عبدالعزيز الرفاعي مؤلف الرجال والكتب
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عبدالعزيز الرفاعي مؤلف الرجال والكتب
قليل من المشهورين وأصحاب الكلمات اللامعة من يكون على مستوى اسمه الكبير، بل يكتشف الناس أن الكثير من أصحاب الأدب هم في حياتهم الخاصة والعامة أقل أدبا من غيرهم، وقد نرى بعض الناس يعجبون بما يكتبه كاتب ما أن يلتقوه حتى يهربوا منه، إما لغروره أو لأنانيته أو للاثنين معا، ولم يسلم من هذه الآفة إلا قلة قليلة من المشهورين وأصحاب الأقلام النظيفة الذين حظوا بإعجاب الناس وحبهم في آن واحد.
وأستاذنا الشيخ عبدالعزيز الرفاعي (1342هـ ـ 1414هـ) رحمه الله يعد من القلة القليلة في جيل رواد النهضة الأدبية السعودية الحديثة الذين حظوا بإعجاب الناس وحبهم معا، فقد كان الرجل منذ فجر شبابه يعمل في صمت، ويترك أعماله تتحدث عنه؛ لا يحب الضجيج والطنطنة وبهرجة الأضواء التي يثيرها بعض الأدباء حول أنفسهم، ويكره أن يتكلم قبل أن يعمل، فإذا تكلم قليلا ترجم ما يقوله إلى عمل، وهو يبدأ في خطوات لتنفيذ الفكرة، فإذا رأى أنها ممكنة وناجحة وتخدم الناس جاء وتكلم عنها قليلا، ثم عاد يستكملها مهما كلفه ذلك جهد أو مال.
فهكذا ولدت دار الرفاعي للنشر والطباعة والتوزيع، فكان فيها آخر من يحسب حسابا للكسب المادي إذ أغرته القيمة الفكرية أو الأدبية للكتاب.
ولم يكتف أستاذنا بدار الرفاعي في تأليف الكتب ونشرها، وإنما وجدت إلى جوارها "ندوة الرفاعي" الخميسية التي تؤلف قلوب الرجال وعقولهم، فوجد الذين لا يتسع وقتهم للقراءة ما يغنيهم عن قراءة الكتب وعناء البحث فيها، فهناك الأدب والشعر والتاريخ والاجتماع، وهناك علوم الدين، وقبل هذا كله يكون هناك عميد الندوة يتيح للجميع فرصة المشاركة في كل شيء.
وكان كل مشارك في ندوته يحس أنه موجود معه وحده يستمع له وينظر إليه، ويطلب منه القصيدة التي شارك بها ليحتفظ بها في أرشيف الندوة، ويستقبل كل من جاء مرحبا عند الدخول.
كان يحرص ألا يتكلم أكثر من ضيوفه، وهذه خصلة في الخلق كريمة يغفلها بعض الذين يدعون الناس إلى بيوتهم فيجعلونهم يشعرون وكأنهم دعوهم ليستمعوا إليهم!
ولن أنسى ما حييت أول مرة حضرت فيها ندوته، وأنا مشوق لمعرفة الرجل الذي قرأت له منذ سنوات طويلة وأعجبت به، فكان المكان غاصا بالناس، وعند الخروج أشفقت عليه من وقوفه لتحية كل الناس، فحاولت الهروب ليقيني أنه لا يعرفني، وما أن رفعت نظري إلى وجهه وتفرست ملامحه الهادئة المريحة حتى شدني إليه ذلك البريق الذي يشع من خلف نظارته؛ فيشعر بدفئه الناس وهو يسلم عليهم، وابتسامته الوديعة التي لا تفارقه أبدا حتى في أكثر اللحظات حزنا وألما، وسلمت عليه بكلتا يدي، وقدمني إليه من كنت أرافقه، فحياني تحية من يعرفني من سنين، وما أن حل لقاء ثان حتى وجدته يتذكرني تماما، وعرفت يومها سرا من أسرار محبة الناس له!
مؤلف الرجال
الرجال الذين ألفوا الكتب كثير، أما الرجال الذين ألفوا القلوب فهم يعدون بأصابع اليد الواحد في العصر الواحد؛ ذلك لأن تأليف الكتب في عصرنا قد أصبح صناعة يحترفها من هو أهل لها ومن هو غير أهل، ولم يعد يعطى لتأليف الكتب ذلك الجهد المضني الصادق الذي أعطي لها من قبل السابقين، وهو جهد لا يقدر عليه اليوم إلا أولو العزم من المؤلفين.
فلا عجب أن يكون لأستاذنا الرفاعي عدد قليل من الكتب قياسا إلى عدد القلوب التي ألفها، لهذا كان يستوعب في ندوته قلوبا لم تسعها كتبه، واستطاع بفطرة الإنسان الذي فطره الله على حب الخير لعباده أن يجتذب كافة أنواع الناس، فأصحابه ليسوا من الأدباء وأهل الفكر فقط؛ إنما هم كثير من عامة الناس ومن ذوي الميول المختلفة ومن رجال الأعمال.
وهنا يجب أن نلفت الانتباه إلى أن منهج الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي في تأليف الكتب، لم يكن إلا مكملا لمنهجه في تأليف الرجال، فهو رجل تربوي في المقام الأول.
والدارس لمؤلفاته لابد أن يتوقف عند لغته وأسلوبه، فالأسلوب هو الرجل كما هو معروف، وقد استطاع الأستاذ الرفاعي أن يطوع لغته وأسلوبه لخدمة منهجه التربوي الرسالي، وقد أعانه على ذلك مواهبه المبكرة في كتابة الشعر والقصة والمسرحية، فسخرها في تسهيل بحوثه وتقريبها إلى أذهان القراء بأسلوب سهل شيق يجذبك إلى سرده القصصي الذي يحبب إليك مادته العلمية.
وقد جمع الرفاعي بعضا من شعره ونشره في ديوان "ظلال ولا أغصان"، وقد قسم الديوان إلى خمسة أقسام: في ظلال الدعاء، في ظلال الوجدان، في ظلال الطبيعة، في ظلال المناسبات، في ظلال الصداقة.
وكان في شعره يزاوج دائما بين الرؤية المستقبلية وواقع الحال، ولكنه لا يستسلم أبدا ولا ينفك عن العمل لتحقيق أمانيه؛ واسمعه يقول:
يا أماني إذا طال النوى
ومضى العمر وقد عز اللقاء
لا تخالي أن روحا ناقدا
يرتضي الزيف ويغريه الطلاء
ليس من عاش بقلب مثل من
عاش لا قلب له أو لا ضياء
مثلي العليا هي السلوى إذا
عز في الدنيا على الحر العزاء
وأستاذنا الشيخ عبدالعزيز الرفاعي (1342هـ ـ 1414هـ) رحمه الله يعد من القلة القليلة في جيل رواد النهضة الأدبية السعودية الحديثة الذين حظوا بإعجاب الناس وحبهم معا، فقد كان الرجل منذ فجر شبابه يعمل في صمت، ويترك أعماله تتحدث عنه؛ لا يحب الضجيج والطنطنة وبهرجة الأضواء التي يثيرها بعض الأدباء حول أنفسهم، ويكره أن يتكلم قبل أن يعمل، فإذا تكلم قليلا ترجم ما يقوله إلى عمل، وهو يبدأ في خطوات لتنفيذ الفكرة، فإذا رأى أنها ممكنة وناجحة وتخدم الناس جاء وتكلم عنها قليلا، ثم عاد يستكملها مهما كلفه ذلك جهد أو مال.
فهكذا ولدت دار الرفاعي للنشر والطباعة والتوزيع، فكان فيها آخر من يحسب حسابا للكسب المادي إذ أغرته القيمة الفكرية أو الأدبية للكتاب.
ولم يكتف أستاذنا بدار الرفاعي في تأليف الكتب ونشرها، وإنما وجدت إلى جوارها "ندوة الرفاعي" الخميسية التي تؤلف قلوب الرجال وعقولهم، فوجد الذين لا يتسع وقتهم للقراءة ما يغنيهم عن قراءة الكتب وعناء البحث فيها، فهناك الأدب والشعر والتاريخ والاجتماع، وهناك علوم الدين، وقبل هذا كله يكون هناك عميد الندوة يتيح للجميع فرصة المشاركة في كل شيء.
وكان كل مشارك في ندوته يحس أنه موجود معه وحده يستمع له وينظر إليه، ويطلب منه القصيدة التي شارك بها ليحتفظ بها في أرشيف الندوة، ويستقبل كل من جاء مرحبا عند الدخول.
كان يحرص ألا يتكلم أكثر من ضيوفه، وهذه خصلة في الخلق كريمة يغفلها بعض الذين يدعون الناس إلى بيوتهم فيجعلونهم يشعرون وكأنهم دعوهم ليستمعوا إليهم!
ولن أنسى ما حييت أول مرة حضرت فيها ندوته، وأنا مشوق لمعرفة الرجل الذي قرأت له منذ سنوات طويلة وأعجبت به، فكان المكان غاصا بالناس، وعند الخروج أشفقت عليه من وقوفه لتحية كل الناس، فحاولت الهروب ليقيني أنه لا يعرفني، وما أن رفعت نظري إلى وجهه وتفرست ملامحه الهادئة المريحة حتى شدني إليه ذلك البريق الذي يشع من خلف نظارته؛ فيشعر بدفئه الناس وهو يسلم عليهم، وابتسامته الوديعة التي لا تفارقه أبدا حتى في أكثر اللحظات حزنا وألما، وسلمت عليه بكلتا يدي، وقدمني إليه من كنت أرافقه، فحياني تحية من يعرفني من سنين، وما أن حل لقاء ثان حتى وجدته يتذكرني تماما، وعرفت يومها سرا من أسرار محبة الناس له!
مؤلف الرجال
الرجال الذين ألفوا الكتب كثير، أما الرجال الذين ألفوا القلوب فهم يعدون بأصابع اليد الواحد في العصر الواحد؛ ذلك لأن تأليف الكتب في عصرنا قد أصبح صناعة يحترفها من هو أهل لها ومن هو غير أهل، ولم يعد يعطى لتأليف الكتب ذلك الجهد المضني الصادق الذي أعطي لها من قبل السابقين، وهو جهد لا يقدر عليه اليوم إلا أولو العزم من المؤلفين.
فلا عجب أن يكون لأستاذنا الرفاعي عدد قليل من الكتب قياسا إلى عدد القلوب التي ألفها، لهذا كان يستوعب في ندوته قلوبا لم تسعها كتبه، واستطاع بفطرة الإنسان الذي فطره الله على حب الخير لعباده أن يجتذب كافة أنواع الناس، فأصحابه ليسوا من الأدباء وأهل الفكر فقط؛ إنما هم كثير من عامة الناس ومن ذوي الميول المختلفة ومن رجال الأعمال.
وهنا يجب أن نلفت الانتباه إلى أن منهج الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي في تأليف الكتب، لم يكن إلا مكملا لمنهجه في تأليف الرجال، فهو رجل تربوي في المقام الأول.
والدارس لمؤلفاته لابد أن يتوقف عند لغته وأسلوبه، فالأسلوب هو الرجل كما هو معروف، وقد استطاع الأستاذ الرفاعي أن يطوع لغته وأسلوبه لخدمة منهجه التربوي الرسالي، وقد أعانه على ذلك مواهبه المبكرة في كتابة الشعر والقصة والمسرحية، فسخرها في تسهيل بحوثه وتقريبها إلى أذهان القراء بأسلوب سهل شيق يجذبك إلى سرده القصصي الذي يحبب إليك مادته العلمية.
وقد جمع الرفاعي بعضا من شعره ونشره في ديوان "ظلال ولا أغصان"، وقد قسم الديوان إلى خمسة أقسام: في ظلال الدعاء، في ظلال الوجدان، في ظلال الطبيعة، في ظلال المناسبات، في ظلال الصداقة.
وكان في شعره يزاوج دائما بين الرؤية المستقبلية وواقع الحال، ولكنه لا يستسلم أبدا ولا ينفك عن العمل لتحقيق أمانيه؛ واسمعه يقول:
يا أماني إذا طال النوى
ومضى العمر وقد عز اللقاء
لا تخالي أن روحا ناقدا
يرتضي الزيف ويغريه الطلاء
ليس من عاش بقلب مثل من
عاش لا قلب له أو لا ضياء
مثلي العليا هي السلوى إذا
عز في الدنيا على الحر العزاء
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: عبدالعزيز الرفاعي مؤلف الرجال والكتب
الف شكر لك علي جهودك
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57272
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» عبدالعزيز الرفاعي ودوره في الحراك الثقافي بالسعودية
» عمر بن عبدالعزيز
» (¯`·._الشيخ عبدالعزيز علي فرج عدد التلاوات 144 تلاوة_.·´¯)
» الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله ومواقفه المشرفة تجاه المرأة
» (¯`·._الشيخ عبدالعزيز عكاشة عدد التلاوات 65 تلاوة_.·´¯)
» عمر بن عبدالعزيز
» (¯`·._الشيخ عبدالعزيز علي فرج عدد التلاوات 144 تلاوة_.·´¯)
» الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله ومواقفه المشرفة تجاه المرأة
» (¯`·._الشيخ عبدالعزيز عكاشة عدد التلاوات 65 تلاوة_.·´¯)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى