علي أحمد باكثير
صفحة 1 من اصل 1
علي أحمد باكثير
يحتل علي أحمد باكثير (1328- 1389هـ) مركز الصدارة بين أدباء العربية الكبار في القرن العشرين، وهو الوحيد من أبناء جزيرة العرب في العصر الحديث الذي تفرد بتلك المكانة الكبيرة التي حققها بإنتاجه الغزير المتنوع والمتميز، فلم يكن باكثير شاعراً فحسب، بل كان أيضاً كاتباً مسرحياً وروائياً ومترجماً وباحثاً، ورغم أنه قد جعل جلّ نتاجه المطبوع في المسرحية إلا أن ما وجدناه من شعره الذي بدأ نظمه منذ سن الثالثة عشرة ولم ينشره في دواوين يجعل باكثير الشاعر يوازي باكثير المسرحي، وإلى جانب هذا فأدب باكثير يسجل مجموعة من الريادات، إذ يجد دارس أي فن من الفنون الرئيسة الثلاثة: الشعر والرواية والمسرحية نفسه ملزماً بالوقوف عند باكثير فإليه تنسب ريادة الشعر الحر (التفعيلي) بترجمته لمسرحية (روميو وجولييت) سنة 1936م وتأليفه لمسرحية (إخناتون ونفرتيتي) سنة 1938م سابقاً بذلك من ظهر بعده ممن ادعوا ريادة هذا الفن لأنفسهم وقد اعترف له (السيّاب) بذلك في حياته، وفي الرواية سيظل باكثير علامة تحول أصيل في الرواية العربية التاريخية الإسلامية فهو أول من تعامل مع التاريخ الإسلامي بصدق وأمانة وكانت الرواية التاريخية على أيدي غيره من النصارى والمستغربين مثل روايات جورجي زيدان) تشوه التاريخ الإسلامي وتسيء لشخصياته النبيلة وقيمه الخلقية الرقيقة وحسب باكثير أنه مؤلف "واإسلاماه" و "الثائر الأحمر"، حيث استنهض همم المسلمين للدفاع عن أوطانهم في الأولى وتنبأ بظهور الشيوعية في العالم العربي وسقوطها في الثانية.
أما عن المسرح فباكثير رائد المسرح السياسي في العالم العربي فهو أول من طرح قضايا العرب والمسلمين وناقش هموم الأمة على خشبة المسرح وقارع الاستعمار وحمل على الصهيونية وحذر من قيام دولة إسرائيل وضياع فلسطين قبل أن تسقط على نحو ما نجد في مسرحياته قبل سنة 1948م وخاصة مسرحية (شيلوك الجديد) التي ألفها سنة 1945م، وقد حظيت فلسطين في أدبه لمكانتها في نفوس كل المسلمين برقعة لم يحظ بها أي وطن إسلامي فقد كتب عنها أربع مسرحيات طويلة وما يزيد عن عشرين مسرحية قصيرة قبل قيام دولة إسرائيل وبعدها.
وابتداءً من سنة 1943 تصدر باكثير المسابقات الأدبية ونال جوائزها واحدة تلو الأخرى وتربع على عرش المسرح المصري طوال فترة الأربعينيات حتى أواخر الخمسينيات الميلادية، وكانت تفتتح المواسم المسرحية بأعماله، تعرض مسرحياته عشرات العروض ولمدة مواسم متتالية مثل مسرحيات "سر الحاكم بأمر الله" و"سر شهرزاد" و"مسمار جحا" وغيرها.
وهكذا ظل باكثير بأعماله يتصدر مواسم المسرح المصري حتى سنة 1956م عندما تولى أحد الشيوعيين إدارة الفرقة المصرية للتمثيل (المسرح القومي فيما بعد)فمكن للعناصر اليسارية واستبعد أعمال مجموعة من الكتاب الوطنيين والقوميين وكان باكثير في مقدمة الكتاب المبعدين لوضوح رؤيته الإسلامية، ومنذ ذلك التاريخ بدأ شقاء باكثير وعذابه إذ سيطرت العناصر اليسارية على كل منابر الثقافة في مصر وفي مقدمتها المسرح ولم يعرض لباكثير إلا القليل من أعماله وحورب هذا الأديب في كتبه ورزقه حتى مات كسير الفؤاد حزيناً في آخر يوم من شعبان 1389هـ الموافق 10 نوفمبر 1969م، مات باكثير وهو يردد صرخته الشهيرة:
"لأن أكون راعي غنم في حضرموت خير لي من هذا الصمت المميت في القاهرة.. والله لم تضق بي أرض مصر الكريمة ولكن ضاقت بي بعض الصدور اللئيمة!!".
كان ذلك باختصار ما هو معروف عن حياة باكثير في مصر ولكن حياة باكثير قبل وصوله مصر ظلت مجهولة حتى وفاته؛ فقد كان رحمه الله أقل الناس حديثاً عن نفسه فلم نكن نعلم إلا أنه خرج من حضرموت إثر وفاة زوجه الشابة التي اختطفها منه الموت فجأة فهام على وجهه في عدن وبعض بلدان الحبشة واليمن محاولاً أن يسلو همومه وأحزانه فداوى في عدن أمراض جسده أما أحزان روحه فلم يجد لها شفاء، ومن شعره الذي يعبر بصدق عن واقع حاله قوله في قصيدة نظمها في عدن:
خفق الفؤاد بما تذكر
فالنوم عن جفني منفّر
يا ليل رفقاً بالغريب
نبا به وطن ومعشر
خطف الزمان حبيبه
وأذاقه الملح المصبَّر
فمضى يجوب الأرض
جوباً علّه يشكو فيؤجر
وهكذا وجد باكثير نفسه مشتاقاً للأراضي المقدسة لتغتسل روحه هناك من أحزانها تغرق في حب الله وتحلق بين الحرمين، وبالفعل وصل باكثير إلى الأراضي السعودية ونشرت جريدة "صوت الحجاز" خبر وصوله في عدد الاثنين الخامس عشر من ذي الحجة 1351هـ الموافق 1933م في الصفحة الأولى بعنوان "وصول شاعر حضرموت".
وقد أمضى باكثير في المملكة عاماً كاملاً تقريباً فقد وصل في السابع والعشرين من شوال 1302 هـ متنقلاً بين جدة ومكة والمدينة والطائف وقد اتصل بأدباء الحجاز الذين أصبحوا فيما بعد من رواد الأدب السعودي الحديث وتوثقت بينه وبينهم عرى الصداقة التي امتدت جسورها حتى سفره إلى مصر. فقد ربطته في مكة وجدة صلات بكل من الأدباء عبد الله بالخير، ومحمد سعيد العمودي، ومحمد سعيد عبد المقصود، وحسين خازندار، وعبد اللطيف الجزار، وعبد الوهاب آشي، وحسين سرحان، وحمد الجاسر، وأحمد إبراهيم الغزاوي، ومحمد أمين كتبي، وعلي فدعق.. وغيرهم.
وقد داوم باكثير على حضور حلقات الدروس في الحرم ودرس على يد كل من السيد محمد أمين كتبي في علم العروض والفلك وحصل على الإجازة في الفقه من السيد عبد الحي الكتاني كما درس علم الفرائض في حلقة الشيخ خليفة بن حمد النبهاني.
ودارت بينه وبين أدباء مكة مساجلات شعرية وإخوانيات متبادلة أخص بالذكر منهم معالي عبد الله بلخير سكرتير الملك عبد العزيز وشاعر الملك محمد إبراهيم الغزاوي، وعلى سبيل المثال دعا الغزاوي باكثير لزيارته في بيته فلبى الدعوة فحياه الغزاوي بقصيدة طويلة مطلعها:
قد كدت من فرح أطير
مـذ زار داري باكثير
أعـلـيُّ لـولا أنـني
بالصفح مرتاح الضمير
لـوهـبتك القلب الذي
أرواه كـوثرك النمير
وعندما رد الغزاوي الزيارة حياه باكثير بقوله:
وافيت بالأدب الغزير
وطلعت بالوجه المنير
إلى أن قال:
يا شاعر الحرمين بل
يا شاعر الملك الكبير
ثم غادر باكثير مكة إلى الطائف في جمادى الأولى 1352هـ بعدما اشتد الحر وهناك في الطائف عرف كلاً من السيدين الشاعر محمد حسن فقي، ومعالي السيد حسن محمد كتبي وأقام في منزل السيد حسن كتبي وكتب فيه مسرحيته الشعرية الأولى "همام أو في بلاد الأحقاف" وتوثقت بينهما الصلة التي استمرت حتى وفاة باكثير.
المهم أن باكثير شارك في الحياة الأدبية والاجتماعية في الحجاز في مكة وجدة والطائف والمدينة المنورة مشاركة صميمة ونشر في "صوت الحجاز" و "أم القرى" عدداً من القصائد والتقى بالملك عبد العزيز والأمير فيصل نائب الملك في الحجاز آنذاك فأحسنا استقباله، وقد فصلت الحديث عن صلاته في مكة وجدة والطائف في محاضرة ألقيت بنادي الرياض الأدبي في شهر رمضان 1414هـ.
قدم باكثير لزيارته للمدينة المنورة بمطولة شعرية تقع في أكثر من 250 بيتاً يعارض بها "نهج البردة" سماها "نظام البردة" أو "ذكرى محمد صلى الله عليه وسلم" وقدم لها بهذه الكلمات:
"إلى روح والدي الكريم
الذي لحق بربه في جوار نبيه إن شاء الله في الفردوس الأعلى.
أهدي هذه الذكرى
راجياً أن يقدمها بين يدي محمد صلى الله عليه وسلم فهو في إحسانه وتقواه ورطابة لسانه بذكر الله أحق بتقديمها مني"
والقصيدة طويلة وتحتاج إلى وقفة متأملة مستقلة لجوانب التقليد والتجديد فيها وقد طبعتها مؤخراً مكتبة مصر في كتاب مستقل، المهم أنه في هذه المطولة وضع بين يدي رسول الله هموم عالمه الإسلامي ودعا إلى انبعاث المسلمين وأشار إلى الداء وأوضح الدواء، وكان ذلك ما امتلأ به قلبه الشاب:
يا ويح قلبي بجنبي لا هدوء له
يجيش بالهم كالبركان بالحمم!
يئن من ثقل الآمال تبهظه!
إن الهموم رسالات من الهمم
أرنو إلى (يعرب) والدهر يعرفها
رواية البؤس بعد العزِّ والنِّعم
تقاسمتها شعوب الغرب، تدفعها
إلى المهالك سَوْق الشاء والنعم
وأرمق (الدين) والأعداء توسعه
فتكاً يضاف إلى أدوائه القسم
يُكاد في داره ظُهر النهار على
مرأى العمائم من أهليه والعمم
غادر باكثير الطائف من أول شهر جمادى الآخرة وأمضى شهر رجب في مكة ومن أول شعبان سنة 1352هـ وصل إلى المدينة المنورة، وكان نزوله أول ما وصل في بيت رجل كريم يحب خدمة زوار المسجد النبوي هو الشيخ عبد الله هب الريح حيث ورد اسمه في الرسائل المتبادلة بينه وبين أخيه عمر من حضرموت فوصفه في رسالة بقوله:
"إنه رجل دمث الأخلاق يخلص الإنسان عنده فيرى أنه في بيته".
وقد حدثني أستاذنا الشيخ عبد القدوس الأنصاري مؤسس المنهل ـ رحمه الله ـ أنه استضاف باكثير في آخر أيامه بالمدينة المنورة، وهكذا أقام باكثير بدار الأنصاري الواقعة في زقاق الحمزاوي بالمدينة المنورة حتى غادرها.
وقد أمضى باكثير في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر من أول شعبان حتى آخر شوال محتفىً به من كل أهلها وفي مقدمتهم أدباؤها الكرام الذين اتصل بهم وقد وردت أسماء من اتصل بهم في رسائله وكراريسه وهم كالتالي من غير ترتيب:
· عبد اللطيف أبو السمح
· صالح الحيدري
· أحمد الخياري
· العلامة محمد الطيب الأنصاري
· أسعد بخاري الحسيني
· كامل خطاب
· محمد الحافظ
· سامي إسماعيل
· جعفر جعفر
· عبد الله هب الريح
· عبد الله يماني
· أبو بكر عبد المجيد خطاب
· طاهر زمخشري وأخوه أسعد
· عبد اللطيف بشناق الكتبي
· عبد القدوس الأنصاري
· عبد المجيد خطاب
· أحمد مفتي
· ناجي الخياري
· محمد كردي وأخوه رجب
· ضياء الدين رجب
· صالح اليماني الفقيه
· عبد الحميد عنبر خان
· رضا جعفر
·
أما عن المسرح فباكثير رائد المسرح السياسي في العالم العربي فهو أول من طرح قضايا العرب والمسلمين وناقش هموم الأمة على خشبة المسرح وقارع الاستعمار وحمل على الصهيونية وحذر من قيام دولة إسرائيل وضياع فلسطين قبل أن تسقط على نحو ما نجد في مسرحياته قبل سنة 1948م وخاصة مسرحية (شيلوك الجديد) التي ألفها سنة 1945م، وقد حظيت فلسطين في أدبه لمكانتها في نفوس كل المسلمين برقعة لم يحظ بها أي وطن إسلامي فقد كتب عنها أربع مسرحيات طويلة وما يزيد عن عشرين مسرحية قصيرة قبل قيام دولة إسرائيل وبعدها.
وابتداءً من سنة 1943 تصدر باكثير المسابقات الأدبية ونال جوائزها واحدة تلو الأخرى وتربع على عرش المسرح المصري طوال فترة الأربعينيات حتى أواخر الخمسينيات الميلادية، وكانت تفتتح المواسم المسرحية بأعماله، تعرض مسرحياته عشرات العروض ولمدة مواسم متتالية مثل مسرحيات "سر الحاكم بأمر الله" و"سر شهرزاد" و"مسمار جحا" وغيرها.
وهكذا ظل باكثير بأعماله يتصدر مواسم المسرح المصري حتى سنة 1956م عندما تولى أحد الشيوعيين إدارة الفرقة المصرية للتمثيل (المسرح القومي فيما بعد)فمكن للعناصر اليسارية واستبعد أعمال مجموعة من الكتاب الوطنيين والقوميين وكان باكثير في مقدمة الكتاب المبعدين لوضوح رؤيته الإسلامية، ومنذ ذلك التاريخ بدأ شقاء باكثير وعذابه إذ سيطرت العناصر اليسارية على كل منابر الثقافة في مصر وفي مقدمتها المسرح ولم يعرض لباكثير إلا القليل من أعماله وحورب هذا الأديب في كتبه ورزقه حتى مات كسير الفؤاد حزيناً في آخر يوم من شعبان 1389هـ الموافق 10 نوفمبر 1969م، مات باكثير وهو يردد صرخته الشهيرة:
"لأن أكون راعي غنم في حضرموت خير لي من هذا الصمت المميت في القاهرة.. والله لم تضق بي أرض مصر الكريمة ولكن ضاقت بي بعض الصدور اللئيمة!!".
كان ذلك باختصار ما هو معروف عن حياة باكثير في مصر ولكن حياة باكثير قبل وصوله مصر ظلت مجهولة حتى وفاته؛ فقد كان رحمه الله أقل الناس حديثاً عن نفسه فلم نكن نعلم إلا أنه خرج من حضرموت إثر وفاة زوجه الشابة التي اختطفها منه الموت فجأة فهام على وجهه في عدن وبعض بلدان الحبشة واليمن محاولاً أن يسلو همومه وأحزانه فداوى في عدن أمراض جسده أما أحزان روحه فلم يجد لها شفاء، ومن شعره الذي يعبر بصدق عن واقع حاله قوله في قصيدة نظمها في عدن:
خفق الفؤاد بما تذكر
فالنوم عن جفني منفّر
يا ليل رفقاً بالغريب
نبا به وطن ومعشر
خطف الزمان حبيبه
وأذاقه الملح المصبَّر
فمضى يجوب الأرض
جوباً علّه يشكو فيؤجر
وهكذا وجد باكثير نفسه مشتاقاً للأراضي المقدسة لتغتسل روحه هناك من أحزانها تغرق في حب الله وتحلق بين الحرمين، وبالفعل وصل باكثير إلى الأراضي السعودية ونشرت جريدة "صوت الحجاز" خبر وصوله في عدد الاثنين الخامس عشر من ذي الحجة 1351هـ الموافق 1933م في الصفحة الأولى بعنوان "وصول شاعر حضرموت".
وقد أمضى باكثير في المملكة عاماً كاملاً تقريباً فقد وصل في السابع والعشرين من شوال 1302 هـ متنقلاً بين جدة ومكة والمدينة والطائف وقد اتصل بأدباء الحجاز الذين أصبحوا فيما بعد من رواد الأدب السعودي الحديث وتوثقت بينه وبينهم عرى الصداقة التي امتدت جسورها حتى سفره إلى مصر. فقد ربطته في مكة وجدة صلات بكل من الأدباء عبد الله بالخير، ومحمد سعيد العمودي، ومحمد سعيد عبد المقصود، وحسين خازندار، وعبد اللطيف الجزار، وعبد الوهاب آشي، وحسين سرحان، وحمد الجاسر، وأحمد إبراهيم الغزاوي، ومحمد أمين كتبي، وعلي فدعق.. وغيرهم.
وقد داوم باكثير على حضور حلقات الدروس في الحرم ودرس على يد كل من السيد محمد أمين كتبي في علم العروض والفلك وحصل على الإجازة في الفقه من السيد عبد الحي الكتاني كما درس علم الفرائض في حلقة الشيخ خليفة بن حمد النبهاني.
ودارت بينه وبين أدباء مكة مساجلات شعرية وإخوانيات متبادلة أخص بالذكر منهم معالي عبد الله بلخير سكرتير الملك عبد العزيز وشاعر الملك محمد إبراهيم الغزاوي، وعلى سبيل المثال دعا الغزاوي باكثير لزيارته في بيته فلبى الدعوة فحياه الغزاوي بقصيدة طويلة مطلعها:
قد كدت من فرح أطير
مـذ زار داري باكثير
أعـلـيُّ لـولا أنـني
بالصفح مرتاح الضمير
لـوهـبتك القلب الذي
أرواه كـوثرك النمير
وعندما رد الغزاوي الزيارة حياه باكثير بقوله:
وافيت بالأدب الغزير
وطلعت بالوجه المنير
إلى أن قال:
يا شاعر الحرمين بل
يا شاعر الملك الكبير
ثم غادر باكثير مكة إلى الطائف في جمادى الأولى 1352هـ بعدما اشتد الحر وهناك في الطائف عرف كلاً من السيدين الشاعر محمد حسن فقي، ومعالي السيد حسن محمد كتبي وأقام في منزل السيد حسن كتبي وكتب فيه مسرحيته الشعرية الأولى "همام أو في بلاد الأحقاف" وتوثقت بينهما الصلة التي استمرت حتى وفاة باكثير.
المهم أن باكثير شارك في الحياة الأدبية والاجتماعية في الحجاز في مكة وجدة والطائف والمدينة المنورة مشاركة صميمة ونشر في "صوت الحجاز" و "أم القرى" عدداً من القصائد والتقى بالملك عبد العزيز والأمير فيصل نائب الملك في الحجاز آنذاك فأحسنا استقباله، وقد فصلت الحديث عن صلاته في مكة وجدة والطائف في محاضرة ألقيت بنادي الرياض الأدبي في شهر رمضان 1414هـ.
قدم باكثير لزيارته للمدينة المنورة بمطولة شعرية تقع في أكثر من 250 بيتاً يعارض بها "نهج البردة" سماها "نظام البردة" أو "ذكرى محمد صلى الله عليه وسلم" وقدم لها بهذه الكلمات:
"إلى روح والدي الكريم
الذي لحق بربه في جوار نبيه إن شاء الله في الفردوس الأعلى.
أهدي هذه الذكرى
راجياً أن يقدمها بين يدي محمد صلى الله عليه وسلم فهو في إحسانه وتقواه ورطابة لسانه بذكر الله أحق بتقديمها مني"
والقصيدة طويلة وتحتاج إلى وقفة متأملة مستقلة لجوانب التقليد والتجديد فيها وقد طبعتها مؤخراً مكتبة مصر في كتاب مستقل، المهم أنه في هذه المطولة وضع بين يدي رسول الله هموم عالمه الإسلامي ودعا إلى انبعاث المسلمين وأشار إلى الداء وأوضح الدواء، وكان ذلك ما امتلأ به قلبه الشاب:
يا ويح قلبي بجنبي لا هدوء له
يجيش بالهم كالبركان بالحمم!
يئن من ثقل الآمال تبهظه!
إن الهموم رسالات من الهمم
أرنو إلى (يعرب) والدهر يعرفها
رواية البؤس بعد العزِّ والنِّعم
تقاسمتها شعوب الغرب، تدفعها
إلى المهالك سَوْق الشاء والنعم
وأرمق (الدين) والأعداء توسعه
فتكاً يضاف إلى أدوائه القسم
يُكاد في داره ظُهر النهار على
مرأى العمائم من أهليه والعمم
غادر باكثير الطائف من أول شهر جمادى الآخرة وأمضى شهر رجب في مكة ومن أول شعبان سنة 1352هـ وصل إلى المدينة المنورة، وكان نزوله أول ما وصل في بيت رجل كريم يحب خدمة زوار المسجد النبوي هو الشيخ عبد الله هب الريح حيث ورد اسمه في الرسائل المتبادلة بينه وبين أخيه عمر من حضرموت فوصفه في رسالة بقوله:
"إنه رجل دمث الأخلاق يخلص الإنسان عنده فيرى أنه في بيته".
وقد حدثني أستاذنا الشيخ عبد القدوس الأنصاري مؤسس المنهل ـ رحمه الله ـ أنه استضاف باكثير في آخر أيامه بالمدينة المنورة، وهكذا أقام باكثير بدار الأنصاري الواقعة في زقاق الحمزاوي بالمدينة المنورة حتى غادرها.
وقد أمضى باكثير في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر من أول شعبان حتى آخر شوال محتفىً به من كل أهلها وفي مقدمتهم أدباؤها الكرام الذين اتصل بهم وقد وردت أسماء من اتصل بهم في رسائله وكراريسه وهم كالتالي من غير ترتيب:
· عبد اللطيف أبو السمح
· صالح الحيدري
· أحمد الخياري
· العلامة محمد الطيب الأنصاري
· أسعد بخاري الحسيني
· كامل خطاب
· محمد الحافظ
· سامي إسماعيل
· جعفر جعفر
· عبد الله هب الريح
· عبد الله يماني
· أبو بكر عبد المجيد خطاب
· طاهر زمخشري وأخوه أسعد
· عبد اللطيف بشناق الكتبي
· عبد القدوس الأنصاري
· عبد المجيد خطاب
· أحمد مفتي
· ناجي الخياري
· محمد كردي وأخوه رجب
· ضياء الدين رجب
· صالح اليماني الفقيه
· عبد الحميد عنبر خان
· رضا جعفر
·
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
مواضيع مماثلة
» الشاعر أحمد شوقي
» أحمد ديدات.. ذو اللسان الأعجمي!
» أحمد سعيد_الرعد
» أحمد قبش معلِّم لا يُنسى
» معنى قول أحمد " ثلاثة لا أصل لها"
» أحمد ديدات.. ذو اللسان الأعجمي!
» أحمد سعيد_الرعد
» أحمد قبش معلِّم لا يُنسى
» معنى قول أحمد " ثلاثة لا أصل لها"
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى