شبكة و منتديات تولف أن آر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فاطمة الأيوبي... ملكة النظافة!!

اذهب الى الأسفل

فاطمة الأيوبي... ملكة النظافة!! Empty فاطمة الأيوبي... ملكة النظافة!!

مُساهمة من طرف علاء الدين السبت فبراير 02, 2013 3:44 pm

على الرغم من أميتها وعلى الرغم من مرضها الذي أقعدها نحو أربع سنوات، ورغما عن إعاقتها واعتمادها على عكازين – صمت طلاب كلية الطب بمستشفي نانتير بفرنسا
صمتوا احتراما لهذه المرأة الصامدة والعظيمة – جاءت تمشي على عكازين ولكن في يديها قوة إرادة وشكيمة – وتحمل قلبا ممتلئا عزة وكرامة وشرفا قلما نجد مثيلا له.

تبلغ فاطمة الأيوبي نحو خمس وخمسين سنة – مهاجرة من بلاد المغرب لفرنسا – رغما عن عدم اهتمامها بمظهرها كأنثى إلا أنها ظهرت بمظهر مهيب لكل الحاضرين من الطلاب والمصورين – فاطمة مزدانة بالإرادة والمثابرة والصبر وحب العمل بجانب حب العلم.
وتعتبر فاطمة الأيوبي المغربية مثالا يحتذي به لكل النساء الفقيرات بالعالم – حيث عمدت الظروف على هجرها للدراسة وذلك لحالة الفقر الشديد لوالدها حيث عجز عن تعليمها بجانب إخوتها الثلاثة – ضحت فاطمة لإخوتها وتركت المدرسة وفي عمر صغير تزوجت لتلحق بزوجها في فرنسا بمدينة نانتير.
كان الزوج يعمل عملا يستطيع به إعاشة عائلته الصغيرة – ولما أنجب ابنته الثانية تعرض للتسريح من عمله – صار الزوج عاطلا عن العمل وتدهورت أحوال الأسرة حيث إنها تسكن في شقة تحتاج للإيجار الشهري – ونسبة لحرج الموقف تقدمت فاطمة وهي لا تتحدث اللغة الفرنسية للعمل في مصنع كعاملة نظافة – وبما أنها كانت تمتاز بالانضباط في العمل وبفضل تفانيها في عملها وصبرها ومثابرتها فقد نالت رضا الجميع في المصنع – رغما عن عدم محادثتهم لها لأنها لا تتحدث الفرنسية وكان عزاؤها تفانيها في أداء عملها – وتقول فاطمة في هذا الشأن: "كان كل عزائي التفاني في أداء عملي – وكنت أنحو ناحية الأناقة في عملي – خصوصا في نظافة الملابس ونظافة الأجهزة والمعدات".
كنت أعاني من الحصار الإنساني الذي يعاملني به العمال والموظفون العاملون معي بالمصنع – فلا تبادل للحديث معي وقليل منهم من عرف اسمي وتبادل معي الحديث
ماعدا القليل الذي أثنى على عملي ونظافته.
طيلة ثلاثة عشر عاما ظلت تعمل فاطمة في صمت – كل عزائها أداؤها المتميز ولا أحد يقلل من قيمة عملها – في الفترة ما بين 83-1999م – كانت تعمل يوميا بالمنصع نحو تسع ساعات بلا توقف – وكانت تصحو من نومها في تمام الساعة الخامسة صباحا ولا ترجع لمنزلها إلا في تمام الساعة التاسعة مساءً, انصب كل همها على توفير المال اللازم لتغذية وتربية ابنتيها الصغيرتين – ولاسيما أن إيجار الشقة يحتاج لمال وفير وهي عاملة نظافة في مصنع.
في عام 1999 وهي تصعد السلالم الخاصة بالمصنع – انهارت ووقعت على الدرج ومنذ ذلك الوقت وفاطمة طريحة فراش المستشفى بمدينة نانتير بفرنسا – لم يستطع جسدها مقاومة الإرهاق وضغط العمل الرهيب.
ظلت طريحة سرير المستشفى لفترة طويلة – كانت تفضل النوم حتى لا تفكر فيما آلت إليه حالها – حيث تعطل نصفها الأيسر وصار لا يعمل – وتحول كل ذلك الألم الذي قض مضجعها إلى خوف من المستقبل – خوف على مصيرها ومصير ابنتيها.
وحظيت فاطمة بطبيبة حنونة كانت تدعى ماري بيزي – ساندت فاطمة مساندة فعالة، بجانب علاجها الطبي لها استطاعت بمعاملتها أن تؤهلها معنويا حتى تلحق بقطار الحياة – كانت دائمة الاهتمام بها وبابنتيها، بل ظلت تصرف عليهما طيلة فترة بقاء فاطمة بالمستشفى – أصبحت بمثابة الأخت لفاطمة – وساعدتها في تعلم اللغة الفرنسية بصورة علمية حيث كانت تتكلم فاطمة اللغة الفرنسية ولا تكتبها.
وبالمستشفى بدأت فاطمة التأهيل العلمي – أحبها كل من تعامل معها فقد كانت في غاية اللطافة – ولهذا ساعدها كل العاملين بالمستشفى – وفي خلال إقامتها ركزت على كتابة كتاب لها باللغة العربية حول حياتها – إنه كتاب شيق ومليء بالقصص الشيقة والتجارب الحياتية الثرة.
وجد هذا الكتاب رواجا عظيما في البلدان العربية وبالأخص موطنها المغرب – ومن ثم عملت على ترجمته بنفسها للغة الفرنسية ونال أيضا إعجاب الجمهور المثقف بفرنسا – حيث أصبح يعتبر كتابا ناطقا باسم المكافحين من المغتربين – الذين يرفعون شعار الكفاح ومجاهدة النفس في بلاد الغربة في كل العالم.
وأخيرا نجحت الدكتورة ماري في استشفاء فاطمة وسلمتها عكازين لتستند عليهما وبالتالي تسير عليهما – وحينما دخلت قاعة مستشفى نانتير لتقابل طلاب كلية الطب بجامعة نانتير – صمت كل الطلاب تهيبا لقوة عزيمة تلك المرأة العظيمة ووفقوا إجلالا لصبرها وجلدها لأجل الوصول لهذا المجد – حيث أصبحت من نجوم المجتمع المهاجر بفرنسا بل من نجوم المجتمع الثقافي بفرنسا.
وتحدثت فاطمة عن كتابها "الصلاة في ضوء القمر" تحدثت حديث امرأة عركت الحياة بكل ما تحويه من معاناة وألم وصبر وحب وعطف – صفق لها الطلاب كثيرا واحتفلوا بتلك المرأة العظيمة وقدم لها الناشر "باشيري" هدية عظيمة وذلك للنجاح الكبير الذي وجده كتابها حيث نفدت الطبعة الثانية – وسوف يعمل على تجهيز الطبعة الثالثة.
وبعد ثلاثة أيام غادرت فاطمة فرنسا لتزور موطنها المغرب وتقابل الجمهور المغربي المثقف الذي قرأ كتابها وافتخر بها كامرأة مكافحة تعتز بكفاحها وتعتز بانتمائها لموطنها المغرب – وقدمت كتابها هدية لوالدها الذي كان يكافح من أجل تربيتها وتربية إخوتها الأعزاء

علاء الدين
عضو Golden
عضو Golden

عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى