شبكة و منتديات تولف أن آر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تراث المدن الإسلامية

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

 تراث المدن الإسلامية  Empty تراث المدن الإسلامية

مُساهمة من طرف علاء الدين الثلاثاء فبراير 05, 2013 4:39 am

 تراث المدن الإسلامية  1_2009107_7498

صَدَر
حديثًا للدكتور خالد عزب –مدير الإعلام بمكتبة الإسكندرية- كتابٌ تحت
عُنوان "تراث المدن الإسلامية" في سلسلة كتاب الهلال التي تصدر شهريًّا عن
دار الهلال المصرية، والكتاب محاولةٌ لإعمال العقل لربط تراث المدن
الإسلامية شكلًا ومضمونًا، فالدراسات عادةً حينما تتناول عمارة المدن أو
تخطيطها تأخذ طابعًا جافًّا، مما يجعل الكثيرين يعزفون عن قراءتها،
وبالتالي لا توجد ثقافةٌ واسعةٌ لأهميةِ هذه المدنِ وتراثها.


والكتابُ
امتدادٌ لمحاولات المؤلف المستمرة لسَبْرِ أغوار المدن الإسلامية
وعمارتها، ومحاولةٌ لربط تراث المدن الإسلامية من حيث الشكل والمضمون
والمكونات ببعضه البعض، منذ أن بدأها قبل ما يقرب من عشرين عامًا، حين
تناول في أطروحته للماجستير فقه العمارة الإسلامية.


جاء
الكتاب في أربعة فصول تناول الفصل الأول البحث عن جذور تخطيط المدن
الإسلامية وعمارتها في المدينة المنورة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم؛
فعندما استقرَّ صلى الله عليه وسلم في المدينة قام بتحديد الوظائف الأساسية
للمكان، ومنها محورية المسجد الجامع، وبساطة وفاعلية المسكن، والسوق ودور
الضيافة وغيرها، وهو ما يعني أن هناك أُسُسًا وضعت منذ فترة مبكِّرة للمدن
الإسلامية، قامت على استيعاب تراث السابقين وتقديم الجديد الذي يتلاءم مع
روح الدين الإسلامي وقيمه.


أما
الفصلُ الثاني فقد تناول فيه الدكتور خالد عزب المدينة في التراث العلمي
الإسلامي مُبَيِّنًا أحوال الإنسان في الاجتماع والأسباب الموحية لاتِّخاذ
المدن، حيث بيَّن أن الاجتماع الإنساني فطرة مجبول عليها الإنسان للحصول
على منافعه في الدنيا والآخرة، بدأت بالعجز الفطريّ الذي دفع إلى الخضوع
للخالق ومن ثَمَّ البحث عن الرزق، ثم التعاون لسدِّ حاجات البعض للبعض،
لتنتهي إلى اتخاذ المدن، وهي الصورة الإنسانية للاستقرار الموَقَّت الذي
يدوم بدوام الحياة وينتهي عندما يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها.


كما
اهتمَّ أيضًا بالتعرُّف إلى أهمية المدينة عند علماء الحديث، فحينما تذكر
مدينة بمعالمها يُذكر معها علماء الحديث بها وطبقاتهم، أما الفقهاء فقد
اهتموا بأحكام البناء، كما كان لهم دور كبير في صياغة أحكام الأوقاف التي
كان لها دور فاعل في نموّ المدن.


كما
بَيَّنَ المؤلف في هذا الفصل رؤيةَ الجغرافيين المسلمين للمدينة، وأشار
إلى أنهم درسوا المدن وَفْقَ قالبين منهجيَّيْن: الأول منهج دراسة المدن من
الخارج، والثاني منهج دراسة المدن من الداخل، ويندرج تحت المنهج الأول كتب
الزيوج والجداول الجغرافية، وهي الكتب التي تحدِّد مواقع المدن باستخدام
خطوط الطول ودوائر العرض.


أما
منهج دراسة المدن من الداخل فيندرج تحت كتب الخطط كما هو في الكتب التي
وُضعت عن خطط مصر منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري مثل ما كتبه ابن
عبد الحكم والكندي والمقريزي، وهذا الأخير وضع دراسة مفصَّلة مشهورة لخطط
مصر، وتندرج تحت هذا المنهج الكتب التي أفردت لتواريخ المدن الكبرى كمكة
المكرمة وبغداد ودمشق، وكتب الرحلات الجغرافية، وكتب الحضارة والعمران،
وهذه تبحث في مدينة العرب وأحوال البوادي والأرياف وعن خصائص مواقع ومواضع
المدن وضوابطها البشرية والطبيعية وعوامل قيامها وزوالها، ومن أشهرها مقدمة
ابن خلدون.


وأفرد
المؤلف في هذا الفصل دراسةً تحليليةً مفصَّلَة لشروط اختيار مواقع المدن
وصفات مواضعها، فابن خلدون يرى أن من شروط اختيار المدن:


أن
تحاط بسور يدفع المضارّ، وأن تحتلَّ موضعًا ممتنعًا من الأمكنة، على هضبة
أو على نهر أو باستدارة بحر، ومراعاة اتخاذ الموقع الذي يتمتع بطيب الهواء
للسلامة من الأمراض، مع التركيز على أن يكون البلد على نهر أو بإزائه عيون
عذبة، طيب المراعي مراعاةً للمزارع؛ إذ «الزروع هي الأقوات».


بينما
يرى ابن الأزرق في كتابه «بدائع السلك في طبائع الملك»، الذي يعدُّ أول من
تناول مقدمة ابن خلدون بالشَّرح، أن ما يجب مراعاته في أوضاع المدن أصلان
مُهِمَّان:


دفع
المضار، وجلب المنافع، ثم يذكر أن المضار نوعان: أرضية ودفعها بإدارة سياج
السور على المدينة، ووضعها في مكان ممتنع، إما على هضبة متوعِّرة من
الجبل، وإما باستدارة بحر أو نهر لكي لا يوصل إليها إلا بعد العبور على جسر
أو قنطرة فيصعب منالها على العدو، والنوع الثاني من المضار سماوي، ودفعه
باختيار المواضع الطيبة الهواء.


ويكشف
أن هناك علاقة طردية بين كثرة ساكني البلد وحركة الهواء فيها، ويضرب لذلك
مثلًا بفاس، التي كانت عند استبحار العمران بأفريقية كثيرة السكان، فكان
ذلك معينًا على تموُّج الهواء وتخفيف الأذى عنه، وعندما خَفَّ ساكنوها ركد
هواؤها المتعفِّن بفساد مياهها، فكثر العفن والمرض.


والأصل
الثاني جلب المنافع، وهو يتأتى بمراعاة أمور، منها توافر الماء وقرب
المزارع الطيبة، لأن الزرع هو القوت، ولا خفاء في أن هذه الأمور تتفاوت
بحسب الحاجة وما تدعو إليه ضرورة السكان.


واختتم
المؤلف هذا الفصل بالحديث عن طرق المواصلات بين المدن الإسلامية خصوصًا
بين المدن ذات الصفة التجارية، حيث أقيمت الخانات على الطرق لتأمين راحة
التُّجَّار والدوابّ.


وينتقل
المؤلف إلى الفصل الثالث الذي يتناول فيه مكونات المدن الإسلامية، وهو فصل
ثريٌّ وتتشعب موضوعاته، وفي دراسته عن الأحياء السكنية يرى عزب أن تخطيطها
يكشف عن قانون متماسك، لتتابع سلسلة هرميَّة لكل من المآوي والمداخل،
تستجيب نماذج من العلاقات الاجتماعية ترتبط بخصوصية المجتمع الإسلامي،
فنظام المدينة الإسلامية هو نتيجة طبيعية للتوازن بين التجانس والتباين
الاجتماعي، في نظام اجتماعي يتطلب كلًّا من: فصل الحياة السِّرِّيَّة،
والمشاركة في الحياة الاقتصادية والدينية للمجتمع، ومن ثَمَّ تشكَّلت
المدينة من نظام يقوم على تقسيمها من حيث التخطيط إلى ثلاثة مستويات هي:


الأماكن
العامة: تقع على جانبي الشارع الرئيس للمدينة وتشمل الأسواق المركزية،
والمتاجر الكبرى المغطَّاة والمكشوفة، وورش المهنيين، والحمامات وما إليها.


الأماكن
نصف العامة: تقع على جانبَي الشوارع المركزية للأحياء، والتي تتفرَّع من
الشارع الرئيسي للمدينة، ويتخلَّلُها بعض المباني السكنية.


الأماكن الخاصة: تقع على امتداد الحواري والمسالك المسدودة الضَّيِّقَة أو المنعطفات، والتي تتفرَّع من الشوارع المركزية للأحياء.

ولاحظ
المؤلف وجودَ مظاهر للخصوصية في الصورة العامة للمدينة منها: التزام مباني
الأحياء بارتفاع يكاد يكون ثابتًا فيما عدا المساجد، تعدُّد الأفنية
وتداخلها بين مجموعات المباني وفي المباني لاستقطاب حياة الناس إلى الداخل،
انسياب السواقي المغطاة وامتدادها خلال الكتلة العمرانية للمدينة، مشكِّلة
محاور للحركة ولتلاقي السكان بين الأحياء المختلفة، وتلاحم الأحياء
المختلفة والمباني بعضها ببعض، معبرةً عن التلاحم والترابط الاجتماعي في
المدينة، وتشعُّب مسارات الشوارع والدروب والطرقات في خطوط ملتوية، منها
أيضًا شجيراتٌ من المسالك المقفولة لتوفير الحماية للمدينة.


وما
يلفت الانتباه بين ثنايا هذا الفصل اهتمامُ المؤلف بالرِّبَاع، وهي منازل
بُنِيَت طبقات فوق بعضها بعضًا يحتلُّ الطابق الأول منها محلات تجارية وورش
للصنَّاع، كانت تؤجَّر لسكن الفقراء، وأشهرها ربع السكرية في القاهرة،
ونراه يعرِّج على المكتبات العامة التي اهتمَّ بها الخلفاء والسلاطين
والملوك، وكانوا يتباهون بما يجمعون فيها من كتب مخطوطة، وينفقون عليها
ببذخٍ شديدٍ، فانتشرت خزائن الكتب من بخارى إلى فاس وقرطبة.


ومن
المنشآت الأخرى التي اهتمَّ بها المؤلف دور الضيافة التي تنقسم إلى ثلاثة
أنواع، النوع الأول دور الضيافة العامَّة، ومن أشهرها دار مدينة بولعوان في
المغرب التي شيَّدها أهالي المدينة لتكون دار ضيافة بالمجان.


والنوع
الثاني من الدور، هو دور ضيافة الحجَّاج التي انتشرت بكثرة في مدن العالم
الإسلامي على طرق الحجِّ، ومن أشهرها دار ضيافة الحجاج في بغداد، والنوع
الثالث دور الضيافة الرمضانية، والتي كان يقدَّم بها الطعام للفقراء.


ومن
الموضوعات المثيرة للجدل في هذا الفصل موارد الْمياه، فالماء عصبُ الحياة
وعاملٌ لنشوء الحضارات، في حال توافرِه، كما أنَّه من عوامل انتهائها في
حال ندرتِه، فعندما لا تتوفَّر في مدينةٍ ما أسباب الزرع وتربية الحيوان،
فإنها لا تلبث أن تضمحلَّ وتنتهي، والأمثلة على ذلك كثيرة؛ فمدينة العمار
في صحراء راجاسان في الهند، فقدت أهميتها وهجرت نتيجة لنقص الماء، لذا فقد
حرص الخلفاء العباسيون على توفير المياه لعاصمتهم بغداد، فأُقِيمت في عهد
المنصور قناةٌ تأخذ مياهها من كرخايا أحد روافد الفرات، وتجري في عقود
وثيقة من أسفلها محكمة بالآجر من أعلاها، واستخدمت أساليب أكثر تركيبًا مثل
إمداد مدريد بالمياه بواسطة القنوات الجوفية والتي تجلب المياه من أماكن
بعيدة.


أما
المراصد الفلكية فقد عدَّها المؤلف من المنشآت المعمارية التي انتشرت في
المدن الإسلامية، كان لها دور مهمٌّ في تقدُّم علم الفلك عند المسلمين،
وربط المؤلف أيضًا كل هذا بجماليات المكان من خلال تعرُّضِه للحدائق في
المدن الإسلامية.


أما
الفصل الرابع من الكتاب فيقدِّم تلك الجهود التي بذلت في السنوات الأخيرة
لتنشيط الوعي بأهمية التراث الحضاري والمعماري للمدن الإسلامية، طارحًا
ومناقشًا قضايا الحداثة والعولمة في المدن، والحفاظ على المدن القديمة،
وثمَّن المؤلف في هذا المضمار جهود منظمة المدن العربية التي أسِّسَت في
الكويت سنة 1967، موضحًا أهدافها ودورها، كما تعرض للمؤسسات التابعة لها
كمعهد إنماء المدن في الرياض، والذي يقوم بتدريب الكوادر البشرية لرفع
مستوى الأداء في مختلف قطاعات المدن، فضلًا عن إجراء البحوث والاستشارات
وتوثيق التراث.

علاء الدين
عضو Golden
عضو Golden

عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51204
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 تراث المدن الإسلامية  Empty رد: تراث المدن الإسلامية

مُساهمة من طرف الامبراطورة الثلاثاء فبراير 05, 2013 8:47 am

الف شكر لك ويعطيك العافيه
الامبراطورة
الامبراطورة
عضو Golden
عضو Golden

عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57219
الجوائز : المركز الثالث
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى