حسين علي محمد يدافع عن الذاكرة العربية ويؤسس أصوات معاصرة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حسين علي محمد يدافع عن الذاكرة العربية ويؤسس أصوات معاصرة
الاشتغال بالأدب والثقافة من الحقول التي لا تحظى بحيز يناسب مكانتها وأهميتها، في صراع إثبات الهوية، وحماية الشخصية الإسلامية من الذوبان في غيرها من الأمم، خصوصا مع هجمة العولمة التي تسعى لفرض الثقافة الأمريكية على العالم؛ ليكون النموذج الأمريكي هو الخيار الوحيد كأسلوب حياة!
ويقول الرافعي رحمه الله في كتابه وحي القلم: "لن يتحول الشعب أول ما يتحول إلا من لغته، إذ يكون منشأ التحول من أفكاره، وعواطفه، وآماله، وهو إذا انقطع من نسب لغته انقطع من نسب ماضيه، ورجعت قوميته محفوظة في التاريخ لا صورة محققة في وجوده، فليس كاللغة نسب للعاطفة والفكر، حتى أن أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم فنشأ منهم ناشئ على لغة، ونشأ الثاني على لغة أخرى، والثالث على لغة ثالثة لكانوا في العاطفة كأبناء ثلاثة آباء.
واللغة هي وعاء الثقافة وأداة انتقالها من جيل إلى جيل؛ وبالرغم من أهمية اللغة والثقافة في تأكيد ملامح خصوصية أمة دون غيرها؛ فما زالت الغالبية العظمى من شعوبنا العربية والإسلامية تنظر للثقافة باعتبارها أحد روافد التسلية وتزجية الوقت، غير أن الواقع يثبت عكس ذلك تماما، فأمة بلا ثقافة هي أمة بلا ذاكرة. وأمة بلا مثقفين متخصصين هي أمة مشوشة لا يمكن أن تقيس منجزها ولا يمكن أن تتعرف على ذاتها.
والدكتور حسين علي محمد يعتبر واحداً من أهم العلماء العرب الذين شغلهم الدفاع عن الذاكرة العربية فوجه مساحة كبيرة من وقته وجهده وإنتاجه الثقافي لتأكيد ملامح الشخصية الإسلامية، خصوصا في الأدب والإبداع، من خلال حضوره المؤثر والملموس في الحياة الثقافية، وما يقدمه لشباب المبدعين من عناية كبيرة تبدو في حرصه على رعاية المواهب الجديدة ودفعها للميدان الثقافي، فمنذ بدايته وهو ينتقل من مشروع إلى آخر؛ وكلها كانت علامات على طريق الثقافة والإبداع، نذكر منها تأسيسه لسلسلة أصوات معاصرة في محاولة منه لتفعيل العمل المؤسسي في الثقافة، وأثمرت هذه التجربة التي بدأت منذ 1980 أكثر من 120 إصدارا في مختلف ألوان الثقافة الإبداع، ومازالت مستمرة كالدوحة الوارفة الظلال تلم شمل الأدباء من شتى بلدان الوطن العربي.
وكان لأصوات معاصرة الفضل في تقديم العديد من الأدباء الشبان لأول مرة أكثرهم ثبتت أقدامه في المحيط الثقافي، بعدما تخرج في مدرسة أصوات معاصرة، وعرفه القارئ العربي من خلال هذه السلسلة التي ظلت تصدر بانتظام منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.
وعن تجربته في أصوات معاصرة يقول حسين علي محمد: "كنا نعرف معاناة الأدباء الشبان ـ منذ الستينات إلى السبعينات ـ وأن فرص النشر تضيق، وأنها صارت أشبه "بثقب الإبرة"، ومن ثم فعلينا أن نشعل شمعة وحيدة صغيرة، فهذا أفضل ألف مرة من سب الظلام!"
ويضيف: بعد تجربة إشرافي على سلسلة "كتاب آتون" التي استمرت تسعة أشهر، قررت أن أصدر سلسلة بعنوان "أصوات"، وصدر العدد الأول في إبريل 1980م، يحمل عنوان "أصوات"، وتحته بخط أصغر "شعرية، فصلية، معاصرة".
وصدر العدد في 500 نسخة، وعن طريق التوزيع اليدوي لأصدقاء في طنطا والزقازيق وبور سعيد وأسوان ومكتبة مدبولي بالقاهرة .. وزعنا أكثر من 300 نسخة وعرفنا أننا بهذه الطريقة ـ طريقة التوزيع اليدوي عن طريق الأصدقاء الأدباء ـ استطعنا أن نوزع أكثر مما كانت توزعه المؤسسة الصحفية التي كانت تُوزع لنا "كتاب آتون"؛ فقد كنا نطبع "كتاب آتون" في ثلاثة آلاف نسخة، وكان ما يباع منه يدور في دائرة المئة نسخة !!.
والدكتور حسين على محمد من مواليد عام 1950م، نشأ نشأة إسلامية كان لها أثرها الواضح في شخصيته التي انطبعت على حب الخير وتمثله في شعره، كما كان لحرص والده على تحفيظه القرآن الكريم وتعليمه في الأزهر بصمة واضحة فيما أنتجه من شعر فيما بعد، فقد حفظ نصف القرآن الكريم وهو في مراحل التعليم الأولى.
كانت أمنية أبيه أن يراه أزهرياً معمماً، وكان يبذل في هذا الطريق كل ما يمكنه وفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه أمام الكعبة المشرفة وهو يؤدي فريضة الحج عام 1948، فقد كانت ذريته من الإناث وكلما رزق غلام توفاه الله، فدعا ربه أن يهبه صبياً يكون سنداً لأخواته وعوناً لهن.
ويستجب الله تعالى دعاء الشيخ على محمد حسين ويرزقه غلاماً في العام 1950م ويسميه باسم جده حسين، وحينما بدأ حسين في التعاطي مع من حوله، دفعه أبوه إلى أصحاب الكتاتيب في قريته "العصايد" مركز ديرب نجم محافظة الشرقية، تمهيداً لدفعه للمرحلة الأهم وهي التعليم الأزهري.
ويأتي اليوم الذي يبلغ فيه الصبي سن دخول المدرسة، ويدخل التعليم العام بدلاً من التعليم الأزهري، وحينما حاول أبوه، تحويله من التعليم العام إلى التعليم الأزهري أشار عليه المعلمون بالإبقاء عليه لتفوقه وتقدمه على أقرانه، فاستجاب أبوه لمطلب المعلمين شريطة أن يواصل حفظ القرآن وتحصيل العلوم الشرعية.
ويكشف لنا الدكتور حسين علي محمد عن جانب كبير من تكوينه ومصادر ثقافته فيقول: "حينما كنت في العاشرة من عمري ذهبتُ مع والدي إلى الطبيب في "الزقازيق" التي تبعد عن قريتنا نحو ثلاثين كيلا، وفي انتظار عودة الطبيب من المستشفى وجدتُ بعض المجلات، أخذتُ أُقلِّب فيها، فاكتشفتُ عالماً غير الذي أعرفه في الكتب المدرسية الرصينة التي يُدرِّسها لنا المعلمون، وكنتُ أتمنَّى ألا يجيء الطبيب حتى أقرأ المجلات جميعها، التي كانت تحوي صوراً لامعةً، وقصصاً طريفةً، وأخباراً أدخلتني عالماً جديداً.
في اليوم التالي بدأتُ أتنبّه إلى المكتبة التي في مدرستنا (مدرسة قريتنا "العصايد"، وهذا اسمها)، فوجدتُ فيها عشرات القصص لـ "كامل كيلاني"، وديوان "القروي"، وديوان "الماحي". وقد فهمت الكتب النثرية وتجاوبتُ معها، أما الشعر، فكنتُ أحس به إحساساً ممتزجاً بالغموض الذي يشف عما وراءه، وقليلاً ما كنتُ أسأل أساتذتنا عن معنى كلمة.
بعد عامين من القراءة المبكرة، اكتشفتُ أني شاعر حينما ألّفت بيتين من الشعر بعنوان "نسيم الفجر" أقول فيهما (من باب تمرين اللسان على القول، والتدرب على قول الشعر، فليست هناك "بثينة" على الإطلاق!)، وكان ذلك عام (1962م) وأنا في الصف السادس الابتدائي:
ألا يا نسيـــم الفجرِ بلِّغْ تحيَّتي
بثيْنةَ واشْرحْ ما بقَــلْبي من الجَمْرِ
لعلَّ التي في القلْبِ تَــرْنو إلى فتىً
يذوبُ هوىً في حبِّها وهْيَ لا تدري
ويضيف: عرفني طلاب مدرسة قريتي الصغيرة باسم "الشاعر"، وهي الصفة التي أطلقت عليَّ حينما ذهبتُ إلى المدرسة الإعدادية في مدينة "ديرب نجم" ـ وهي مدينة صغيرة مجاورة لقريتي ـ بعد عدة أشهر ملتحقاً بها.
كان أبي تاجراً يقرأ بصعوبة، ولم يكن في بيتنا كتاب غير القرآن الكريم، وبعض الملاحم الشعبية مثل "سيرة عنترة"، وما أزال أتذكّر بعض صور الفرسان التي كانت معلقة في الدور الثاني (المقعد) من بيتنا الطيني.
وها أنا التحقتُ بمدرسة في مدينة تُباع فيها الجرائد والكتب. أخذت في تكوين مكتبتي شيئا فشيئا، وبدأتُ أرسل للمجلات التي فيها أبواب للقرّاء أشعاري القليلة التي أكتبها بين الحين والآخر.
بعد عامين من كتابتي الشعر ظهرت مجلة "الشعر" (في يناير 1964م برئاسة الدكتور عبد القادر القط) ووجدتُ أغلبها قصائد من شعر التفعيلة تختلفُ عن أشعار الماحي، وهاشم الرفاعي، والقروي، وكامل أمين، وصالح جودت، ومحمود حسن إسماعيل .. وغيرهم من الذين قرأتُ دواوينهم في مكتبة المدرسة الإعدادية، أو في مجلة "الرسالة" (التي عاودت الصدور 1963-1965م)، ومع ذلك فقد وجدتُ في هذا النوع من الشعر جمالاً، صادف هوىً في نفسي، فكتبتُ قصيدة بعنوان "زنجي مـن أمريـــكا" وقصيدة بعنـوان " رسالة من آنسة"، ونشرتُ الأولى في "صوت الشرقية" (1965م)، ونشرتُ الثانية بعد عامين في المجلة نفسها التي نشرت لي الكثير من أشعار البواكير. وهذه المجلة الإقليمية مازالت تصدر، وكان لها أثر كبير فيَّ وفي نخبة من أدباء جيلي من أبناء محافظة الشرقية"
تخرج حسين على محمد في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية عام 1972م، ليعمل بالتدريس العام، وينخرط في الحياة الثقافية، فيصدر مجلة سلسلة "كتابات الغد" مع الفنان الدكتور يوسف غراب.
وحصل على الماجستير عام 1986م عن رسالته "عدنان مردم بك شاعراً مسرحيا"، ثم على الدكتوراه عام 1990م عن رسالته "البطل في المسرح الشعري المُعاصر"، وهو الآن أستاذ الأدب الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوارة.
بالإضافة إلى العديد من الدراسات الأكاديمية التي تناولت شعره وتناولت سلسلة أصوات معاصرة، منها رسالة ماجستير التي قدمها الباحث السيد مختار جباب الله القهوجي عن شعر الدكتور حسين على محمد من جامعة المنصورة المصرية.
ويقول الرافعي رحمه الله في كتابه وحي القلم: "لن يتحول الشعب أول ما يتحول إلا من لغته، إذ يكون منشأ التحول من أفكاره، وعواطفه، وآماله، وهو إذا انقطع من نسب لغته انقطع من نسب ماضيه، ورجعت قوميته محفوظة في التاريخ لا صورة محققة في وجوده، فليس كاللغة نسب للعاطفة والفكر، حتى أن أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم فنشأ منهم ناشئ على لغة، ونشأ الثاني على لغة أخرى، والثالث على لغة ثالثة لكانوا في العاطفة كأبناء ثلاثة آباء.
واللغة هي وعاء الثقافة وأداة انتقالها من جيل إلى جيل؛ وبالرغم من أهمية اللغة والثقافة في تأكيد ملامح خصوصية أمة دون غيرها؛ فما زالت الغالبية العظمى من شعوبنا العربية والإسلامية تنظر للثقافة باعتبارها أحد روافد التسلية وتزجية الوقت، غير أن الواقع يثبت عكس ذلك تماما، فأمة بلا ثقافة هي أمة بلا ذاكرة. وأمة بلا مثقفين متخصصين هي أمة مشوشة لا يمكن أن تقيس منجزها ولا يمكن أن تتعرف على ذاتها.
والدكتور حسين علي محمد يعتبر واحداً من أهم العلماء العرب الذين شغلهم الدفاع عن الذاكرة العربية فوجه مساحة كبيرة من وقته وجهده وإنتاجه الثقافي لتأكيد ملامح الشخصية الإسلامية، خصوصا في الأدب والإبداع، من خلال حضوره المؤثر والملموس في الحياة الثقافية، وما يقدمه لشباب المبدعين من عناية كبيرة تبدو في حرصه على رعاية المواهب الجديدة ودفعها للميدان الثقافي، فمنذ بدايته وهو ينتقل من مشروع إلى آخر؛ وكلها كانت علامات على طريق الثقافة والإبداع، نذكر منها تأسيسه لسلسلة أصوات معاصرة في محاولة منه لتفعيل العمل المؤسسي في الثقافة، وأثمرت هذه التجربة التي بدأت منذ 1980 أكثر من 120 إصدارا في مختلف ألوان الثقافة الإبداع، ومازالت مستمرة كالدوحة الوارفة الظلال تلم شمل الأدباء من شتى بلدان الوطن العربي.
وكان لأصوات معاصرة الفضل في تقديم العديد من الأدباء الشبان لأول مرة أكثرهم ثبتت أقدامه في المحيط الثقافي، بعدما تخرج في مدرسة أصوات معاصرة، وعرفه القارئ العربي من خلال هذه السلسلة التي ظلت تصدر بانتظام منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.
وعن تجربته في أصوات معاصرة يقول حسين علي محمد: "كنا نعرف معاناة الأدباء الشبان ـ منذ الستينات إلى السبعينات ـ وأن فرص النشر تضيق، وأنها صارت أشبه "بثقب الإبرة"، ومن ثم فعلينا أن نشعل شمعة وحيدة صغيرة، فهذا أفضل ألف مرة من سب الظلام!"
ويضيف: بعد تجربة إشرافي على سلسلة "كتاب آتون" التي استمرت تسعة أشهر، قررت أن أصدر سلسلة بعنوان "أصوات"، وصدر العدد الأول في إبريل 1980م، يحمل عنوان "أصوات"، وتحته بخط أصغر "شعرية، فصلية، معاصرة".
وصدر العدد في 500 نسخة، وعن طريق التوزيع اليدوي لأصدقاء في طنطا والزقازيق وبور سعيد وأسوان ومكتبة مدبولي بالقاهرة .. وزعنا أكثر من 300 نسخة وعرفنا أننا بهذه الطريقة ـ طريقة التوزيع اليدوي عن طريق الأصدقاء الأدباء ـ استطعنا أن نوزع أكثر مما كانت توزعه المؤسسة الصحفية التي كانت تُوزع لنا "كتاب آتون"؛ فقد كنا نطبع "كتاب آتون" في ثلاثة آلاف نسخة، وكان ما يباع منه يدور في دائرة المئة نسخة !!.
والدكتور حسين على محمد من مواليد عام 1950م، نشأ نشأة إسلامية كان لها أثرها الواضح في شخصيته التي انطبعت على حب الخير وتمثله في شعره، كما كان لحرص والده على تحفيظه القرآن الكريم وتعليمه في الأزهر بصمة واضحة فيما أنتجه من شعر فيما بعد، فقد حفظ نصف القرآن الكريم وهو في مراحل التعليم الأولى.
كانت أمنية أبيه أن يراه أزهرياً معمماً، وكان يبذل في هذا الطريق كل ما يمكنه وفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه أمام الكعبة المشرفة وهو يؤدي فريضة الحج عام 1948، فقد كانت ذريته من الإناث وكلما رزق غلام توفاه الله، فدعا ربه أن يهبه صبياً يكون سنداً لأخواته وعوناً لهن.
ويستجب الله تعالى دعاء الشيخ على محمد حسين ويرزقه غلاماً في العام 1950م ويسميه باسم جده حسين، وحينما بدأ حسين في التعاطي مع من حوله، دفعه أبوه إلى أصحاب الكتاتيب في قريته "العصايد" مركز ديرب نجم محافظة الشرقية، تمهيداً لدفعه للمرحلة الأهم وهي التعليم الأزهري.
ويأتي اليوم الذي يبلغ فيه الصبي سن دخول المدرسة، ويدخل التعليم العام بدلاً من التعليم الأزهري، وحينما حاول أبوه، تحويله من التعليم العام إلى التعليم الأزهري أشار عليه المعلمون بالإبقاء عليه لتفوقه وتقدمه على أقرانه، فاستجاب أبوه لمطلب المعلمين شريطة أن يواصل حفظ القرآن وتحصيل العلوم الشرعية.
ويكشف لنا الدكتور حسين علي محمد عن جانب كبير من تكوينه ومصادر ثقافته فيقول: "حينما كنت في العاشرة من عمري ذهبتُ مع والدي إلى الطبيب في "الزقازيق" التي تبعد عن قريتنا نحو ثلاثين كيلا، وفي انتظار عودة الطبيب من المستشفى وجدتُ بعض المجلات، أخذتُ أُقلِّب فيها، فاكتشفتُ عالماً غير الذي أعرفه في الكتب المدرسية الرصينة التي يُدرِّسها لنا المعلمون، وكنتُ أتمنَّى ألا يجيء الطبيب حتى أقرأ المجلات جميعها، التي كانت تحوي صوراً لامعةً، وقصصاً طريفةً، وأخباراً أدخلتني عالماً جديداً.
في اليوم التالي بدأتُ أتنبّه إلى المكتبة التي في مدرستنا (مدرسة قريتنا "العصايد"، وهذا اسمها)، فوجدتُ فيها عشرات القصص لـ "كامل كيلاني"، وديوان "القروي"، وديوان "الماحي". وقد فهمت الكتب النثرية وتجاوبتُ معها، أما الشعر، فكنتُ أحس به إحساساً ممتزجاً بالغموض الذي يشف عما وراءه، وقليلاً ما كنتُ أسأل أساتذتنا عن معنى كلمة.
بعد عامين من القراءة المبكرة، اكتشفتُ أني شاعر حينما ألّفت بيتين من الشعر بعنوان "نسيم الفجر" أقول فيهما (من باب تمرين اللسان على القول، والتدرب على قول الشعر، فليست هناك "بثينة" على الإطلاق!)، وكان ذلك عام (1962م) وأنا في الصف السادس الابتدائي:
ألا يا نسيـــم الفجرِ بلِّغْ تحيَّتي
بثيْنةَ واشْرحْ ما بقَــلْبي من الجَمْرِ
لعلَّ التي في القلْبِ تَــرْنو إلى فتىً
يذوبُ هوىً في حبِّها وهْيَ لا تدري
ويضيف: عرفني طلاب مدرسة قريتي الصغيرة باسم "الشاعر"، وهي الصفة التي أطلقت عليَّ حينما ذهبتُ إلى المدرسة الإعدادية في مدينة "ديرب نجم" ـ وهي مدينة صغيرة مجاورة لقريتي ـ بعد عدة أشهر ملتحقاً بها.
كان أبي تاجراً يقرأ بصعوبة، ولم يكن في بيتنا كتاب غير القرآن الكريم، وبعض الملاحم الشعبية مثل "سيرة عنترة"، وما أزال أتذكّر بعض صور الفرسان التي كانت معلقة في الدور الثاني (المقعد) من بيتنا الطيني.
وها أنا التحقتُ بمدرسة في مدينة تُباع فيها الجرائد والكتب. أخذت في تكوين مكتبتي شيئا فشيئا، وبدأتُ أرسل للمجلات التي فيها أبواب للقرّاء أشعاري القليلة التي أكتبها بين الحين والآخر.
بعد عامين من كتابتي الشعر ظهرت مجلة "الشعر" (في يناير 1964م برئاسة الدكتور عبد القادر القط) ووجدتُ أغلبها قصائد من شعر التفعيلة تختلفُ عن أشعار الماحي، وهاشم الرفاعي، والقروي، وكامل أمين، وصالح جودت، ومحمود حسن إسماعيل .. وغيرهم من الذين قرأتُ دواوينهم في مكتبة المدرسة الإعدادية، أو في مجلة "الرسالة" (التي عاودت الصدور 1963-1965م)، ومع ذلك فقد وجدتُ في هذا النوع من الشعر جمالاً، صادف هوىً في نفسي، فكتبتُ قصيدة بعنوان "زنجي مـن أمريـــكا" وقصيدة بعنـوان " رسالة من آنسة"، ونشرتُ الأولى في "صوت الشرقية" (1965م)، ونشرتُ الثانية بعد عامين في المجلة نفسها التي نشرت لي الكثير من أشعار البواكير. وهذه المجلة الإقليمية مازالت تصدر، وكان لها أثر كبير فيَّ وفي نخبة من أدباء جيلي من أبناء محافظة الشرقية"
تخرج حسين على محمد في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية عام 1972م، ليعمل بالتدريس العام، وينخرط في الحياة الثقافية، فيصدر مجلة سلسلة "كتابات الغد" مع الفنان الدكتور يوسف غراب.
وحصل على الماجستير عام 1986م عن رسالته "عدنان مردم بك شاعراً مسرحيا"، ثم على الدكتوراه عام 1990م عن رسالته "البطل في المسرح الشعري المُعاصر"، وهو الآن أستاذ الأدب الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوارة.
بالإضافة إلى العديد من الدراسات الأكاديمية التي تناولت شعره وتناولت سلسلة أصوات معاصرة، منها رسالة ماجستير التي قدمها الباحث السيد مختار جباب الله القهوجي عن شعر الدكتور حسين على محمد من جامعة المنصورة المصرية.
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: حسين علي محمد يدافع عن الذاكرة العربية ويؤسس أصوات معاصرة
الف شكر لك علي جهودك
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57272
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» رحيل حسين علي محمد.. زارع الأقلام!!
» (¯`·._الشيخ محمد بدر حسين عدد التلاوات 78 تلاوة_.·´¯)
» المصحف المجود مقسم اجزاء - كامل - 30 جزء - برابط واحد ل اليمني الحافظ محمد حسين عامر - واسمع
» مصحف كامل مقسم 114 سورة بجودة 96 ك ب برابط واحد ل القارئ اليمني محمد حسين عامر - واسمع اولا
» ۞ مدارج السالكين - لا تنم حتى تأخذ الدواء - للشيخ محمد حسين يعقوب {28-1-2012} ۩۞۩
» (¯`·._الشيخ محمد بدر حسين عدد التلاوات 78 تلاوة_.·´¯)
» المصحف المجود مقسم اجزاء - كامل - 30 جزء - برابط واحد ل اليمني الحافظ محمد حسين عامر - واسمع
» مصحف كامل مقسم 114 سورة بجودة 96 ك ب برابط واحد ل القارئ اليمني محمد حسين عامر - واسمع اولا
» ۞ مدارج السالكين - لا تنم حتى تأخذ الدواء - للشيخ محمد حسين يعقوب {28-1-2012} ۩۞۩
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى