مصطفى كمال (أتاتورك أبو الأتراك) مات!!
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مصطفى كمال (أتاتورك أبو الأتراك) مات!!
اختزلت الذاكرة الجمعية لقطاع كبير من العرب والمسلمين صورة مصطفى كمال في لمحة خاطفة مؤداها أنه من أسقط الخلافة الإسلامية عام 1924، وأنه من غير وجه تركيا من جمال الإسلام إلى قبح العلمانية، وأنه كان في طليعة من انحرفوا بالشعوب الإسلامية عن طريق الإسلام ثقافة ومعتقدا.
كل هذا صحيح؛ لكننا قليل ما نتأمل الظروف الاجتماعية والسياسية التي أحاطت بالمسلمين في تلك الفترة من الزمن، وما صاحبها من ضعف شديد في الإمبراطورية العثمانية أدى إلى إنهيارها، في الوقت الذي كان مصطفى كمال وطليعة من الشباب الأتراك ثائرين على الدولة الضعيفة، وقد كان مصطفى كمال من النشاط والحيوية وقوة الإنجاز بالدرجة التي مكنته كضابط في الجيس العثماني من الانتصار على الدول الحليفة في الحرب العالمية الأولى، وهو ما مثل زلزالا من الدهشة للشعوب الإسلامية التي تحتلها بريطانيا، حيث كانت الدول المحتلة تنظر للاحتلال البريطاني أنه وباء فتاك ولا يمكن التخلص منه، وفي هذا درس مهم مفاده إنه إذا غاب أصحاب الفكر السديد سيتقدم أصحاب الفكر المنحرف، وتتبدى هنا أيضا مقولة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه "اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة".
ولد مصطفى كمال 9/5/ 1881م بمدينة "سلانيك" وهي نفس المدينة التي نُفي إليها السطان عبدالحميد الثاني عام 1909م حين سعت جميعة الاتحاد والترقي بمساعدة أوروبية للتخلص من السلطان عبدالحميد بطريقة مهينة، ولا شك أن هذه الأحداث المتتابعة في ترهل الدولة العثمانية كانت من العوامل المؤثرة في بناء خلفية مصطفى كمال الثقافية والفكرية، فقد تمرد على الدراسة الشرعية ونفر منها، ففي الوقت الذي كان أبوه تاجر الأخشاب البسيط المتعثر في تجارته والمثقل بالديون يحلم أن يراه موظفا كبيرا، و كانت أمه تحلم أن تراه عالما كبيرا يخطب في المساجد ويؤم المصلين، وانتصرت رغبة أمه في إلحاقه بمدرسة شرعية، لكنه سرعان ما تمرد عليها، وترك الدراسة فيها ليلتحلق بمدرسة تدرس العلوم العصرية.
وأثناء دراسته الجديدة توفي والدة وسط همومه وديونيه الكثيرة، فاضطرت أمه أن نتتقل به وأخته إلى بيت شقيقها الفلاح في قرية "لازاسان" وعاش مصطفى كمال حياة الفلاحين الخشنة التي كانت تعد ـ برغم قسوتها وشظفها ـ أفضل حالا من حياة الفقر والبؤس التي كان يحياها في "سلانيك" مع والده!
لم يتكيف مصطفى كمال مع الحياة الجديدة في الرعي مع الفلاحين، وصار مصدر قلق لأمه ولكل من حوله؛ فاقترح خاله على أمه أن يلحقوه بالمدرسة العسكرية، وقد كانت هذه الفكرة بمثابة فرصة عظيمة لاقت قبولا كبيرا في نفس مصطفى كمال ولاقت ارتياحا أكبر من المحيطين به، الذين كانوا يضيقون به وبتصرفاته العنيفة!
وفي عام 1905 تخرج مصطفى كمال في الكلية العسكرية باسطنبول، وبدأ مع العديد من زملائه بإنشاء خلية سرية أطلق عليها اسم الوطن والحرية، هدفها الخروج على السلطان، وقد لاقت دعوات مصطفى كمال رواجا خفيا في ظل شهرته وانتصاراته العسكرية التي حققها للامبراطورية العثمانية فكان مثار إعجاب المحيطين به!
وكان الحدث الأهم الذي جعله بطلا وطنيا هو رده الغزاة عندما شنت حملة الدردنيل عام 1915 ليحقق انتصارات متلاحقة ويرقى إلى رتبة جنرال عام 1916 وعمره 35 عاما، كما قام بتحرير مقاطعتين رئيستين في شرق أنطاليا في السنة نفسها، وفي السنتين التاليتين خدم كقائد للعديد من الجيوش العثمانية في فلسطين وحلب، وحقق نصرا رئيسيا آخر عندما أوقف تقدم الأعداء عند حلب.
وأثناء خلافة السلطان عبدالمجيد الثاني انتخبته الجمعية الوطنية الكبرى رئيسا شرعيا للحكومة، فأرسل مبعوثه "عصمت باشا" إلى بريطانيا عام 1921م لمفاوضة الإنجليز على استقلال تركيا. وفي منتصف أكتوبر من العام نفسه أصبحت أنقرة عاصمة الدولة التركية الحديثة، وفي 29 أكتوبر أعلنت الجمهورية وانتخب مصطفى كمال باشا بالإجماع رئيساً للجمهورية.
في 3 مارس1924م ألغى مصطفى كمال الخلافة العثمانية، وطرد الخليفة وأسرته من البلاد، وألغى وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وحول المدارس الشرعية إلى مدارس علمانية، وأعلن أن تركيا دولة علمانية، واستخدم الأبجدية اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلاً من الأبجدية العربية.
خلال 15 عاما التي أمضاها مصطفى كمال في الرئاسة أرسى نظاما سياسيا وقضائيا جديدا، محى به الخلافة الإسلامية وأنهاها، وجعل كلا من الحكومة والتعليم علمانيا، كما شن حملة واسعة تصفية شملت العديد من رموز الدين والمحافظين بادعاء مشاركتهم في محاولة اغتياله، وحل برلمان إسطنبول المعارض له، واستبدله ببرلمان أنقرة، وفي عام 1934 عندما تم تبني قانون التسمية منحه البرلمان الجديد اسم أتاتورك (أبو الاتراك).
عاش مصطفى كمال 57 عاما مليئة بالصراعات، وكان القشة التي قصمت الخلافة الإسلامية، وتوفي عام 1938 بعد إصابته بمرض تشمع الكبد الذي أصابه نتيجة إفراطه في تعاطي الخمور! فهل ماتت أفكار ومبادئ مصطفى كمال (أبو الأتراك) العلمانية في نفوس الأتراك كما مات هو بالفعل قبل أكثر من 70 عاما؟
أقل من مئة عاشتها تركيا بعد سقوط الخلافة الإسلامية، لم تستطع كل تلك السنين أن تطمس الإيمان في القلب الأتراك، وهاهي تركيا تعود من جديد ترفع صوت الإسلام عاليا، وتحاجج عن المسلمين وتطالب بحقوقهم في غزة، وغيرها من بلدان العالم.
كان ظهور مصطفى كمال نتيجة غياب الشخصية الإسلامية العبقرية التي تملك القدرة على تجميع الشعوب حولها في لحظة ترنح الإمبراطورية العثمانية الضخمة ذات الإنجازات الكبيرة والأخطاء الكبيرة أيضا، وبالرغم من مرور السنين، لم تستغرق تركيا وقتا طويلا لتستعيد توازنها وتستعيد وجهها المسلم المشرق، حين تهيأ لها من أبنائها من يزيل تراب السنين من فوق خبيئة الصدور التي تشبعت بالإسلام وحكمت العالم أكثر من سبعة قرون، وكان نور الإسلام يملأ جوانحها وكان نشيدها الرسمي يتردد:
يا خير جيش... يا خير عسكر
أنت الشجاع... في البحر فاظفر
في اليد درع... في اليد خنجر
سر نحو الأعادي... يا خير عسكر
لو كان كل شيء... في البحر يُنصَر
فنحن ننادي... الله أكبر
الله أكبر... الله أكبر
وليكن جيشنا... دوماً مُظَفَّر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل هذا صحيح؛ لكننا قليل ما نتأمل الظروف الاجتماعية والسياسية التي أحاطت بالمسلمين في تلك الفترة من الزمن، وما صاحبها من ضعف شديد في الإمبراطورية العثمانية أدى إلى إنهيارها، في الوقت الذي كان مصطفى كمال وطليعة من الشباب الأتراك ثائرين على الدولة الضعيفة، وقد كان مصطفى كمال من النشاط والحيوية وقوة الإنجاز بالدرجة التي مكنته كضابط في الجيس العثماني من الانتصار على الدول الحليفة في الحرب العالمية الأولى، وهو ما مثل زلزالا من الدهشة للشعوب الإسلامية التي تحتلها بريطانيا، حيث كانت الدول المحتلة تنظر للاحتلال البريطاني أنه وباء فتاك ولا يمكن التخلص منه، وفي هذا درس مهم مفاده إنه إذا غاب أصحاب الفكر السديد سيتقدم أصحاب الفكر المنحرف، وتتبدى هنا أيضا مقولة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه "اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة".
ولد مصطفى كمال 9/5/ 1881م بمدينة "سلانيك" وهي نفس المدينة التي نُفي إليها السطان عبدالحميد الثاني عام 1909م حين سعت جميعة الاتحاد والترقي بمساعدة أوروبية للتخلص من السلطان عبدالحميد بطريقة مهينة، ولا شك أن هذه الأحداث المتتابعة في ترهل الدولة العثمانية كانت من العوامل المؤثرة في بناء خلفية مصطفى كمال الثقافية والفكرية، فقد تمرد على الدراسة الشرعية ونفر منها، ففي الوقت الذي كان أبوه تاجر الأخشاب البسيط المتعثر في تجارته والمثقل بالديون يحلم أن يراه موظفا كبيرا، و كانت أمه تحلم أن تراه عالما كبيرا يخطب في المساجد ويؤم المصلين، وانتصرت رغبة أمه في إلحاقه بمدرسة شرعية، لكنه سرعان ما تمرد عليها، وترك الدراسة فيها ليلتحلق بمدرسة تدرس العلوم العصرية.
وأثناء دراسته الجديدة توفي والدة وسط همومه وديونيه الكثيرة، فاضطرت أمه أن نتتقل به وأخته إلى بيت شقيقها الفلاح في قرية "لازاسان" وعاش مصطفى كمال حياة الفلاحين الخشنة التي كانت تعد ـ برغم قسوتها وشظفها ـ أفضل حالا من حياة الفقر والبؤس التي كان يحياها في "سلانيك" مع والده!
لم يتكيف مصطفى كمال مع الحياة الجديدة في الرعي مع الفلاحين، وصار مصدر قلق لأمه ولكل من حوله؛ فاقترح خاله على أمه أن يلحقوه بالمدرسة العسكرية، وقد كانت هذه الفكرة بمثابة فرصة عظيمة لاقت قبولا كبيرا في نفس مصطفى كمال ولاقت ارتياحا أكبر من المحيطين به، الذين كانوا يضيقون به وبتصرفاته العنيفة!
وفي عام 1905 تخرج مصطفى كمال في الكلية العسكرية باسطنبول، وبدأ مع العديد من زملائه بإنشاء خلية سرية أطلق عليها اسم الوطن والحرية، هدفها الخروج على السلطان، وقد لاقت دعوات مصطفى كمال رواجا خفيا في ظل شهرته وانتصاراته العسكرية التي حققها للامبراطورية العثمانية فكان مثار إعجاب المحيطين به!
وكان الحدث الأهم الذي جعله بطلا وطنيا هو رده الغزاة عندما شنت حملة الدردنيل عام 1915 ليحقق انتصارات متلاحقة ويرقى إلى رتبة جنرال عام 1916 وعمره 35 عاما، كما قام بتحرير مقاطعتين رئيستين في شرق أنطاليا في السنة نفسها، وفي السنتين التاليتين خدم كقائد للعديد من الجيوش العثمانية في فلسطين وحلب، وحقق نصرا رئيسيا آخر عندما أوقف تقدم الأعداء عند حلب.
وأثناء خلافة السلطان عبدالمجيد الثاني انتخبته الجمعية الوطنية الكبرى رئيسا شرعيا للحكومة، فأرسل مبعوثه "عصمت باشا" إلى بريطانيا عام 1921م لمفاوضة الإنجليز على استقلال تركيا. وفي منتصف أكتوبر من العام نفسه أصبحت أنقرة عاصمة الدولة التركية الحديثة، وفي 29 أكتوبر أعلنت الجمهورية وانتخب مصطفى كمال باشا بالإجماع رئيساً للجمهورية.
في 3 مارس1924م ألغى مصطفى كمال الخلافة العثمانية، وطرد الخليفة وأسرته من البلاد، وألغى وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وحول المدارس الشرعية إلى مدارس علمانية، وأعلن أن تركيا دولة علمانية، واستخدم الأبجدية اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلاً من الأبجدية العربية.
خلال 15 عاما التي أمضاها مصطفى كمال في الرئاسة أرسى نظاما سياسيا وقضائيا جديدا، محى به الخلافة الإسلامية وأنهاها، وجعل كلا من الحكومة والتعليم علمانيا، كما شن حملة واسعة تصفية شملت العديد من رموز الدين والمحافظين بادعاء مشاركتهم في محاولة اغتياله، وحل برلمان إسطنبول المعارض له، واستبدله ببرلمان أنقرة، وفي عام 1934 عندما تم تبني قانون التسمية منحه البرلمان الجديد اسم أتاتورك (أبو الاتراك).
عاش مصطفى كمال 57 عاما مليئة بالصراعات، وكان القشة التي قصمت الخلافة الإسلامية، وتوفي عام 1938 بعد إصابته بمرض تشمع الكبد الذي أصابه نتيجة إفراطه في تعاطي الخمور! فهل ماتت أفكار ومبادئ مصطفى كمال (أبو الأتراك) العلمانية في نفوس الأتراك كما مات هو بالفعل قبل أكثر من 70 عاما؟
أقل من مئة عاشتها تركيا بعد سقوط الخلافة الإسلامية، لم تستطع كل تلك السنين أن تطمس الإيمان في القلب الأتراك، وهاهي تركيا تعود من جديد ترفع صوت الإسلام عاليا، وتحاجج عن المسلمين وتطالب بحقوقهم في غزة، وغيرها من بلدان العالم.
كان ظهور مصطفى كمال نتيجة غياب الشخصية الإسلامية العبقرية التي تملك القدرة على تجميع الشعوب حولها في لحظة ترنح الإمبراطورية العثمانية الضخمة ذات الإنجازات الكبيرة والأخطاء الكبيرة أيضا، وبالرغم من مرور السنين، لم تستغرق تركيا وقتا طويلا لتستعيد توازنها وتستعيد وجهها المسلم المشرق، حين تهيأ لها من أبنائها من يزيل تراب السنين من فوق خبيئة الصدور التي تشبعت بالإسلام وحكمت العالم أكثر من سبعة قرون، وكان نور الإسلام يملأ جوانحها وكان نشيدها الرسمي يتردد:
يا خير جيش... يا خير عسكر
أنت الشجاع... في البحر فاظفر
في اليد درع... في اليد خنجر
سر نحو الأعادي... يا خير عسكر
لو كان كل شيء... في البحر يُنصَر
فنحن ننادي... الله أكبر
الله أكبر... الله أكبر
وليكن جيشنا... دوماً مُظَفَّر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51256
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: مصطفى كمال (أتاتورك أبو الأتراك) مات!!
الف شكر لك علي جهودك
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57271
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» الدكتور كمال نبهان أستاذ علم العلم!
» (¯`·._فيديوهات للشيخ مصطفى اسماعيل_.·´¯)
» الفتح =الشيخ خضرأحمد مصطفى.mp3
» خضر احمد مصطفى اخر مريم واول طه.mp3
» قصص الأنبياء - للشيخ مصطفى العدوى
» (¯`·._فيديوهات للشيخ مصطفى اسماعيل_.·´¯)
» الفتح =الشيخ خضرأحمد مصطفى.mp3
» خضر احمد مصطفى اخر مريم واول طه.mp3
» قصص الأنبياء - للشيخ مصطفى العدوى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى