عمر بهاء الدين الأميري.. شاعر الإنسانية المؤمنة
صفحة 1 من اصل 1
عمر بهاء الدين الأميري.. شاعر الإنسانية المؤمنة
(رحمه الله)، لقد كان أمّة، كان الإسلام يجرى في دمه وأعصابه، ونَفَسه، فعاش شامخ الرأس، أبيّ الوجدان، كريم العطاء.. التقيتُه لأول مرة بإسلام آباد في الثمانينيات، وكان لنا لقاءات بعد ذلك في مكة المكرمة، كنا نلتقي يوميًا قبل الأصيل ومعنا الداعية الإسلامي الكبير أحمد جمال عند الركن اليماني بالحرم الشريف.
أهداني ديوانه الفاخر "نجاوى محمدية"، يومها تحدثنا عن الظلم والظالمين الذين فرضوا الحكم العسكري بسجونه وقيوده ومشانقه على الشعوب العربية، قلت له من غرائب الصدف أن (ح. ش) الذي كان عضوًا من ثلاثة حكموا بالإعدام على عدد من خيرة الإسلاميين في الخمسينيات.. ينزل في فندق (خوقير) الذي أنزل به... بل إن حجرته لصيقة بحجرتنا.
فأخرج الأستاذ عمر نسخة من ديوانه "نجاوى محمدية"، وكتب إهداءً رقيقًا لهذا العسكري، وطلب منى أن أسلمه إياه..
قلت له: ولكنه غير إسلامي، ودم الأبرياء في عنقه.
قال: لذلك أهديه الديوان، فأمثال هؤلاء في حاجة إلى التوجيه والإرشاد أكثر منا.. وقد التقيته من قبل في مصيف "قرنايل" بلبنان. إنه درس كبير تعلمته من الرجل العظيم عمر بهاء الدين الأميري.
خطوط من سجل حياته
وُلد عمر فى حلب الشهباء بسورية سنة 1336هـ (1915م) في أسرة من كرائم الأسر الحلبية: فوالده هو محمد بهاء الدين الأميري، نائب حلب في "مجلس المبعوثان العثماني"، وأمه هي "سامية الجندلية" ابنة "حسن رضا" رئيس محكمة الاستئناف في حلب.
درس المراحل التعليمية الأساسية في مدينة حلب، وفيها أتم دراسته في الآداب والفلسفة. درس الأدب وفقه اللغة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السوربون في باريس، والحقوق في الجامعة السورية في دمشق.
عمل في التعليم فتولى إدارة المعهد العربي الإسلامي في دمشق. أسهم في انطلاقة العمل الإسلامي المعاصر، واتصل بكثير من مراكزه، وتولى بعض مسئولياته.
شارك في الدفاع عن القدس مع جيش الإنقاذ، خلال حرب فلسطين عام 1379هـ (1948م). مثَّل سوريا وزيرًا، وسفيرًا في باكستان والسعودية، وكان سفيرًا في وزارة الخارجية السورية.
من مؤسسي جمعية "دار الأرقم الإسلامية" في حلب، كما أسهم في تأسيس حركة (سورية الحرة)، وكان رئيس الجانب السياسي فيها، عام (1384ه) - (1952م).
كان عضوًا في المجمع العلمي العراقي، وعضوًا في المجمع الملكي للبحوث الإسلامية في الأردن.
اهتم بقضايا الثقافة والسياسة والجهاد في أوطان العروبة والإسلام، واشترك في العديد من مؤتمراتها ومواسمها، واتصل بكبار علمائها، ورجالاتها، ومؤسساتها.
دُعِيَ إلى المغرب عام 1386هـ أستاذًا لكرسي "الإسلام والتيارات المعاصرة"، في دار الحديث الحسنية بالرباط، واستمر في العمل خمسة عشر عامًا، كما درّس الحضارة الإسلامية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس.
دُعِيَ أستاذًا زائرًا ومحاضرًا في جامعات الرياض، والإمام محمد بن سعود الإسلامية، والملك فيصل، والملك عبد العزيز في السعودية، وجامعات الأزهر، والجزائر، والكويت، وصنعاء، وقطر، والجامعة الأردنية في عمان، وجامعة الإمارات العربية في العين، وعدد من الجامعات الإسلامية في باكستان، وتركيا، وأندونيسيا.
نطق بالشعر وهو طفل صغير. يتكلم التركية والأوردية والفرنسية، ويلم بلغات أخرى. له عشرات من الدواوين والكتب المطبوعة، وعشرات أخرى تنتظر الطبع.
من دواوينه الشعرية:
مع الله - ألوان طيف - أب - أمى - من وحى فلسطين - أشواق وإشراق - ملحمة النصر - حجارة من سجيل - قلب ورب - رياحين الجنة - الزحف المقدس - نجاوى محمدية - أذان الفجر.
ومن كتبه المطبوعة:
1 - الإسلام في المعترك الحضاري.
2 - المجتمع الإسلامي والتيارات المعاصرة.
3 - في رحاب القرآن (الحلقة الأولى: في غار حراء).
4 - في رحاب القرآن (الحلقة الثانية: عروبة وإسلام).
5 - في رحاب القرآن (الحلقة الثالثة: وسطية الإسلام وأمته في ضوء الفقه الحضاري).
ومن كتبه التي جمعت بين التاريخ والفكر والشعر:
1 - صفحات ونفحات.
2 - لقاءان في طنجة.
وبعد أن قدم للإسلام والمسلمين والفكر الإسلامي والعروبي هذه الأعطيات الثرية اشتد عليه المرض، ففاضت روحه إلى بارئها في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية سنة 1413هـ - 1992م.
الشاعر المفكر الداعية
يقول عنه الدكتور يوسف القرضاوي: «... كان الأميري في المقام الأول شاعرًا.. شاعرًا بموهبته، وشاعرًا بممارسته، ولكنه ليس شاعرًا سائبًا، إنه شاعر ذو رسالة، فليس الشعر عنده آلة لمديح الأمراء أو الكبراء، ولا لهجاء الخصوم والأعداء، ولا أداة للتعبير عن الغرائز الهابطة، إنه شاعر الإنسانية المؤمنة - كما يحلو له أن يعبر عن نفسه، أو يعبر عنه عارفوه، ومن يكتب عنه".
وفى هذا السياق نشير إلى أن الشاعر كان يحب دائمًا أن يلقب بشاعر "الإنسانية المؤمنة"، وهو تلقيب بالقيمة لا بالمكان كشاعر النيل (حافظ إبراهيم)، وشاعر القطرين (خليل مطران)، ولا بالمكانة الأدبية: كأمير الشعراء (أحمد شوقي)، فآثر لقب شاعر الإنسانية المؤمنة، وقد يخطر للقارئ سؤال اعتراضي مؤداه: ألا يعتبر وصف الإنسانية بالإيمان تزيّدا، أو فضلة لا قيمة لها؟!
وأعتقد أن هذا التحديد الوصفي جاء لينفى أن تكون الإنسانية بمفهومها الدارج، أو مفهومها الذي لا يخلو من الزيف والادعاء... كادعاء الحكومة الأمريكية البوشية بأن قواتها ما زالت في العراق لأسباب، ودوافع إنسانية.
فالإنسانية عند الأميري ليس لها إلا الوجه الإيماني المشرق، وهى إنسانية بمفهومها الشامل السوي، وهى تاريخيًا تمثل نخاع ديننا، وعمليًا انعكست في منظومة العلائق التي تربط بين المسلمين، وانعكست كذلك في طبيعة تعاملهم مع الشعوب الأخرى، وكان للمشركين فيها نصيب، يقول تعالى: {وإن أحدٌ من المشركينَ استجَارك فأجرهُ حتى يسمعَ كلامَ اللهِ ثم أبلغْهُ مأمَنَهُ} (التوبة: 6).
فلا عجب أن يكون للأميري في قلب كل من عرفه مكان رحيب، يقول الدكتور القرضاوي: "... وقد كان الرجل محبَّبًا لطلابه وطالباته، لما يحمله بين جنبيه من رقة طبع، ودماثة خلق، وسعة أفق، وتجربة واسعة في الحياة، وما يحمله في جعبته من طرائف أدبية، ونوادر اجتماعية وسياسية".
الفقه الحضاري
عرفنا أن الأميري ابتداء من سنة 1386هـ، وعلى مدى خمسة عشر عامًا، كان يقوم بتدريس مادة "الإسلام والتيارات المعاصرة" في دار الحديث الحسنية بالرباط، كما درَّس "الحضارة الإسلامية" في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس.
وكان يقوم بتدريس هذه المادة في الجامعات العربية والإسلامية التي يُدعى إليها أستاذًا زائرًا. وكان دائمًا يدعو إلى فكرته في (الفقه الحضاري) الذي يفتقر إليه المسلمون في هذا العصر، بجوار الفقه التقليدي الذي يُعْنَى بمعرفة الأحكام الشرعية المستنبَطة من أدلتها التفصيلية، وهذا الفقه التقليدي هو الذي تُعْنَى به كليات الشريعة والحقوق، وتقوم عليه مجامع الفقه الإسلامي المعروفة.
وقد تبنَّى (رحمه الله) هذه المادة وقام بتدريسها، وعرض خطوطها وأبعادها - تنظيرًا وتطبيقًا - في الكتب التي أصدرها، وذكرنا بعضها آنفًا، وفى هذه الطروحات نراه يؤمن إيمانًا وثيقًا بأن المسلمين قدموا للعالم عطاء حضاريًا في شتى المجالات، علميًا وأدبيًا وفلسفيًا واجتماعيًا وفنيًا، وهذا العطاء لم يفقد قدرته، وعوامل خلوده، بل هو قدير على الحلول محل المعطيات الحضارية الغربية، وكل ما يحتاجه إيمان أهله به من ناحية، والعمل على تجديده، وإبرازه في الثوب الذي يناسب العصر، مع ترسيخ الثوابت، وتدريس المادة في كل الجامعات الإسلامية والعربية، من ناحية أخرى.
ومن عَجَبٍ أن نجد أناسًا من جلدتنا، ويتكلمون لساننا، ينكرون قيمة الحضارة الإسلامية، ويدعون إلى أن نفتح عقولنا وقلوبنا وبلادنا لكل ما هو غربي، ولا كذلك العُدُول من كُتَّاب الغرب ومفكري الأديان الأخرى فالألمانية "زيغريد هونكه" تؤكد أن أوروبا تعرفت بواسطة العرب على أهم آثار القدامى، وبفضل ترجماتهم للمخطوطات اليونانية، وتعليقاتهم عليها، وبفضل آثارهم الفكرية الخاصة أدخلت إلى العالم الجرماني روح التفكير العلمي والبحث العلمي.."
أهداني ديوانه الفاخر "نجاوى محمدية"، يومها تحدثنا عن الظلم والظالمين الذين فرضوا الحكم العسكري بسجونه وقيوده ومشانقه على الشعوب العربية، قلت له من غرائب الصدف أن (ح. ش) الذي كان عضوًا من ثلاثة حكموا بالإعدام على عدد من خيرة الإسلاميين في الخمسينيات.. ينزل في فندق (خوقير) الذي أنزل به... بل إن حجرته لصيقة بحجرتنا.
فأخرج الأستاذ عمر نسخة من ديوانه "نجاوى محمدية"، وكتب إهداءً رقيقًا لهذا العسكري، وطلب منى أن أسلمه إياه..
قلت له: ولكنه غير إسلامي، ودم الأبرياء في عنقه.
قال: لذلك أهديه الديوان، فأمثال هؤلاء في حاجة إلى التوجيه والإرشاد أكثر منا.. وقد التقيته من قبل في مصيف "قرنايل" بلبنان. إنه درس كبير تعلمته من الرجل العظيم عمر بهاء الدين الأميري.
خطوط من سجل حياته
وُلد عمر فى حلب الشهباء بسورية سنة 1336هـ (1915م) في أسرة من كرائم الأسر الحلبية: فوالده هو محمد بهاء الدين الأميري، نائب حلب في "مجلس المبعوثان العثماني"، وأمه هي "سامية الجندلية" ابنة "حسن رضا" رئيس محكمة الاستئناف في حلب.
درس المراحل التعليمية الأساسية في مدينة حلب، وفيها أتم دراسته في الآداب والفلسفة. درس الأدب وفقه اللغة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السوربون في باريس، والحقوق في الجامعة السورية في دمشق.
عمل في التعليم فتولى إدارة المعهد العربي الإسلامي في دمشق. أسهم في انطلاقة العمل الإسلامي المعاصر، واتصل بكثير من مراكزه، وتولى بعض مسئولياته.
شارك في الدفاع عن القدس مع جيش الإنقاذ، خلال حرب فلسطين عام 1379هـ (1948م). مثَّل سوريا وزيرًا، وسفيرًا في باكستان والسعودية، وكان سفيرًا في وزارة الخارجية السورية.
من مؤسسي جمعية "دار الأرقم الإسلامية" في حلب، كما أسهم في تأسيس حركة (سورية الحرة)، وكان رئيس الجانب السياسي فيها، عام (1384ه) - (1952م).
كان عضوًا في المجمع العلمي العراقي، وعضوًا في المجمع الملكي للبحوث الإسلامية في الأردن.
اهتم بقضايا الثقافة والسياسة والجهاد في أوطان العروبة والإسلام، واشترك في العديد من مؤتمراتها ومواسمها، واتصل بكبار علمائها، ورجالاتها، ومؤسساتها.
دُعِيَ إلى المغرب عام 1386هـ أستاذًا لكرسي "الإسلام والتيارات المعاصرة"، في دار الحديث الحسنية بالرباط، واستمر في العمل خمسة عشر عامًا، كما درّس الحضارة الإسلامية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس.
دُعِيَ أستاذًا زائرًا ومحاضرًا في جامعات الرياض، والإمام محمد بن سعود الإسلامية، والملك فيصل، والملك عبد العزيز في السعودية، وجامعات الأزهر، والجزائر، والكويت، وصنعاء، وقطر، والجامعة الأردنية في عمان، وجامعة الإمارات العربية في العين، وعدد من الجامعات الإسلامية في باكستان، وتركيا، وأندونيسيا.
نطق بالشعر وهو طفل صغير. يتكلم التركية والأوردية والفرنسية، ويلم بلغات أخرى. له عشرات من الدواوين والكتب المطبوعة، وعشرات أخرى تنتظر الطبع.
من دواوينه الشعرية:
مع الله - ألوان طيف - أب - أمى - من وحى فلسطين - أشواق وإشراق - ملحمة النصر - حجارة من سجيل - قلب ورب - رياحين الجنة - الزحف المقدس - نجاوى محمدية - أذان الفجر.
ومن كتبه المطبوعة:
1 - الإسلام في المعترك الحضاري.
2 - المجتمع الإسلامي والتيارات المعاصرة.
3 - في رحاب القرآن (الحلقة الأولى: في غار حراء).
4 - في رحاب القرآن (الحلقة الثانية: عروبة وإسلام).
5 - في رحاب القرآن (الحلقة الثالثة: وسطية الإسلام وأمته في ضوء الفقه الحضاري).
ومن كتبه التي جمعت بين التاريخ والفكر والشعر:
1 - صفحات ونفحات.
2 - لقاءان في طنجة.
وبعد أن قدم للإسلام والمسلمين والفكر الإسلامي والعروبي هذه الأعطيات الثرية اشتد عليه المرض، ففاضت روحه إلى بارئها في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية سنة 1413هـ - 1992م.
الشاعر المفكر الداعية
يقول عنه الدكتور يوسف القرضاوي: «... كان الأميري في المقام الأول شاعرًا.. شاعرًا بموهبته، وشاعرًا بممارسته، ولكنه ليس شاعرًا سائبًا، إنه شاعر ذو رسالة، فليس الشعر عنده آلة لمديح الأمراء أو الكبراء، ولا لهجاء الخصوم والأعداء، ولا أداة للتعبير عن الغرائز الهابطة، إنه شاعر الإنسانية المؤمنة - كما يحلو له أن يعبر عن نفسه، أو يعبر عنه عارفوه، ومن يكتب عنه".
وفى هذا السياق نشير إلى أن الشاعر كان يحب دائمًا أن يلقب بشاعر "الإنسانية المؤمنة"، وهو تلقيب بالقيمة لا بالمكان كشاعر النيل (حافظ إبراهيم)، وشاعر القطرين (خليل مطران)، ولا بالمكانة الأدبية: كأمير الشعراء (أحمد شوقي)، فآثر لقب شاعر الإنسانية المؤمنة، وقد يخطر للقارئ سؤال اعتراضي مؤداه: ألا يعتبر وصف الإنسانية بالإيمان تزيّدا، أو فضلة لا قيمة لها؟!
وأعتقد أن هذا التحديد الوصفي جاء لينفى أن تكون الإنسانية بمفهومها الدارج، أو مفهومها الذي لا يخلو من الزيف والادعاء... كادعاء الحكومة الأمريكية البوشية بأن قواتها ما زالت في العراق لأسباب، ودوافع إنسانية.
فالإنسانية عند الأميري ليس لها إلا الوجه الإيماني المشرق، وهى إنسانية بمفهومها الشامل السوي، وهى تاريخيًا تمثل نخاع ديننا، وعمليًا انعكست في منظومة العلائق التي تربط بين المسلمين، وانعكست كذلك في طبيعة تعاملهم مع الشعوب الأخرى، وكان للمشركين فيها نصيب، يقول تعالى: {وإن أحدٌ من المشركينَ استجَارك فأجرهُ حتى يسمعَ كلامَ اللهِ ثم أبلغْهُ مأمَنَهُ} (التوبة: 6).
فلا عجب أن يكون للأميري في قلب كل من عرفه مكان رحيب، يقول الدكتور القرضاوي: "... وقد كان الرجل محبَّبًا لطلابه وطالباته، لما يحمله بين جنبيه من رقة طبع، ودماثة خلق، وسعة أفق، وتجربة واسعة في الحياة، وما يحمله في جعبته من طرائف أدبية، ونوادر اجتماعية وسياسية".
الفقه الحضاري
عرفنا أن الأميري ابتداء من سنة 1386هـ، وعلى مدى خمسة عشر عامًا، كان يقوم بتدريس مادة "الإسلام والتيارات المعاصرة" في دار الحديث الحسنية بالرباط، كما درَّس "الحضارة الإسلامية" في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس.
وكان يقوم بتدريس هذه المادة في الجامعات العربية والإسلامية التي يُدعى إليها أستاذًا زائرًا. وكان دائمًا يدعو إلى فكرته في (الفقه الحضاري) الذي يفتقر إليه المسلمون في هذا العصر، بجوار الفقه التقليدي الذي يُعْنَى بمعرفة الأحكام الشرعية المستنبَطة من أدلتها التفصيلية، وهذا الفقه التقليدي هو الذي تُعْنَى به كليات الشريعة والحقوق، وتقوم عليه مجامع الفقه الإسلامي المعروفة.
وقد تبنَّى (رحمه الله) هذه المادة وقام بتدريسها، وعرض خطوطها وأبعادها - تنظيرًا وتطبيقًا - في الكتب التي أصدرها، وذكرنا بعضها آنفًا، وفى هذه الطروحات نراه يؤمن إيمانًا وثيقًا بأن المسلمين قدموا للعالم عطاء حضاريًا في شتى المجالات، علميًا وأدبيًا وفلسفيًا واجتماعيًا وفنيًا، وهذا العطاء لم يفقد قدرته، وعوامل خلوده، بل هو قدير على الحلول محل المعطيات الحضارية الغربية، وكل ما يحتاجه إيمان أهله به من ناحية، والعمل على تجديده، وإبرازه في الثوب الذي يناسب العصر، مع ترسيخ الثوابت، وتدريس المادة في كل الجامعات الإسلامية والعربية، من ناحية أخرى.
ومن عَجَبٍ أن نجد أناسًا من جلدتنا، ويتكلمون لساننا، ينكرون قيمة الحضارة الإسلامية، ويدعون إلى أن نفتح عقولنا وقلوبنا وبلادنا لكل ما هو غربي، ولا كذلك العُدُول من كُتَّاب الغرب ومفكري الأديان الأخرى فالألمانية "زيغريد هونكه" تؤكد أن أوروبا تعرفت بواسطة العرب على أهم آثار القدامى، وبفضل ترجماتهم للمخطوطات اليونانية، وتعليقاتهم عليها، وبفضل آثارهم الفكرية الخاصة أدخلت إلى العالم الجرماني روح التفكير العلمي والبحث العلمي.."
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51256
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
مواضيع مماثلة
» تأثير اللون في أعماق النفس الإنسانية
» عبدالحميد الديب.. شاعر الفكاهة والبؤس!
» شاعر المقاومة الفلسطينية صلاح جلال يرثي نفسه!
» شاعر سعودي يطلب من رغد صدام(؟؟؟)
» خربشات شاعر / نديم العين
» عبدالحميد الديب.. شاعر الفكاهة والبؤس!
» شاعر المقاومة الفلسطينية صلاح جلال يرثي نفسه!
» شاعر سعودي يطلب من رغد صدام(؟؟؟)
» خربشات شاعر / نديم العين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى