أنماط الرواية العربية الجديدة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أنماط الرواية العربية الجديدة
صدر
حديثًا عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية كتاب بعنوان «أنماط الرواية
العربية الجديدة» للدكتور شكري عزيز الماضي، واشتمل الكتاب على نماذِجَ من
الروايات العربية التي ترسُم تضاريس مشهد الرواية العربية الجديدة.
والكتاب
عبارةٌ عن دراسة علمية لظاهرة الرواية العربية الجديدة التي ظَهَرَتْ
بوادرها منذ العقد الأخير من القرن الماضي وحتى يومنا هذا من خلال دراسة
نقدية تطبيقية لنماذج روائية تشمل الوطن العربي، وتهدف إلى رسم ملامح
المشهد الروائي العربي الراهن وتجسيد الفكر الروائي العربي الجديد.
كما
يُثِير الكتاب أسئلةً أدبية ونقدية مهمة، مثلما يحاول الإجابة عن أسئلة
أخرى تتصل بماهية الرواية العربية الجديدة وخصائصها وأنساقها وفلسفتها
الجمالية الخاصة، بالإضافة إلى العلاقة بين منطقها الفني ومنطوقها وعلاقتها
بنظام الواقع ونظام التوصيل.
والكتاب
بمفاهيمه ومرتكزاته وأسئلته ومنهجيته ونتائجه الجديدة يقدِّم فوائدَ
للباحث المتخصِّص، كما يُساهِم في تمكين القارئ العادي من متابعة التجارب
الروائية الجديدة وتذوقها لمعرفة فلسفتها ومحاورها بصورة أفضل.
وقد
جاء الكتاب في أحد عشر فصلاً وتصدير وخاتمة، وفي كل فصل من فصوله يقف
الكاتب بالبحث والدراسة عند اسم روائي معين أو عند عمل أو أعمال روائية
معينة.
في
بداية الكتاب يفرِّق د. شكري عزيز الماضي بين ثلاثة أنواع من الرواية
العربية هي: الرواية التقليدية، والرواية الحديثة، والرواية الجديدة،
متوقفًا بالبحث والدراسة عند تجارِب روائية جديدة متعددة في مبانيها،
متنوعة في معانيها ودلالاتها الفنية، رافضة بعنف الجماليات الروائية
السائدة.
ويرى
الدكتور الماضي أن الرواية التقليدية نتاج رؤية تقليدية للفن والإنسان
والعالم، وهي ببنائها العام وأدواتها تُعِيد إنتاج الوعي السائد، وعلى
الرغم من ذلك يجد القارئ روايات تقليدية في معظم الأقطار العربية في العقود
الأخيرة من القرن العشرين، لكنه وجود هامشي وغير مستساغ.
أما
الرواية الحديثة فقد ظهرت تلبيةً للحاجات الجمالية الاجتماعية المستجدة
دون إغفالٍ لأثر التراث من ناحية، والمؤثرات الأجنبية من ناحية ثانية، وهي
تعبير عن وعي فني متطور، وتجسيد فعلي لمفاهيم أدبية ونقدية جديدة تتصل
بوظيفة الرواية، وصلتها بالواقع و بالمتلقي.
كما
يرى أن التجديد الأدبي والفني لا يقتصر على التغيير في الأسلوب، ولا يعني
التزيين والزخرف وإضافة الأصباغ والألوان، ولا يعادل مسايرة الدرجة السائدة
في مكان آخر، بل يعني ما هو أعمق من هذا كله وأدل من هذا كله، إنه يعني
إحساس الأديب بأن الأدوات القديمة أو المألوفة لم تَعُد ناجعة في تحليل
الواقع والتفاعل معه وتفسيره وفهمه، ولهذا كان لابدَّ من البحث عن أدوات
جديدة فاعلة في هذا المضمار، أو بمعنى آخر حيازة جمالية للعالم أو بحث عن
عالم أفضل. وفي الرواية الحديثة كثيرًا ما يستخدم ضمير المتكلم بدلاً من
ضمير الغائب، أو نجد تعددًا في الرواة وتنوعًا في الضمائر، والاعتماد على
لغة إيحائية تصويرية بعيدًا عن التقرير والمباشرة.
ومهمة
الفنّ الروائي في الرواية الحديثة تَكْمُن في إثارة الأسئلة والإجابة عن
أسئلة أخرى. أما الرواية الجديدة فهي مفارقة للرواية الحديثة، ويرى الماضي
أن هزيمة عام 1967 كانت الحدّ الفاصل بين مرحلتين في حياة الرواية في الوطن
العربي، مما أدى إلى تهيئة المناخ الملائم للتمرُّد على الجماليات
الروائية المألوفة وإبداع شكل روائي جديد بعناصره وبنائه وتفاعلاته الذاتية
والموضوعية وفلسفته وقِيَمه الفنية التي يسعى إلى تجسيدها.
وعلى
ذلك فالرواية الجديدة -كما يرى الماضي- تعبير فنيٌّ عن حدّة الأزمات
المصيرية التي تواجه الإنسان؛ فعندما تتشظّى الأبنية المجتمعية ويفقد
الإنسان وحدته مع ذاته، لابدَّ من الاستناد إلى جماليات التفكك بدلاً من
جماليات الوحدة والتناغم، ومن هنا تولد الرواية الجديدة التي تفجر منطق
الحَبْكة القائمة على التسلسل والترابط أو البداية والذروة والنهاية،
وتحطيم مبدأ الإيهام بالواقعية.
واعتبر
المؤلف رواية تيسير سبول «أنت منذ اليوم» بأنها ذات لونٍ خاص وجديدة في
بنائها وأسلوبها ولغتها وهدفها، وعَدَّها من علامات الطريق في مسار الرواية
العربية، مبيّنًا أنها تميَّزت بقدرتها على تصوير أزمة من أزمات الوجود
المعاصر، ولكونها أضافت جديدًا على صعيد البِنْيَة السردية أو الشكل.
كما
يرى في رواية «الشظايا والفسيفساء» للروائي مؤنس الرزاز قدرةً على الإسهام
في ترسيخ تيار الرواية العربية الجديدة وازدهاره بإنتاجه الروائي الذي
يتصف بالغزارة والتنوع.
ثم
يسير الكتاب في تتبع دوافع الكتابة الروائية لدى الرزَّاز ومناخاته
الإبداعية وبراعته في كيفية رسم ودلالات الشخصيات في الزمان والمكان وصولاً
إلى نسيجها اللغوي.
ويضمّ
"الماضي" رواية «حارس المدينة الضائعة» إلى مختاراته من الروايات العربية؛
إذ يتوقف فيها على أسئلة أدبية ونقدية تتصل بمعنى السرد والعلاقة بين
المتخيل والواقعي وفلسفة الشكل وجماليات التلقي.
يتضمن
الكتاب العديد من الإبداعات الروائية العربية التي تغطي خريطة الوطن
العربي من المحيط إلى الخليج على غرار: «الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد
أبي النحس المتشائل» للأديب الفلسطيني إميل حبيبي، وفيها تحدث الكاتب عن
المفارقات ومجالاتها وميادينها وتوليدها في كتابات إميل حبيبي، بحيث إن
كتابات حبيبي الروائية تعرض للقضية الفلسطينية بتشابكاتها وتعقيداتها
وأبعادها؛ من حيث الدِّين والأخلاق والسياسة والتاريخ والحب والقهر
الاجتماعي والوطني والاضطهاد العنصري، و على الرغم من أن هذه القضية قد كتب
فيها الكثيرون وعنها أُلِّفت الكتب العظيمة فإن روايات حبيبي استطاعت أن
تعالج القضية من كل جوانبها وأبعادها المختلفة، دون تقصير أو استبعاد لأيٍّ
بُعد. والمفارقة في روايات "حبيبي" على مستوى الموضوع أو الشخصية فهي
محتمة التوليد والتواجُد؛ ولذلك فإن أغلب رواياته لم تخرج عن هذا النطاق.
أما
رواية «مملكة الغرباء» للبناني إلياس خوري، ورواية «النخَّاس» للتونسي
صلاح الدين بوجاه، ورواية «هليوبوليس» للمصرية مَيّ التِّلْمسانِي، وراوية
«الشمعة والدهاليز» للجزائري الطاهر وطار، ورواية «بيضة النعامة» للمصري
المقيم في هولندا رؤوف مسعد، وجميعها تبحث في التقنيات والأساليب التجريبية
المبتكرة، وعن تلك المبادئ والقيم الجمالية الكامنة في ثنايا التفاصيل
البنائية والتشكيلات اللغوية.
وبعد
جولات الكاتب في عالم هؤلاء الروائيين العرب يَخلُص إلى أنه لم ينحصر ظهور
الرواية الجديدة في بيئة عربية بعينها، بل امتدَّ ليشمل الوطن العربي
بأكمله، وأن هذه التجارب الروائية ترفض التقاليد الجمالية الراسية، وتتمرّد
على المنظومات الفكرية والأيديولوجية المألوفة، و تستند إلى مفاهيم جديدة
وفلسفة فنية خاصة، مع ملاحظة غياب البطولة وغياب البطل أو الشخصية
المحورية، ووجود حساسية خاصة تجاه الزمن، فهناك محاولات دؤوبة لكسر الزمن
أو تجميده أو نفيه.
أما
عن اللغة في هذه التجارب الروائية فتقوم بمهمات متعددة منها جذب القارئ
ودفعه إلى متابعة القراءة من خلال توليد الأسئلة والتساؤلات المستمرة،
وتعدّد المستويات اللغوية والميل إلى اللغة المكثفة والموحية واستخدام
السخرية والتهكُّم والرموز المنوعة، وغير ذلك.
ويلاحظ
الباحث أن هذه الروايات لا تضحي بقارئها، وأن فعل الكتابة لا يكتمل إلاّ
بفعل القراءة، وأن هناك مجالاً واسعًا لقراءات نقدية متعددة، وربما تأويلات
متعارضة أو متناقضة.
ويتميز
الكتاب بمنهجيته المَرِنة والمتحركة التي تناولت من خلالها الروايات. ومما
يذكر أن الدكتور شكري عزيز الماضي أكاديمي أردني متخصّص في النقد الأدبي
وعضو في تحرير مجلات علمية تصدر في الأردن مثل مجلة المنارة والبيان وأقلام
جديدة، كما أن له إنتاجاً علمياً متميزاً منه: «في نظرية الأدب» و«من
إشكاليات النقد العربي الجديد» و«الرواية العربية في فلسطين والأردن في
القرن العشرين».
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: أنماط الرواية العربية الجديدة
الف شكر لك ويعطيك العافيه
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57272
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» أنماط الشخصيات المختلفة كيف تتعامل معها؟
» المخيم في الرواية الفلسطينية
» الرواية المصرية: سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد
» د.عبد الملك آل الشيخ: الرواية السعودية كانت شاهدة على التغيرات الاجتماعية للمملكة
» تأملات في الطفولة العربية
» المخيم في الرواية الفلسطينية
» الرواية المصرية: سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد
» د.عبد الملك آل الشيخ: الرواية السعودية كانت شاهدة على التغيرات الاجتماعية للمملكة
» تأملات في الطفولة العربية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى