شبكة و منتديات تولف أن آر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حوار تربوي مع زوجة الشهيد: نظير اللوقة

اذهب الى الأسفل

حوار تربوي مع زوجة الشهيد: نظير اللوقة Empty حوار تربوي مع زوجة الشهيد: نظير اللوقة

مُساهمة من طرف علاء الدين السبت فبراير 02, 2013 3:20 pm

في حي التفاح بمدينة غزة: أبصر النور من عتمة رحم أمه بتاريخ السادس والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول عام 1956، وبعد هذا التاريخ باثنين وخمسين عاماً ويوم فقط: رحل نظير اللوقة شهيداً بينما كان يؤدي مهمة إصلاح ذات البين في قصف على إحدى مراكز الشرطة بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.

إلى السعودية: حيث كان الأب يعمل، انتقل مع أمه وشقيقه الأكبر وهناك رافق والدته في موسم عمرة وحج امتد ستة أشهر، خلالها حدث له موقف طريف، حيث قامت والدته بوضع رأسه في فتحة الحجر الأسعد؛ استبشرت حينها أنه سيكون صاحب علم ودين، وكان كما تمنت فجاهد من أجل إصلاح ذات البين بين المتخاصمين واجتهد في إنفاق مال الله في سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمته في بيوت يذكر فيها اسمه فعمَّر المساجد، وأخيراً كانت العودة بعد ثلاث سنوات إلى قلعة الجنوب رفح حيث عاش بعضاً من مراحل طفولته وشبابه فيها إلى أن رحل شهيداً في أول أيام الحرب على غزة في السابع والعشرين من ديسمبر 2008م الماضي.
رحل الرجل وظلت أعماله تعطر ذكراه، فعلى امتداد عمره بلغ العديد من المراحل في الجهاد والاجتهاد والإنفاق مما وهبه الله في سبيله ولإعلاء كلمته جل وعلا.

نبين بعضاً من تفاصيلها في سياق الحوار التالي لـ" لها أون لاين " مع زوجته أم خليل اللوقة، تابع معنا..

للعين أن تدمع على ذكرى حبيبٍ مودع، وللقلب أن يعتصر ألماً على فراق سيطول أبداً إلى حين لقاء آخر في جنة بإذن الباري المتعالي.
وللنفس أن تهيم شوقاً ترقب في المنام رؤيا تطمئن على مصير الرفيق بعد الممات.

غير أن أم خليل اللوقا زوجة الشهيد الداعية: نظير اللوقا حجرت في عينها الدموع؛ وليس ذلك إلا رضا بقدر الله واطمئناناً لمصير الزوج بعدما شرفه الله بشهادة حين كان يصلح بين متخاصمين في أحد مراكز الشرطة التي أغارت عليها طائرات الحرب الإسرائيلية بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.
بعد الممات يبقى للإنسان في القلب أمنية أن يكون اللقاء قريباً بعودة الغائب طيفاً خفيفاً يرقب عن بعد يحذر.. يوجه يحنو ويطبب الجروح والآلام.
أم خليل علاقتها بزوجها الشهيد نظير اللوقة جعلت أمنياتها تنصب على أن يكون أولادها نسخة مكررة عنه في دينه وأخلاقه وحب الناس له وحبه للخير والعمل النافع لدينه ودنياه وعاقبة أمره.

حنان واحترام وخدمة الناس:
عن تفاصيل حياتها معه تسوق بعض المواقف التي تبرز حنوه عليها واحترامه وتقديره، تقول "كان نعم الزوج ونعم الأب لأبنائه ونعم الابن البار بوالديه" مشيرة إلى أن بداية حياتها معه كانت في كنف العائلة فشهدت تعامله مع والديه وأشقائه تذكر أنه حين يؤلم والدته بتصرف ولو بسيط يجافي النوم عيناه ولا يستطيع أن يغمض جفنيه إلا إذا راضاها ورضيت هي عنه وكذلك الشقيقات.
لافتة إلى أنها تعلمت منه الإحسان للأهل والبر بهما وتتمنى أن تكون ذريتها جميعها كشيمة الأب بارين محافظين على علاقاتهم الأسرية، وتضيف :"حياته الاجتماعية كانت مختلفة جلها لخدمة الناس والإصلاح بين المتخاصمين " .


استثمار الوقت:

مشيرة أن ذلك الوقت على الرغم من قلته؛ إلا أنه كان مباركاً، كان يستغل كل دقيقة فيه لإسعاد أسرته و تلبية متطلباتها واحتياجاتها الإنسانية والاجتماعية والمادية.

فلم يشغله عمله عن بيته مؤكدة أنه كان حريصاً على أن تكون أسرته أسرة نموذجية في كل شيء، في العلم والأخلاق والتدين والالتزام والسمعة الطيبة.

تربية الأبناء:
تقول:"كان نظير اللوقة يغرس في نفوس أطفاله القيم والعقائد ليشبوا متمسكين بها يسيروا على نهجه وخطاه، في المسجد يتابع حفظ أطفاله للقرآن الكريم ويهتم بصلاتهم حتى أن آخر كلماته كانت "أيقظي الأولاد وتأكدي أنهم استفاقوا لأداء الصلاة" وفي المدرسة كان يهتم بتحصيلهم للدرجات العليا ليشبوا متحصنين بالعلم النافع والدين القيم والقرآن الحكيم الذي يعدل مسارات سلوكهم كلما عصفت بهم مغريات الحياة العصرية.

لأسرته نصيب من وقته:
بسبب عمله التطوعي في مجال الإصلاح: كان وقته مشغولاً منذ ساعات الصباح، حتى ساعة متأخرة من الليل، فقط يئوب إلى بيته للاطمئنان على حال أسرته حين يغلي الشوق بقلبه لأطفاله يغمرهم بقبلة على جباههم وهم نيام، تقول زوجته:" فرغ الشيخ حياته للناس كان يحمل همومهم حتى لو نظرت لعينيه تجد هموم الناس وقضاياهم ساكنة فيها، لكنه بذلك سعيد.. فرح" وتضيف :" سر سعادته كانت في مساعدة الآخرين بحل مشكلاتهم وتقدم العون لهم بأي وسيلة ممكنة.

الزوج والأب المثالي:
وعلى الرغم من انشغاله إلا أنه: كان زوجاً نظير اللوقة مثالياً تماماً كما كان أباً مثالياً، لم يكن متسلطاً بل حنوناً يعبر عن حبه بوسائله الخاصة بالهدية للزوجة والمتابعة والحنو للأبناء، تقول:" قبل استشهاده بأيام أهداني كتاب جميل قال أنه ينفعني في تدريس الأطفال، حقاً كان كتاب ممتع جداً ورائع" وأضافت :"على صعيد الاهتمام بالترفيه للأولاد لم يحرمنا من شيء بل كان يجتهد في تلبية رغباتنا بالإضافة إلى إفراد وقت مخصص للترفيه عنا فنخرج في رحلات بحرية"، وهناك يتصرف كأي أب يداعب أولاده بمياه الشاطئ وإذا رأى أحدهم يخاف أمواج البحر؛ يدخل معه يعلمه السباحة، ويكون جانبه يحميه من عصف موجة غادرة فيفرح الأطفال كثيراً.
وفي المناسبات لا يقصر بشراء الهدايا الرمزية للأهل والأقارب؛ فالهدية عنوان تواصل القلوب ودليل المحبة عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا".

الصلاة أولاً والبقية تأتي:
أحياناً قد تستعجل الوقت ليمر سريعاً لتنهي مهمة موكلة إليك وأحياناً أخرى توقفه من أجل أداء فريضة أعظم ومقدراها عند الله أكبر من إنجاز أي مهمة أخرى في دنيا فانية، كذلك كان الحال لدى الشيخ نظير اللوقا يوقف الوقت من أجل ألا يضيع فريضة وليس وحده بل زوجته أيضاً.
تشير إلى أن هناك مواقف كثيرة تخلد بذاكرتها لزوجها الشهيد إلا أن مواقفه مع الصلاة كانت الأكثر قرباً على لسانها وقلبها ووجدانها سريعاً ما تطفق إلى لسانها لتبوح بها.
ففي إحدى المرات كانت برفقة زوجها في زيارة لأحد الأقارب في جباليا، تقول:"وقتها كنت أستعجل الوقت لأنهي الزيارة وأعود إلى أطفالي لكن زوجي أوقف الوقت حينها" الشهيد أيقن في الطريق آذان المغرب فلم يستطع المسير خطوة أوقف السيارة وحين سألته الزوجة عن السبب؟ أجاب بأن الصلاة أولى وأوجب عند الله، وتتابع يومها صلينا في مسجد صلاح الدين هو في مصلى الرجال وبحث لي عن مصلى للنساء لأؤدي الصلاة، مشيرة أن ذلك الحدث تكرر معها في رمضان حيث كانا في زيارة عائلية وفي الطريق أيقن آذان العشاء، تقول: أوقفنا المشوار حتى أنهينا يومها صلاة العشاء والتراويح في مسجد خليل الوزير، ومن ثمَّ استكملنا الطريق لأداء زيارة الأرحام، مشيرة أن الحادث كان كثيراً ما يتكرر, ولا يمنعه عن إيقاف السيارة والصلاة شيء فالصلاة أولاً ومن ثمّ تأتي بقية الأعمال مهما كانت أهميتها ومساحة وقتها محدودة.

يؤثرون على أنفسهم:
نادراً ما تجد في زمن المصالح الشخصية أحداً يقدم مصلحة الآخرين على مصلحته، تشير أم خليل أن زوجها لم يكن أبداً موظفاً في أي حكومة لا حكومة فتح ولا حكومة حماس الحالية؛ بل كان عمله في لجان الإصلاح عمله طوعياً أحبه وشغل به جل وقته حيث كانت أسعد لحظاته حين يصح متخاصمين ويعيد حبل الوصال بينهم.
وتلفت الزوجة أن الشهيد نظير اللوقة حاول الحصول على وظيفة في وزارة الأوقاف في حكومة فتح السابقة فقدم طلباً ومجموعة من رفاقه للاعتماد المالي والتفريغ للعمل في وزارة الأوقاف؛ إلا أن الاعتماد المالي لم يأت إلا له، وما كان منه إلا الرفض وتكرر الموقف أيضاً في الحكومة الحالية، جاء الاعتماد له فقط من دون رفاقه؛ فرفض أن يذهب للعمل، وفضل البقاء في عمله التطوعي.
تؤكد الزوجة أنها لم تحاول إقناعه بإيثار نفسه على الآخرين بل شجعته أن يفعل ما يريح ضميره، فكان الرفض هو ما أراحه رغم الاتصالات الكثيفة للموافقة، وفضل أن يكون في خدمة الناس طوعاً وينال الأجر والثواب من الله.

قلبه معلق بالمساجد:
قد يفرحك أن ترى ابنك أنهى الثانوية العامة بنجاح أو أضحى رب أسرة وصاحب مسؤولية. لكن ما كان يفرح الشيخ الشهيد أن ينجز عملاً تطويراً في مسجد أو يبني حجراً فوق حجر فيه حتى يكتمل بناؤه ويعمر بالذاكرين لاسم الله.

تقول أم خليل:" كان قلب نظير اللوقة معلقا بمسجد بلال بن رباح وقت فراغه كان يقضيه فيه، يتفقد أروقته المكتبة ومصلى النساء ومصلى الرجال، حتى إذا ما شعر بنقص فيه اجتهد في توفيره" وتضيف حبه وتعلقه بمسجد بلال بن رباح؛ لأنه بناه بساعديه حجراً حجر، وعانى في مراحل بنائه خاصة في وقت الحاكم العسكري الصهيوني الذي كان حيناً يسمح ويصدر التصريح بالبناء، وحيناً آخر يمنع التصريح بالبناء. لافتة إلى أن المسجد يضم ثلاثة طوابق، الأول: للرجال، الثاني: للنساء. الثالث: مكتبة كبيرة تنفع طلاب الجامعات، تحتوى على كافة الكتب الثقافية والدينية والتاريخية، مشيرة إلى أنه اهتم ببناء المساجد؛ فساهم في بناء مسجد سعد بن أبي وقاص، وكلما هم ببناء مسجد تجده ملك الدنيا بيده، والابتسامة تغمر وجهه والرضا يفيض من قلبه وكذلك الحال يساوره كلما ساعد الفقراء والأيتام والمحتاجين.

أب وصديق للفقراء
ليس الإصلاح بين المتخاصمين مهمته فقط، بل أيضاً اجتهد في مساعدة الفقراء والمحتاجين والمعوزين ليس بالمال فقط وما تجود به النفس، بل أيضاً بالاهتمام والرعاية.
تؤكد زوجته أن مساعدته للفقراء لم تقتصر على مد يد العون لهم بالمال، بل اهتم بهم اجتماعياً. فكان لهم الأب والصديق المواظب على زيارتهم وكأنهم أرحاماً له، مشيرة إلى أن ذلك زاد من حصيلة الملتفين والمحبين له، وأيده كثيراً فكان لا يغلق بابه في وجه أحد.
وفي ذات الوقت: حرص على تواصل أسرته مع أسر الفقراء؛ لتكون العلاقة في إطار إنساني اجتماعي، تقول:" كثيراً ما كان نظير اللوقة يصطحبني لزيارة الأسر المعوزة؛ لإيمانه أن الإحسان لا يكون بالمال فقط، بل بالمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة والرعاية لمن لا راعي له لتسود قيم المحبة والتآخي بدلاً من الحنق والحسد.

علاء الدين
عضو Golden
عضو Golden

عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51204
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى