عبدالكريم الجهيمان.. الأديب السعودي والمثقف الموسوعي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عبدالكريم الجهيمان.. الأديب السعودي والمثقف الموسوعي
حين نتحدث عن الرموز، أو أصحاب المنجزات في الحياة، من المهم أن ننظر إلى ظروفهم وتجربتهم مجتمعة، أو ما يسميه الباحثون الاجتماعيون الظروف المحيطة بالرمز، وتبدو هذه المقولة ضرورية حين النظر في تجربة الأديب السعودي عبدالكريم الجهيمان، الذي توفي مؤخرا عن مئة عام من طلب العلم والتأليف الأدبي، والثقافة الموسوعية.
ولد عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان عام 1333هـ في قرية في تسمى غسلة، يجاورها قرية أخرى تسمى الوقف، ويطلق على القريتين: القرائن، وكان والده من غسلة، ووالدته من الوقف، وقد انفصل أبوه عن أمه في مرحلة مبكرة من حياته حين كان عمره أربع سنوات، وقد كان لهذه النشاة أثرها في طفولته المبكرة المشحونة بالتجارب والخبرات، الزاخرة بالعوطف الإنسانية ما بين الشجن لابتعاده عن والدته، والدفء لوجوده في حضن جدته، فضلا عن الخبرات البيئية التي كان يكتسبها يوميا من مفردات الطبيعة البكر المحيطة به.
وقد نشأ الجهيمان بين القريتين، فيقيم فترة عند أخواله وأمه، وفترة عند أعمامه وأبيه، في بيئة تسيطر عليها المهن الريفية وأعمال الفلاحة، أو نقل الأحمال من قرية إلى قرية، وكانوا يسمون من يعمل بهذه المهنة بـ"الجماميل"
كانت طفولته حافلة بالحرية والانطلاق، وممارسة هواية الصيد في النخيل، حيث كان يصطاد ورفاقه الطيور في أعشاشها، أو يصطادون الطيور المهاجرة بواسطة الأفخاخ، وكل هذا منحه خيالا واسعا، وشجاعة وقدرة على الابتكار واتخاذ القرار.
وحين بدأ التعلم؛ تعلم القراءة والكتابة بوسائط بدائية يبتكرونها، فلم تكن هناك وسائل مدرسية، ولا كتب، ولا أقلام، ولا أوراق، ولهذا فقد كانوا يصنعون من بيئتهم كل ما يحتاجون إليه ذاتياً، وفي ذلك يقول الأستاذ عبدالكريم الجهني رحمه الله: "كنا نتعلم القراءة والكتابة على رمالنا النقية، وكنا نصنع ألواحاً عريضة تنوب عن الأوراق، وكنا نطلي هذه الألواح بمادة جيرية نسميها(الصالوخ) أي القطع التي تنسلخ من الجبل، فنطلي بها الألواح ونكتب عليها، فإذا حفظنا ما كتب عليها، محوناه مع الطبقة الجيرية التي طلينا بها الألواح، ثم نعيد نعجنه ونطبخه، حتى ينعقد، ثم نعمل منه أقراصاً نجففها، ثم نستعملها في الدواة، والدواة زجاجة ترد إلينا من الخارج، وقد يكون فيها دواء وقد يكون فيها مادة أخرى".
وعندما انقضى عهد الطفولة، وقارب عهد الشباب، كان قد حفظ بعض السور القرآن الكريم، وبدأ في التفكير في إتمام المسيرة العلمية بالرياض، حيث العلم والمعرفة أكثر انتشارا هناك، فذهب مع والده إلى الرياض. والده ذهب يطلب المعيشة وهو يطلب العلم، وحين أنشيء المعهد العلمي السعودي في مكة، أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بأن يختار الشيخ محمد بن إبراهيم بعض الشباب النجديين للدراسة فيه، فكان عبدالكريم وابن عمه من جملة من اختارهم لدخول المعهد، وضمنت لهما الدولة سكناً وإعاشة ونفقات لبعض ما يحتاجونه من أوراق ودفاتر وكتب، وبعد ثلاث سنوات نال الجهيمان شهادة المعهد العلمي عام 1351هـ.
بعد تخرجه من المعهد انتدب الجهيمان لإنشاء المدرسة النموذجية الأولى في مدينة السيح بمنطقة الخرج، وذلك عام 1930، ثم انتقل إلى الظهران وأنشأ جريدة (أخبار الظهران) وهي أول صحيفة تصدر من المنطقة الشرقية.
وتذكر المصادر التاريخية للجهيمان أنه من أوائل من دعا إلى تعليم المرأة من خلال ما نشره من المقالات في جريدة أخبار الظهران، في وقت لم تكن فيه أي مدارس لتعليم البنات.
تنوعت عطاءات الجهيمان في المجال الثقافي الواسع، ما بين الأدب والصحافة والتأليف وأدب الرحلات، وتعد موسوعته: "أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب" التي أخرجها في خمسة أجزاء من أهم ما زود به المكتبة العربية في مجال الأدب الشعبي، وتعد عملا موازيا لكتاب ألف ليلة وليلة، لما تحويه من أساطير وحكايات شعبية تزخر بالخيال وعذوبة القص.
بالإضافة إلى الموسوعة السابقة ألف "موسوعة الأمثال الشعبية" في عشرة أجزاء، وغيرها من الكتب الأدبية وأدب الرحلات مثل كتاب: "دورة مع الشمس" و"ذكريات باريس"، بالإضافة إلى كتابه "دخان ولهب" وهو عباره عن مجموعة مقالات أصدرها في عدة صحف سعودية منها جريدة الظهران.
توفي عبد الكريم الجهيمان في السابع من شهر المحرم الجاري 1433، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الجنة.
ولد عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان عام 1333هـ في قرية في تسمى غسلة، يجاورها قرية أخرى تسمى الوقف، ويطلق على القريتين: القرائن، وكان والده من غسلة، ووالدته من الوقف، وقد انفصل أبوه عن أمه في مرحلة مبكرة من حياته حين كان عمره أربع سنوات، وقد كان لهذه النشاة أثرها في طفولته المبكرة المشحونة بالتجارب والخبرات، الزاخرة بالعوطف الإنسانية ما بين الشجن لابتعاده عن والدته، والدفء لوجوده في حضن جدته، فضلا عن الخبرات البيئية التي كان يكتسبها يوميا من مفردات الطبيعة البكر المحيطة به.
وقد نشأ الجهيمان بين القريتين، فيقيم فترة عند أخواله وأمه، وفترة عند أعمامه وأبيه، في بيئة تسيطر عليها المهن الريفية وأعمال الفلاحة، أو نقل الأحمال من قرية إلى قرية، وكانوا يسمون من يعمل بهذه المهنة بـ"الجماميل"
كانت طفولته حافلة بالحرية والانطلاق، وممارسة هواية الصيد في النخيل، حيث كان يصطاد ورفاقه الطيور في أعشاشها، أو يصطادون الطيور المهاجرة بواسطة الأفخاخ، وكل هذا منحه خيالا واسعا، وشجاعة وقدرة على الابتكار واتخاذ القرار.
وحين بدأ التعلم؛ تعلم القراءة والكتابة بوسائط بدائية يبتكرونها، فلم تكن هناك وسائل مدرسية، ولا كتب، ولا أقلام، ولا أوراق، ولهذا فقد كانوا يصنعون من بيئتهم كل ما يحتاجون إليه ذاتياً، وفي ذلك يقول الأستاذ عبدالكريم الجهني رحمه الله: "كنا نتعلم القراءة والكتابة على رمالنا النقية، وكنا نصنع ألواحاً عريضة تنوب عن الأوراق، وكنا نطلي هذه الألواح بمادة جيرية نسميها(الصالوخ) أي القطع التي تنسلخ من الجبل، فنطلي بها الألواح ونكتب عليها، فإذا حفظنا ما كتب عليها، محوناه مع الطبقة الجيرية التي طلينا بها الألواح، ثم نعيد نعجنه ونطبخه، حتى ينعقد، ثم نعمل منه أقراصاً نجففها، ثم نستعملها في الدواة، والدواة زجاجة ترد إلينا من الخارج، وقد يكون فيها دواء وقد يكون فيها مادة أخرى".
وعندما انقضى عهد الطفولة، وقارب عهد الشباب، كان قد حفظ بعض السور القرآن الكريم، وبدأ في التفكير في إتمام المسيرة العلمية بالرياض، حيث العلم والمعرفة أكثر انتشارا هناك، فذهب مع والده إلى الرياض. والده ذهب يطلب المعيشة وهو يطلب العلم، وحين أنشيء المعهد العلمي السعودي في مكة، أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بأن يختار الشيخ محمد بن إبراهيم بعض الشباب النجديين للدراسة فيه، فكان عبدالكريم وابن عمه من جملة من اختارهم لدخول المعهد، وضمنت لهما الدولة سكناً وإعاشة ونفقات لبعض ما يحتاجونه من أوراق ودفاتر وكتب، وبعد ثلاث سنوات نال الجهيمان شهادة المعهد العلمي عام 1351هـ.
بعد تخرجه من المعهد انتدب الجهيمان لإنشاء المدرسة النموذجية الأولى في مدينة السيح بمنطقة الخرج، وذلك عام 1930، ثم انتقل إلى الظهران وأنشأ جريدة (أخبار الظهران) وهي أول صحيفة تصدر من المنطقة الشرقية.
وتذكر المصادر التاريخية للجهيمان أنه من أوائل من دعا إلى تعليم المرأة من خلال ما نشره من المقالات في جريدة أخبار الظهران، في وقت لم تكن فيه أي مدارس لتعليم البنات.
تنوعت عطاءات الجهيمان في المجال الثقافي الواسع، ما بين الأدب والصحافة والتأليف وأدب الرحلات، وتعد موسوعته: "أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب" التي أخرجها في خمسة أجزاء من أهم ما زود به المكتبة العربية في مجال الأدب الشعبي، وتعد عملا موازيا لكتاب ألف ليلة وليلة، لما تحويه من أساطير وحكايات شعبية تزخر بالخيال وعذوبة القص.
بالإضافة إلى الموسوعة السابقة ألف "موسوعة الأمثال الشعبية" في عشرة أجزاء، وغيرها من الكتب الأدبية وأدب الرحلات مثل كتاب: "دورة مع الشمس" و"ذكريات باريس"، بالإضافة إلى كتابه "دخان ولهب" وهو عباره عن مجموعة مقالات أصدرها في عدة صحف سعودية منها جريدة الظهران.
توفي عبد الكريم الجهيمان في السابع من شهر المحرم الجاري 1433، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الجنة.
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: عبدالكريم الجهيمان.. الأديب السعودي والمثقف الموسوعي
الف شكر لك علي جهودك
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57272
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» الدكتور جابر قميحة الأديب الموسوعي
» القارئ محمد عبدالكريم Size : 1.23 GB
» (¯`·._الشيخ السيد عبدالكريم الغيطانى عدد التلاوات 23 تلاوة_.·´¯)
» الجزيرة تستعد للدوري السعودي
» ::4:: تـغـطــيـة طـــــاش 17 ::: طاش 17 يضرب و '' بقوة '' عندما يشاهد المجتمع السعودي ذاته !
» القارئ محمد عبدالكريم Size : 1.23 GB
» (¯`·._الشيخ السيد عبدالكريم الغيطانى عدد التلاوات 23 تلاوة_.·´¯)
» الجزيرة تستعد للدوري السعودي
» ::4:: تـغـطــيـة طـــــاش 17 ::: طاش 17 يضرب و '' بقوة '' عندما يشاهد المجتمع السعودي ذاته !
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى