ديوان العودة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ديوان العودة
صدر
مؤخرًا للشاعر والأديب الفلسطيني سمير محمود عطية، عن تجمع العودة
الفلسطيني "واجب "-في العاصمة السورية دمشق الطبعة الثانية من كتاب "ديوان
العودة"، يتضمن مائة قصيدة شعرية مختارة من الأدب العربي عن فلسطين خلال
أكثر من سبعين عامًا. ويكشف فيه الباحث عن معلومات جديدة ومهمة، كما يلقي
الضوء على نماذج أدبية، ويقدم نصوصًا شعرية متميزة تُنشر لأول مرة. ويعد
هذا بحد ذاته إثراءً للتجربة الثقافية الفلسطينية والعربية والإسلامية.
ويأتي
اختيار عنوان العودة للكتاب كبادرة أمل لدى جميع الشعراء، رغم أن نكبة عام
1948 ونكسة عام 1967 نتج عنهما مضامين موجعة للقصائد، كما يتضح ذلك من
خلال أبواب الكتاب الثلاثة :الوطن على مرمى قصيدة، وقصائد ما قبل النكبة،
وقصائد ما بعد النكبة. وكل باب يحتوي على مجموعة من الفصول.
يقول
معدُّ الكتاب ومحرره سمير عطية حول فكرة مشروع كتاب "ديوان العودة": إن
فكرة مشروع ديوان العودة بدأت تحديدًا أثناء إعداده لملف ثقافي خاص عن
الذكرى الرابعة والخمسين لنكبة فلسطين أي عام 2002 ويضيف عطية قائلًا : في
ذلك الوقت عدت لعشرات القصائد الشعرية، وقادني ذلك إلى الاطِّلاع على تجارب
عدد من الشعراء وعلاقتهم الأدبية والتاريخية بفلسطين وانعكاسات أحداثها
على عطائهم الأدبي ونبضهم الشعري.
وهذه
القراءة نقلت المؤلف، على حد قوله، من مربع القراءة النمطية والسائدة في
مجتمعنا الثقافي لعدد من الشعراء إلى فضاءات واسعة في استكشاف أسماء جديدة،
والوقوف على تجارب عديدة ومهمة. وعزم المؤلف على إنجاز هذا المشروع الذي
يشكل ركيزة أساس له، وهو كتاب متميز في مادته، مشوق في مسيرة قصائده.
وفي
الإجابة على سؤال لماذا هذا الكتاب؟ يقول الشاعر عطية: لابد للشعب الذي
تنتمي هويته إلى حطين وعين جالوت أن يظل صامدًا مصابرًا رغم حالات الضعف
التي تعيشها الأمة، لذلك كان من الطبيعي أن يستنفر طاقاته وجهوده من أجل
حالة استنهاض، أملًا في يوم الخلاص والتحرير، ولقد كانت الكلمة المقاتلة
والمعبرة في طليعة هذا الاستنهاض، وشكلت القصيدة، المتمسكة بعرى الوطن،
لسان صدق على شفاه المخلصين.. تحفظها الأجيال وتسلمها إلى الأبناء إرثًا لا
يُتخلى عنه بأي حال من الأحوال.
وحظي
شعراء فلسطين بنصيب مهم من هذا الكتاب، على اختلاف تجاربهم الثقافية
وألوانهم الفكرية، كما وقف المؤلف عند تجارب الشعراء العرب في أكثر من بلد
وعبر أكثر من محطة زمنية في تاريخ القضية الفلسطينية، وكيف تفاعلوا معها
منذ وعد بلفور وليس انتهاءً بانتفاضة الأقصى في العام 2000.
يكشف
المؤلف الباحث سمير عطية في كتابه عن معلومات جديدة ومهمة في كون الشاعر
المصري أحمد محرّم أول من أدخل مفردة (نكبة فلسطين) إلى الشعر العربي قبل
النكبة بخمسة عشر عامًا. يقول الشاعر أحمد محرم في قصيدة بعنوان "نكبة
فلسطين" التي نشرها عام 1933م:
في حمى الحق ومن حول الحرم أمة تؤذَى وشعب يُهتضم
فزع القدس وضجّت مكة وبكت يثرب من فرط الألم
ربِّ هل قدّرت ألاّ ينجلي ما أصاب الشرق من خطب عمم.
عاث فيه القوم حتى ماله حُرمة تُرعى وحق يُحترم
اكشف البأساء وارحم أممًا تتلوى من ملال وسأم.
عمل الناس فسادوا وهي فوضى من عبيد وخدم
تحمل الضيم ولولا أنها تحسب الموت حياة لم تضم
ما لنا من هذه الدنيا سوى غارة العادي وعسف المحتكم
قد سئمناها حياة ومللناه وجودًا كالعدم
رب أنت العون إن طاف طائف البغي وأنت المنتقم.
بل
إن الاهتمام الشعبي المصري كان مبكرًا جدًّا بالقضية الفلسطينية، حيث واكب
الشعر المصري الموضوعَ منذ وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917؛ فالشاعر المصري
أحمد محرَّم نَظَمَ قصيدةً طويلةً، رصد فيها وعدَ بلفور، الذي أسماه الوعد
المشئوم، وفي مطلع تلك القصيدة يقول الشاعر أحمد محرم، صاحب ديوان "مجد
الإسلام"، والذي أطلق عليه الإلياذة الإسلامية:
بلفور بئس الوعدُ وعدُك للأُولي جعلوك للأمل المخيَّبِ سُلَّمًا
خدعوك حين أطعْتَهُم وخدعْتَهُم إذْ طاوَعُوك وتلك منزلة العَمَى
لسنا وُلَاةَ الحقِّ وإن لم يندموا ولا أنت أوْلَى أن تتوب وتندما
تلك الإساءةُ ما استَقَلَّ بمثلِها في الدَّهْرِ قبلَك مَنْ أساء وأجرمَا
ويعرض الكتاب نماذج من قصائد لأبرز شعراء الأرض المحتلة مثل قصيدة في انتظار العائدين لمحمود درويش التي يقول فيها :
أصوات أحبائي أنين الصخر تحت يد الحديد
أنا مع الأمطار ساهد
أنا أحدق في البعيد
سأظل فوق الصخر..صامد
وقصيدة لن أبكي لفدوى طوقان..
وها أنتم كصخر جبالنا قوة
كزهر بلادنا الحلوة
فكيف الجرح يسحقني
وكيف اليأس يسحقني
وكيف أمامكم أبكي
يمينًا...بعد هذا اليوم لن أبكي
أما سليمان العيسى فيقول في قصيدته عائدون:
عائدون... عائدون إننا لعائدون..
هَدْرُ يَضجُّ بمَسْمَـعي، ونِـــداءُ
وخُطىً تُجَرُّ، وشــارعٌ وضــَّاءُ
ومواكبٌ ألِفَ الطريـقُ ذَهابــَها
وإيابَها، والريــحُ، والضوضـاءُ
والهاتفون حناجرٌ يبـسَ الهــوى
فيها، ومات الحبُّ، فهي زُقــاء
كالدوحةِ.. انطلقَتْ تمدُّ فروعَهـا
في الأفقِ، حين مضَى يَجِفُّ المـاءُ
سنعودُ.. حَنْجَرةٌ تصيحُ، وهتفــةٌ
تمضــي مع التصفيقِ، فهي هَبَـاءُ
وبلاغةٌ رُصِفتْ خِطابــًا ساحــرًا
وقصيـــدةٌ ألفاظُـــها حمـراء
سنعود.. أَسمعُها، وتُطْبـِقُ عُزْلتـي
فــوقي، تفغــرُ حولي الأشـلاءُ
أنا مثلهـم، يا شاعــري عربيــةٌ
لمعــَتْ على مأساتــِها الأسمـاءُ
مضَتِ السنون، وخيمتي ممـدودةٌ
فوقـــي، تقهقهُ حولَـها النَّكْبــاءُ
لم تختلِجْ قَدَمايَ يومـًا، لم أسِــرْ
في مــَوْكِبٍ، لم يَسْبنــــيِ لألاءُ
أرأيتَ كافـــرةً بكل شعاعـــةٍ
مثلــي، تجودُ بها عليَّ سمـــاءُ ؟
عَفْوَ الضياءِ.. إذا أتتـكَ رسالتــي
وبكـــل حـــرفٍ غيمةٌ رَبْــداءُ
اليومَ تكتسحُ البـــروقُ سماءَنــا
وتموجُ فيــها العِـزَّةُ القعســــاءُ
ويلعلعُ المذياعُ.. فالدنيــا لنـــا
وعلى خُطـــانا تركــَعُ العليــاءُ
ذكرى تُثارُ، وتَنْطــوِي، فكأَّنـها
عِبْءٌ، كذلكَ تسقُـــطُ الأعبـــاءُ
وضريبةُ الوطن الشهــيد تحيــةٌ
صخبـــتْ، ولافتةٌ... علت، ونداء
أما
الشاعر الفلسطيني أبو سلمى عبد الكريم الكرمي فلعل قصيدته هي الأشهر في
الشعر الفلسطيني الذي ارتبطت ذاكرته بضياع فلسطين، فاسم القصيدة الذي يوحي
بحتمية الانتصار بعودة الغريب إلى أرضه ووطنه.. هذا التصميم لا يوحي به
للوهلة الأولى ذلك التوجع اللامحدود للفراق، بل ذلك الخيال السكن في فضاء
فلسطين، يحلق عند زيتونها ويجلس عند سهولها، أسئلة الرفاق والأصحاب واحتراق
الأيام في الشتات لا يثني من عزيمته بل يظل مبشرًا بالعودة، عودة كريمة
تفتح فيها الأبواب، وتذاب فيها القيود.
فلســـطين الحــبيبة كيف أغفو وفي عيني أطيــاف العــذاب
أطهـر باســــمك الدنيا ولو لم يـبرح بي الهوى لكتمت ما بي
تمر قـوافل الأيــام تـــروي مؤامـــرة الأعادي والصحاب
فلســطين الحبيبة.. كيف أحــيا بعيدًا عن ســهولك والهضاب
تناديني الســـــفوح مخضبات وفي الآفــاق آثار الخضــاب
تناديني الشـــــواطئ باكيات وفي سـمع الزمان صدى انتحاب
تناديني الجداول شـــــاردات تســــير غريبة دون اغتراب
تنادينــي مدائــنك اليتــامى تنـــــاديني قراك مع القباب
ويســــــألني الرفاق ألا لقاء وهل من عــودة بعد الغيــاب
أجل.. ســــنقبل الترب المندى وفوق شـــفاهنا حمر الرغاب
غدًا ســنعود والأجيال تصــغي إلى وقع الخـطى عــند الإياب
نعود مع العواصــف داويــات مـع البرق المقدس والشـهاب
مع الأمل المجنح والأغــــاني مع النســــر المحلق والعقاب
مع الفجر الضحوك على الصحاري نعود مع الصــباح على العباب
مع الرايات دامية الحواشــــي على وهج الأســــنة والحراب
ونحن الــــثائرين بكل أرض ســـنصهر باللظى نير الرقاب
تذيب الـــقلب رنـــة كل قيد ويجرح في الجوانـــح كل ناب
أجل !.. سـتعود آلاف الضـحايا ضحايــا الظلم تفتح كل بـاب
كما اختار الباحث قصيدة للشاعرة الكويتية سعاد الصُّباح قصيدة عن انتفاضة الحجارة بعنوان "سمفونية الأرض". ومن القصيدة نقرأ:
تلك سمفونيّةُ الأرضِ العظيمة
تتوالى...
تتوالى...
مثلَ ضرباتِ القدرْ
مرّةً في بيت لحمٍ
مرّةً في غزّةٍ
مرّةً في الناصرة
قلبتْ طاولةَ الروليتِ، علينا...
سحبتْنا فجأةً من قدمينا
كنَّستْ في لحظةٍ أسماءَ كل الزعماءْ
أغلقتْ بالشمع أوكارَ السياسة
ودكاكينَ الخدرْ
ذبحتْ كلَّ البقرْ
فاستقيلوا يا كبارَ الشعراءْ
ليس للشعر لدينا سادةٌ أو أمراءْ
إن للشعر أميرًا واحدًا يُدعى الحَجَرْ.
تلك سمفونيّةُ الأرضِ المجيدة
تتوالى.. تتوالى
مثلَ إيقاعِ النواقيسِ،
وموسيقى القصيدة
تحمل البرقَ إلينا.. والمطرْ
أحرقتْ أوراقَ كلّ الأدباءْ
خلعتْ أضراسَ كل الخطباءْ
ورمتْهم في سَقَرْ
فافرشوا السجّادَ... والوردَ...
لأطفال الحجارة
واغمرو
هم بالزَّهَرْ..
إن إسرائيلَ بيتٌ من زجاجٍ..
وانكسرْ..
والكتاب
يأتي ليشكل إضافة مهمة ونوعية لمكتبة أدب العودة بما يجعله مرجعًا يمكن
الاعتماد عليه في كثير من الدراسات والأبحاث ذات الصلة، كما أنه يأتي ضمن
سلسلة من الإصدارات التي يعمل التجمع على إصدارها لرفد قضية العودة بمختلف
جوانبها.
يذكر
أن الشاعر والأديب سمير محمود عطية هو من مواليد دولة الكويت في إبريل عام
1972م، وقد هاجرت عائلته من قرية سيلة الظهر في فلسطين عام 1967م.
حاصل
على بكالوريوس في اللغة العربية من كلية الآداب في جامعة صنعاء في
الجمهورية اليمنية، عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضو اتحاد الكتاب
والصحفيين الفلسطينيين، وهو كاتب متخصص في أدب العودة منذ عام 2003م.
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51266
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: ديوان العودة
الف شكر لك ويعطيك العافيه
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57281
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» البرادعي والحمار.. ديوان شعر نادى بالثورة في مصر
» حكم وأقوال واقتباسات د.سلمان العودة
» أهمية وضرورة التخيل في حياتنا.. د. سلمان العودة
» تحميل اغنية مودا مودي كل يوم حصص دروس من سبيس تون العودة الي المدرسة Mp3
» حكم وأقوال واقتباسات د.سلمان العودة
» أهمية وضرورة التخيل في حياتنا.. د. سلمان العودة
» تحميل اغنية مودا مودي كل يوم حصص دروس من سبيس تون العودة الي المدرسة Mp3
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى