الحاجة فوزية إبراهيم امرأة من ميدان التحرير
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الحاجة فوزية إبراهيم امرأة من ميدان التحرير
ستظل ثورة 25 يناير المصرية، نسمة الثورات، فقد كان أهم أسلحتها إيمان الشعب المصري بأن النظام السابق أهانه وأهان مصر العظيمة، وهو ما ولد بركان الغضب النبيل الذي دفع أصحابه لحمل أرواحهم على أكفهم والسير في ثبات باتجاه انتزاع الحلم، الذي لم يشذ عنه إلا الذين ارتبطوا بالنظام الفاسد ارتباطا نفعيا!
وهذه الثورة على عظمتها ونفعها السياسي والاقتصادي الذي سيعيد للعرب والمسلمين مكانتهم المرموقة بين الأمم، بل هي بداية حقيقية لصعود روح الإسلام لتتشربها الدنيا وتنتفع من المسلمين ومن خيرهم.
وسيظل التاريخ يذكر الذين ساهموا؛ وغامروا بأنفسهم وبأبنائهم وبيوتهم وبكل ما يملكون، في لحظة كان كل من حولهم يعدهم من المنتحرين الذين رموا أنفسهم تحت عجلات النظام الذي لم يخطر على باله أنه سينهار مهما بلغ غضب الشعب ومهما بلغ رفضه!
من هذه الشخصيات المغامرة قصة تعد واحدة من بين آلاف القصص التي تحتاج إلى رصد المؤرخين وكتاب السير، إنها الحاجة "فوزية محمد إبراهيم" 61 عاما.
والحاجة فوزية ليست صاحبة اتجاه سياسي، وليس لديها اهتمام بالعمل العام، فهي كما تصف نفسها "ربة بيت كملايين الأمهات المصريات" وتضحك الحاجة فوزية في عذوبة حين يعتبرها الصحفيون بطلة ومغامرة فهي تعتبر ما قدمته واجب يفرضه الدين وتفرضه المروءة وتصر أنها لم تفعل شيئا يستحق الاحتفاء بها!
في يوم الثلاثاء 25 يناير كانت الحاجة فوزية تتابع ما يجري في ميدان التحرير، من شرفة بيتها التي تطل على الميدان مباشرة.. تقول الحاجة فوزية: كانت أتابع الميدان من آن لآخر لاستطلع الأحداث وقد استقر في نفسي أنها ستكون وقفة عادية كغيرها من الوقفات!
وتضيف: بمرور الوقت كان العدد يتزايد، وظلت الأحوال هادئة حتى انتصف الليل، وفجأة دخل علينا الغاز المسيل للدموع من النوافذ وحين خرجت للشرفة، لأرى ما يحدث أدهشني الدخان الكثيف الذي حجب الرؤية، وأدهشني حجم الرصاص المتدفق على الشباب في الميدان.
إلى هنا والحاجة فوزية مجرد مراقب من نافذة شرفتها، كما كنا نراقب من شاشات التلفاز، وفي تمام الواحدة ليلا بدأت قوات الشرطة في ملاحقة المتظاهرين، فتقتل وتعتقل وبدء المتظاهرون في المقاومة والفرار، وبدأت ملاحقات الشرطة لشباب الثوار وتعقبهم في المباني المجاورة للميدان.
وعلى الفور بدأت الأقدام الثقيلة تلاحق الثوار على درج سلالم العمارة التي تسكنها، وبدأت تشعر بجموع المتظاهرين، وهم يفرون إلى السطوح، أو يختبئون بالدور الأرضي غير الآهل بالسكان.. وبدأت تسمع أصوات الضرب والدفع بقسوة من قبل قوات الشرطة لكل من يقبضون عليه من الشباب.
في هذه الأثناء بدأ الخوف يحيط بالحاجة فوزية وأسرتها، وبدأ ابنها في تأنيب نفسه، لأنه ترك الميدان قبل قليل، ورضي أن يكون بين أمه وأسرته.
ولم يطل التفكير، أو التردد فقد وجدت الحاجة فوزية نفسها تفتح باب الشقة، وتتلقف همس المختبئين على السطوح أو بالدور الأرضي وتناديهم: تعالوا.. لا تخافوا يا أولاد.. تعالوا لا تخافوا.
تقول الحاجة فوزية: حاول ابني احمد الخروج لاستدعائهم لكنني خشيت عليه وعليهم، لأنهم لن يعطوه الأمان وربما ظنوه واحدا من رجال الشرطة التي تلاحقهم، لكنني حين خرجت وناديتهم، استجاب لي أربعة منهم على الفور، فأدخلتهم وأغلقت الباب، ومن وقت لآخر أخرج وأصغي للهمس وأنادي، وظللت على هذا الحال حتى اجتمع عدد الشاب بالشقة خمسين شابا وأستاذ جامعة وفتاتين جامعيتين، ورجل أعمال.
وتضيف: بعد أن أغلقت الباب سمعت يدا مرتعشة تطرق الباب، وقبل أن أفتح سمعت أفراد الشرطة ينهرون الشاب الذي حاول اللحاق بإخوانه، فلم أفتح برغم وجع قلبي عليه وأنا اسمعه يستجديهم، ويقول لهم أنا صحفي وهم يردون عليه بالضرب والسب.
أطفأت الحاجة فوزية الأنوار وأغلقت النوافذ حتى لا يكشف ما بداخل الشقة أحد من البنايات المجاورة، وتحولت فجأة ـ كما تقول ـ إلى قائد ميداني، تتحرك بين الغرف التي يتواجد بها الثوار، وبين الباب والنافذة تراقب الأوضاع.
ويبدو أن رجال الشرطة شكوا في اختباء أحد بشقتها فطرقوا بابها بقسوتهم المعتادة، وهم يصرخون: افتحوا الباب.. افتحوا الباب.
تقول الحاجة فوزية: وقفت خلف الباب، ولا أدري من أين أدركتني هذه القوة حين رددت عليهم ووبختهم وأوهمتهم أنني عجوز وحيدة، وأنهم أزعجوا نومي، فانصرفوا دون جدال أو إصرار على الدخول بفضل الله وحده، وحين عادت للثوار ونظرت في وجوههم ولم تتلكم ولم يتكلموا.
كانت هذه الليلة من أقسى وأجمل الليالي كما تصفها الحاجة فوزية، حيث تقول: رأيت شبابا لم أرهم من قبل، رأيتهم في وجوههم الإيمان واليقين بالنصر بالرغم من حداثة أعمارهم، واستغربت أن يكون الشباب الذين أمامي هم شباب الفيس بوك والانترنت الذين سمعت عنهم!
وتضيف: كأنهم ملائكة ظهروا لمهمة معينة واختفوا، في إشارة منها للشباب الذين بدؤوا في المتاجرة بالثورة بعد انتصارها!
قضى الثوار الخمسون ليلتهم بين الحاجة فوزية وأسرتها، وبدأت في إخراجهم مثني مثنى، وكلما خرج اثنان وتفرقا في الطرق اتصلوا بها لإخراج اثنين آخرين، وظلت على هذا الحال من بعد صلاة الفجر مباشرة، وحتى طلوع النهار، حتى انتهت مهمتها، وقد خرج الثوار، وتركوها وأسرتها، لتكون شقتها بمثابة الدعم للثوار في الميدان، حيث كانت تقوم وبناتها بتعبئة قوارير المياه وإلقائها من النوافذ.
ستظل حكايات أبطال ثورة يناير تتوالي يوما بعد يوم، وأهم ما يميزها العمق الإنساني وبساطة أصحابها، وعفويتهم فيما قاموا به، وشعورهم أن ما صنعوه هو واجب على إنسان ذي دين ومروءة
وهذه الثورة على عظمتها ونفعها السياسي والاقتصادي الذي سيعيد للعرب والمسلمين مكانتهم المرموقة بين الأمم، بل هي بداية حقيقية لصعود روح الإسلام لتتشربها الدنيا وتنتفع من المسلمين ومن خيرهم.
وسيظل التاريخ يذكر الذين ساهموا؛ وغامروا بأنفسهم وبأبنائهم وبيوتهم وبكل ما يملكون، في لحظة كان كل من حولهم يعدهم من المنتحرين الذين رموا أنفسهم تحت عجلات النظام الذي لم يخطر على باله أنه سينهار مهما بلغ غضب الشعب ومهما بلغ رفضه!
من هذه الشخصيات المغامرة قصة تعد واحدة من بين آلاف القصص التي تحتاج إلى رصد المؤرخين وكتاب السير، إنها الحاجة "فوزية محمد إبراهيم" 61 عاما.
والحاجة فوزية ليست صاحبة اتجاه سياسي، وليس لديها اهتمام بالعمل العام، فهي كما تصف نفسها "ربة بيت كملايين الأمهات المصريات" وتضحك الحاجة فوزية في عذوبة حين يعتبرها الصحفيون بطلة ومغامرة فهي تعتبر ما قدمته واجب يفرضه الدين وتفرضه المروءة وتصر أنها لم تفعل شيئا يستحق الاحتفاء بها!
في يوم الثلاثاء 25 يناير كانت الحاجة فوزية تتابع ما يجري في ميدان التحرير، من شرفة بيتها التي تطل على الميدان مباشرة.. تقول الحاجة فوزية: كانت أتابع الميدان من آن لآخر لاستطلع الأحداث وقد استقر في نفسي أنها ستكون وقفة عادية كغيرها من الوقفات!
وتضيف: بمرور الوقت كان العدد يتزايد، وظلت الأحوال هادئة حتى انتصف الليل، وفجأة دخل علينا الغاز المسيل للدموع من النوافذ وحين خرجت للشرفة، لأرى ما يحدث أدهشني الدخان الكثيف الذي حجب الرؤية، وأدهشني حجم الرصاص المتدفق على الشباب في الميدان.
إلى هنا والحاجة فوزية مجرد مراقب من نافذة شرفتها، كما كنا نراقب من شاشات التلفاز، وفي تمام الواحدة ليلا بدأت قوات الشرطة في ملاحقة المتظاهرين، فتقتل وتعتقل وبدء المتظاهرون في المقاومة والفرار، وبدأت ملاحقات الشرطة لشباب الثوار وتعقبهم في المباني المجاورة للميدان.
وعلى الفور بدأت الأقدام الثقيلة تلاحق الثوار على درج سلالم العمارة التي تسكنها، وبدأت تشعر بجموع المتظاهرين، وهم يفرون إلى السطوح، أو يختبئون بالدور الأرضي غير الآهل بالسكان.. وبدأت تسمع أصوات الضرب والدفع بقسوة من قبل قوات الشرطة لكل من يقبضون عليه من الشباب.
في هذه الأثناء بدأ الخوف يحيط بالحاجة فوزية وأسرتها، وبدأ ابنها في تأنيب نفسه، لأنه ترك الميدان قبل قليل، ورضي أن يكون بين أمه وأسرته.
ولم يطل التفكير، أو التردد فقد وجدت الحاجة فوزية نفسها تفتح باب الشقة، وتتلقف همس المختبئين على السطوح أو بالدور الأرضي وتناديهم: تعالوا.. لا تخافوا يا أولاد.. تعالوا لا تخافوا.
تقول الحاجة فوزية: حاول ابني احمد الخروج لاستدعائهم لكنني خشيت عليه وعليهم، لأنهم لن يعطوه الأمان وربما ظنوه واحدا من رجال الشرطة التي تلاحقهم، لكنني حين خرجت وناديتهم، استجاب لي أربعة منهم على الفور، فأدخلتهم وأغلقت الباب، ومن وقت لآخر أخرج وأصغي للهمس وأنادي، وظللت على هذا الحال حتى اجتمع عدد الشاب بالشقة خمسين شابا وأستاذ جامعة وفتاتين جامعيتين، ورجل أعمال.
وتضيف: بعد أن أغلقت الباب سمعت يدا مرتعشة تطرق الباب، وقبل أن أفتح سمعت أفراد الشرطة ينهرون الشاب الذي حاول اللحاق بإخوانه، فلم أفتح برغم وجع قلبي عليه وأنا اسمعه يستجديهم، ويقول لهم أنا صحفي وهم يردون عليه بالضرب والسب.
أطفأت الحاجة فوزية الأنوار وأغلقت النوافذ حتى لا يكشف ما بداخل الشقة أحد من البنايات المجاورة، وتحولت فجأة ـ كما تقول ـ إلى قائد ميداني، تتحرك بين الغرف التي يتواجد بها الثوار، وبين الباب والنافذة تراقب الأوضاع.
ويبدو أن رجال الشرطة شكوا في اختباء أحد بشقتها فطرقوا بابها بقسوتهم المعتادة، وهم يصرخون: افتحوا الباب.. افتحوا الباب.
تقول الحاجة فوزية: وقفت خلف الباب، ولا أدري من أين أدركتني هذه القوة حين رددت عليهم ووبختهم وأوهمتهم أنني عجوز وحيدة، وأنهم أزعجوا نومي، فانصرفوا دون جدال أو إصرار على الدخول بفضل الله وحده، وحين عادت للثوار ونظرت في وجوههم ولم تتلكم ولم يتكلموا.
كانت هذه الليلة من أقسى وأجمل الليالي كما تصفها الحاجة فوزية، حيث تقول: رأيت شبابا لم أرهم من قبل، رأيتهم في وجوههم الإيمان واليقين بالنصر بالرغم من حداثة أعمارهم، واستغربت أن يكون الشباب الذين أمامي هم شباب الفيس بوك والانترنت الذين سمعت عنهم!
وتضيف: كأنهم ملائكة ظهروا لمهمة معينة واختفوا، في إشارة منها للشباب الذين بدؤوا في المتاجرة بالثورة بعد انتصارها!
قضى الثوار الخمسون ليلتهم بين الحاجة فوزية وأسرتها، وبدأت في إخراجهم مثني مثنى، وكلما خرج اثنان وتفرقا في الطرق اتصلوا بها لإخراج اثنين آخرين، وظلت على هذا الحال من بعد صلاة الفجر مباشرة، وحتى طلوع النهار، حتى انتهت مهمتها، وقد خرج الثوار، وتركوها وأسرتها، لتكون شقتها بمثابة الدعم للثوار في الميدان، حيث كانت تقوم وبناتها بتعبئة قوارير المياه وإلقائها من النوافذ.
ستظل حكايات أبطال ثورة يناير تتوالي يوما بعد يوم، وأهم ما يميزها العمق الإنساني وبساطة أصحابها، وعفويتهم فيما قاموا به، وشعورهم أن ما صنعوه هو واجب على إنسان ذي دين ومروءة
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: الحاجة فوزية إبراهيم امرأة من ميدان التحرير
الف شكر لك علي جهودك
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57272
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» إحذر الجن عند قضاء الحاجة؟؟
» الحاجة لطيفة أبوحميد.. من أساطير الصبر الفلسطيني
» إبراهيم .mp3
» (( ألم تر إلي الذي حاج إبراهيم في ربه .. ))
» إبراهيم المصري كما عرفته
» الحاجة لطيفة أبوحميد.. من أساطير الصبر الفلسطيني
» إبراهيم .mp3
» (( ألم تر إلي الذي حاج إبراهيم في ربه .. ))
» إبراهيم المصري كما عرفته
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى