا صوفيا.
ـ رمضان.
ـ غاب بولونيا.. الخ
ومن نماذج ذلك الوصف:
يقول في الهلال:
أضاء لآدم هـــذا الهلال فكيف تقول: الهلال الوليــد
نعد عليه الزمان القريب ويحصى علينا الزمان البعيد
ويقول في البدر:
متهللاً في المـــــــاء، أبدى نصفه يسمو بها، والنصــــف كأس عار
وافى بك الأفق والسماء، فأسفرت عن قفل ماس، في سوار نضار
ونهضت، يزهو الكون منك بمنظر ضاح، ويحمـــل منك تاج فخــــار
ويقول واصفاً مشاهد الطبيعة في طريقه إلى الأستانة:
ولقد تمر على الغدير تخاله والبنت مرآة زهت بإطار
حلو التسلسل موجه وخريره كأنامل مرت على أوتار
وهاك ما قاله في قصور الأندلس:
فتجلت لي القصور ومن فيها من العز في منازل قعس
وكذلك وصف الربى:
وربى كالجنان، في كنف الزيتون خضر، وفي ذرا الكرام طلس
ويقول في النيل:
والماء تسكبه فيسبك عسجدا والأرض تغرقها فيحيا المفرق
وأختم بما وصف بها دمشق:
آمـــنت بالله واستثنيت جــــــــنته دمشق روح، وجنات، وريحــان
قال الرفاق قـــــد هــــبت خمائلها الأرض دار لها الفيحاء بســـتان
دخلتها وحواشـــــيها زمـــــــــردة والشمس في لجين الماء عقبان
والطيرح تصدح من خلف العيون وللعـــــيون كما للطــــير ألحـان
وأقبلت بالنبات الأرض مخــــتلفاً أفواقه، فهـــو أصبــــاغ وألوان
وكان على رأس هذا التيار, عملاق من عمالقة الشعر العربي، حمل الراية، وبلغ بها الغاية, كما يقال.
والعجيب في الأمر؛ أن البارودي وشاعرنا الذي سنتحدث عنه لم يكونا عربيين، ولكنهما نفعا العربية وأهلها أكثر ممن ينتسبون إلى العروبة، وكان دافعهما إلى حب العربية وثقافتها هو الإسلام..
شاعرنا اليوم هو (أحمد شوقي) أمير الشعراء كما وصفه معاصره (حافظ إبراهيم)..
ولد أحمد شوقي في العام 1868م بمدينة القاهرة، وكانت نشأته قريباً وأثيراً من حكام مصر، ولا سيما إسماعيل باشا (الخديوي)، فهو القائل:
أأخون إسماعيل في أبنائه ولقد ولدت بباب إسماعيلا
تعلم شوقي في مدارس مصر، ومنها نهل علوم العربية، وعكف على دراسة التراث وهضمه، فكان له ما أراد.
سافر إلى فرنسا لدراسة الحقوق في مدينة "مونبيليه" وكانت نفسه تواقة إلى التجوال، فرحل إلى بريطانيا وأسبانيا والجزائر، وتأثر بالأدب المسرحي في أوربا.
شهد أحمد شوقي احتلال بريطانيا بلاد مصر 1882م، ولما يبلغ الخامسة عشرة من عمره، ثم عاصر عدداً من أولاد وأحفاد محمد علي باشا، ومن أشهرهم الخديوي توفيق وابنه عباس حلمي.
تأثر شاعرنا بالحياة الأوروبية في أثناء إقامته في فرنسا وبريطانيا؛ لكن ذلك لم يبعده عن أصالته وجذوره.
لقد خلد شعر شوقي أحداث عصره، ومات هذا العملاق وبقي فينا ديوانه الذي يعبر عن حقبة هامة من تاريخ مصر ودولة الخلافة وسائر بلاد العرب..
أليس هو القائل:
الخط يبقى زماناً بعد كاتبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفون
لم يكن شاعرنا بعيداً عما فعله الإنجليز في مصر وغيرها، وكذلك ما أجرم جيش فرنسا في الشام وغيرها، فجاء شعره مرآة صادقة لأحداث عصره، وتطرق فيه إلى جميع أغراض الشعر التقليدية والجديدة، ولم تكن الحكمة غائبة عنه ولا تاريخ مصر القديم:
ـ ما السفن في عدد الحصى بنوافع حتى يهز لواءها مقـــــدام
ـ وبنو الشمس من أعزة مصــــــر والعلوم التي بها يستضاء
بقي شوقي متدفق العاطفة والإحساس، يعيش للناس ويكافح الاستخراب، ولا سيما بعد أن ابتعد عن رجال القصر، وظل كذلك إلى أن فاضت روحه سنة 1932م.
وسأتناول في هذه الترجمة لشاعرنا ـ غرضاً من أغراضه، على أن أعود إلى الأغراض الأخرى في مقال آخر.
الغرض الأول هو: وصف الطبيعة، بما فيها من سحر وجمال، وتناسق ونظام، يتجلى هذا في صور متحركة شاخصة أو مشهد جامد صامت، اسمع ما يقول في الربيع:
آذار أقبل قم بنا يا صـــــــــاح حيّ الربيع حديقة الأرواح
ملك النبات فكــــــل أرض داره تلقاه بالأعراس والأفراح
منشورة أعلامه من أحمر قان وأبيـــــض في الربّى لمّاح
لبست لمقدمه الخمائل وشيها ومرحن في كنف له وجناح
ثم يقول عن (الشمس):
والشمس أبهى من عروس برقعت يوم الزفاف بمسجد وضاح
وأما (الورد):
الورد في سرر الغصون مفتح متقابل يثنى على الفـــــتاح
وماذا عن النسيم"
مر النسيم بصفحتيه مقبلاً مر الشفاه على خدود ملاح
ولا ينسى شاعرنا (الياسمين) وزهرة (الرمان):
والياسمين؛ لطيفة ونقية كسريرة المتنزه المسمــاح
والجلنار دم على أوراقه قاني الحروف كخاتم السفاح
وأما (النخل):
والنخل ممشوق العزوق، معصب متزين بمناطق ووشاح
والتفت شاعرنا إلى حديث النفس، في العربية:
وعلى الخواطر رقة وكآبة كخواطر الشعراء في الأتراح
إني لأذكر بالربيع وحسنه عهد الشباب وطرفه الممراح
ولم يغفل شاعرنا عن الفضاء، والماء في الوادي:
وترى الفضاء كحائط من مرمر نضدت عليه بدائع الألواح
وجرت سواق كالنوادي بالقرى رعن الشجي بأنة ونواح
تنوع الوصف عند أحمد شوقي؛ وشمل مظاهر متعددة من الحياة، ولو أردنا أن نتوسع في الحديث عن هذا الغرض، لضاقت بنا أرجاء المقالة، على أنني سأعدد بعضاً مما وصفه أحمد شوقي، غير راغب في التفصيل:
ـ وصف النيل.
ـ الأندلس.
ـ منظر طلوع البدر.
ـ منظر الشروق والغروب.
ـ الهلال.
ـ دمشق.
ـ غواصة.
ـ جسر البوسفور.
ـ طابع البريد.
ـ مسجد أيا صوفيا.
ـ رمضان.
ـ غاب بولونيا.. الخ
ومن نماذج ذلك الوصف:
يقول في الهلال:
أضاء لآدم هـــذا الهلال فكيف تقول: الهلال الوليــد
نعد عليه الزمان القريب ويحصى علينا الزمان البعيد
ويقول في البدر:
متهللاً في المـــــــاء، أبدى نصفه يسمو بها، والنصــــف كأس عار
وافى بك الأفق والسماء، فأسفرت عن قفل ماس، في سوار نضار
ونهضت، يزهو الكون منك بمنظر ضاح، ويحمـــل منك تاج فخــــار
ويقول واصفاً مشاهد الطبيعة في طريقه إلى الأستانة:
ولقد تمر على الغدير تخاله والبنت مرآة زهت بإطار
حلو التسلسل موجه وخريره كأنامل مرت على أوتار
وهاك ما قاله في قصور الأندلس:
فتجلت لي القصور ومن فيها من العز في منازل قعس
وكذلك وصف الربى:
وربى كالجنان، في كنف الزيتون خضر، وفي ذرا الكرام طلس
ويقول في النيل:
والماء تسكبه فيسبك عسجدا والأرض تغرقها فيحيا المفرق
وأختم بما وصف بها دمشق:
آمـــنت بالله واستثنيت جــــــــنته دمشق روح، وجنات، وريحــان
قال الرفاق قـــــد هــــبت خمائلها الأرض دار لها الفيحاء بســـتان
دخلتها وحواشـــــيها زمـــــــــردة والشمس في لجين الماء عقبان
والطيرح تصدح من خلف العيون وللعـــــيون كما للطــــير ألحـان
وأقبلت بالنبات الأرض مخــــتلفاً أفواقه، فهـــو أصبــــاغ وألوان
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
مواضيع مماثلة
» شخصية : الشاعر أحمد شوقي - أمير الشعراء - تولف أن آر ويكي
» توبة الشاعر التركي رضا توفيق!
» عبده بدوي.. الشاعر الذي مات مظلوماً
» تدريب من الشاعر احمد موسي ليا على الكتابة
» الشاعر والمفكر الإسلامي يوسف العظم
» توبة الشاعر التركي رضا توفيق!
» عبده بدوي.. الشاعر الذي مات مظلوماً
» تدريب من الشاعر احمد موسي ليا على الكتابة
» الشاعر والمفكر الإسلامي يوسف العظم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى