مجموعة فتاوات الشيخ الفركوس,, فتاوى اسئلة واجابات
صفحة 1 من اصل 1
مجموعة فتاوات الشيخ الفركوس,, فتاوى اسئلة واجابات
+
----
-
+
----
-
شراء السلعة وبيعها في السوق نفسه
السؤال: تاجر يشتري سلعة ويدفع عليها عربونا ثمّ يبيعها في نفس السوق بسعر أغلى، وهي لا تزال عند البائع فهل هذه الصورة جائزة شرعا ؟ وجزاكم الله خيرا
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإنّ هذه الصورة من البيع غير جائزة لعدم حيازة المشتري سلعته إلى رحله وهو المكان الخاص به، و دليله حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال :" ابتعت زيتا في السوق فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني به ربحا حسنا، فأردت أن أضرب على يد الرجل، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت فإذا هو زيد بن ثابت، فقال : لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك ، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم "(١).
ولأن المشتري إذا لم يحزها أو يقبضها لا تدخل تحت ضمانه إذا تلفت و يكون الضمان على حساب مال البائع و في ذلك ربح للمشتري لم يضمنه و قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر و بن شعيب عن أبيه عن جده "عن ربح ما لم يضمن "(٢) والربح الذي يضمنه الغير ظلم و الظلم منهي عنه شرعا.
والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أخذ الأجرة على تعليم القرآن
السؤال: فضيلة الشيخ -جزاكم الله خيرا وأعانكم على خدمة الإسلام والمسلمين- أفتونا مشكورين على هذه الأسئلة الهامة ، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم وسدد خطاكم.
السؤال1: ما حكم من يأخذ الأجر على تحفيظ القرآن وتعليم الناس الحروف كماً وكيفاً؟ مع العلم أنّ الفقراء معنيون بهذا، للانضباط في آن واحد مع أولياء التلاميذ.
السؤال2: إذا كان بالجواز هل يوجد هناك تفريق بين من يأخذ أجرته عليها من الوزارة (وأعني معلمي القرآن) وبين من لا يأخذ أجرته على هذا التعليم (وأعني الأئمة المدرسين والقيمين والمؤذنين)؟، هذا من جهة ومن جهة أخرى المتطوعون الذين لا دخل لهم على الإطلاق ومن أي جهة كانت إلا هذه الأجرة التي يتقاضونها من أولياء التلاميذ.
ومع العلم فضيلة الشيخ أنّ الذين يتقاضون رواتبهم الشهرية من الوزارة أغلبهم لا يصل راتبه عشرة آلاف دينار(مليون) وهم بحاجته إلى تدعيم قدراتهم المادية.
أفيدونا ممّا علمكم الله -جزاكم الله عنّا وعن المسلمين كلّ خير- ونستسمحكم إن أطلنا عليكم أو أخذنا من أوقاتكم الثمينة ولأنّ هذه المسألة ممّا عمّت به البلوى في جلّ المساجد إن لم أقل كلّ المساجد وعلى رأسها التي تقتدي بالسلف الصالح. وبارك الله فيكم وجزا كم خيرا.
الجواب: الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين؛ أمّا بعد:
فاعلم أنّ ما عليه جمهور أهل العلم جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن استدلالا بما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"إنّ أحق ما أخذتم عليه أ جرا كتاب الله"(١) ،وبما ثبت في الصحيحين أيضا من حديث المرأة التي زوجها النبي صلى الله عليه وسلم برجل على أن يعلمها ما معه من القرآن(٢) ،وبقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:"ما آتاك الله –عز وجل- من هذا المال من غير مسألة ولا إشرافٍ فخذه، فتموله، أو تصدق به، وما لا، فلا تُتْبعه نفسك"(٣)
أمّا ما استدل به الحنفية ومن وافقهم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:"علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل، فلمّا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن كنت تحب أن تُطوّق طوقا من نار فاقبلها"(٤) والحديث له طرق وشواهد فقد روي معناه عن أبي بن كعب وعن عبد الرحمن بن شبل وعن عمران ابن حصين(٥) مؤولين حديث ابن عباس بأنّ المراد بالأجر فيه الثواب، وذهب آخرون إلى القول بأنّه منسوخ بالأحاديث الواردة في الوعيد عن أخذ الأجرة على تعليم القرآن ومنها حديث عثمان بن العاص قال:" من آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا"(٦) فإنّ الجمهور يردون ما اعترض به الحنفية على أنّ حديث عبادة في سنده من هو مختلف فيه وهو المغيرة بن زياد، وكلّ الشواهد الأخرى لم يصح فيها شيء، وليس فيها ما تقوم به الحجة، لذلك رجحوا حديث ابن عباس رضي الله عنهما في البخاري لعدم وجود من هو مختلف في عدالته، ترجيحا بالاتفاق على عدالة الراوي وهو من وجوه الترجيح من جهة السند باعتبار حال الراوي.
وعلى تقدير أنّ مجموع ما تفيده هذه الأحاديث تورث ظنا بعدم الجواز وتنتهض للاستدلال على المطلوب فجوابه أنّ تلك الأحاديث ليس فيها تصريح بالمنع على الإطلاق بل هي وقائع أحوال محتملة للتأويل لتوافق الأحاديث الصحيحة على ما بينه ابن حجر(٧) والشوكاني في النيل(٨)
وأمّا حمل الأجر في حديث ابن عباس رضي الله عنهما على الثواب فبعيد لأنّ سياق القصة التي في الحديث يأبى هذا التأويل، والقول بأنّه منسوخ متعقب بأنّ النسخ لا يثبت بالاحتمال.
هذا وقد سلك بعض العلماء مسلك الجمع بين هذه الأحاديث التي ظاهرها التعارض، وأظهر وجوه الجمع هو حمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما على العموم بما في ذلك تعليم القرآن وعلوم الشريعة وأخذ الأجرة على التلاوة لمن طلب من القارئ ذلك وأخذ الأجر على الرقية ونحو ذلك ويخص من هذا العموم تعليم المكلّف ويبقى ما عداه داخلا تحت العموم وبه قال الشوكاني(٩)
وعندي أنّه يجوز أخذ الأجرة كمصدر رزق في مقابل التفرغ لأداء الطاعات والقربات على الوجه الأكمل وليس ذلك بعوض عن الطاعات وإنّما للإعانة عليها، ذلك لأنّ الاشتغال بتحصيل ما به قوام حياتهم وحياة من يعولونهم تضييع للقرآن الكريم والشرع الحنيف بانقراض حملته، وهذا لا يخرجه عن كونه قربة وطاعة ولا يقدح في الإخلاص وإلاّ ما استحقت الغنائم وسَلَبُ القاتل، ثمّ إنّ في تعليم القرآن والعلوم الشرعية ما يساعد على نشر الإسلام وتعاليمه، لذلك أفتى الشافعية بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والفقه والحديث استثناء من أصلهم وعدولا عن مذهبهم استحسانا موافقين في ذلك مذهب الجمهور،هذا كلّه فيما إذا كان المعلّم غير مشمول برزق من الجهة الوصية أو غيرها، أمّا إذا كان المعلّم تجري عليه مرتبات مالية من قبل وزارته فلا يصح أن يأخذ مالا زائدا من جهة أولياء التلاميذ، لأنّ العمل المعلوم مدفوع الأجر وما زاد فبأي حق يأخذه؟ اللّهم إلاّ إذا عمل عملا آخر خارجا عن إطار عمله كفضل زائد من غير إخلال بالعمل الأصلي ولا أن يحدث اضطرابا في انتظامه فله -والحال هذه- أن يعين نفسه وأهله من متطلبات المعيشة والحاجيات الأساسية بأن يأخذ البذل المعلوم الزائد في مقابل العمل المعلوم الزائد.
وإذا استناب غيره في عمله للحاجة فلا يحق للغير أن يأخذ مالا في عمل الأصيل الذي يتقاضى عليه أجرا، وله أن يعطيه من ماله دون أن يطالب بمال غيره.
والعلم عند لله تعالى؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
في حكم إعفاء اللحية
السؤال: ذكر لي بعض الأئمة أنّه لا يوجد دليل على وجوب إعفاء اللحية وأنّ إرخاءها لا يُعدّ من العبادات المأمور بها وإنّما هي من عادات العرب، فهل هذا القول صحيح؟ وما دليله؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فاعلم أنّ أصل إعفاء اللحية واجب وهو قول جماهير العلماء من أصحاب المذاهب بما فيهم المذاهب الأربعة وغيرهم، بل نقل ابن حزم الإجماع على ذلك(١)، ومستند الإجماع قوله صلى الله عليه وآله وسلم: « جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، وخالفوا المجوس»(٢) وقوله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين، ووفروا اللحى، واحفوا الشوارب»(٣) وفي رواية:«أنهكوا الشوارب واعفوا اللحى»(٤)، فهذه بعض الأدلة على وجوب إعفائها وتحريم حلقها لأنّ حلق اللحية مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد جاء خطاب الله محذرا من مخالفة الرسول في قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَر الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور:63]، ولأنّ حلقها تغيير لخلق الله وقد قال تعالى حكاية عن إبليس: ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾ [النساء:119] ولهذا كان حلقها مثلة، قال ابن تيمية:"وأمّا حلقها فمثل حلق المرأة رأسها أو أشد لأنّها من المثلة المنهي عنها" ولأنّ في حلقها تشبها بالنساء وقد زيّن الله الرجال باللحى وميزهم عليهنّ بها وقد روى ابن عباس رضي الله عنه: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال"(٥) ولأنّ حلقها تبديل للفطرة التي فطر الناس عليها، كما أنّ في حلقها تشبها بالكفار الذين أمرنا الشرع بمخالفتهم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «خالفوا المشركين»،«خالفوا المجوس» لذلك كان حالقها آثما لتركه لوجوب الإعفاء على ما نصت عليه الأدلة السابقة، ولا يساورنا أدنى شك أنّ توفير اللحية من سنن الفطرة التي واظب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعلها ولم ينقل عن أحد من أصحابه أنّه حلقها بل أمر بتوفيرها حتى أضحت سمة ظاهرة من سمات أهل الإسلام تميزهم عن أهل الشرك والضلال.
والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
في حكم الصلاة بقميص فيه دم
السؤال: ما حكم من وجد آثار دم في قميصه وصلى على ذلك الحال ولم ينتبه له إلا وقت النوم وهذه الآثار ناتجة عن جرح، فهل يعيد صلاة اليوم كلّه؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فاعلم أنّ الدماء ما عدا الحيض حكمها الطهارة سواء كان الدم دم إنسان أو دم مأكول من حيوان استصحابا للبراءة الأصلية إذ الأصل في الأعيان الطهارة ولا يعدل عن هذا الأصل إلاّ بنص شرعي صحيح، ولم يأت من خالف هذا بحجة ظاهرة سوى نصوص مشتملة على تحريم الدماء، ولا يخفى أنّه لا يلزم من التحريم النجاسة بخلاف النجاسة فإنّه يلزم منها التحريم، قال الحسن البصري: "ما زال المسلمون على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلون في جراحاتهم"، وصلى ابن مسعود رضي الله عنه وعلى بطنه فرث ودم جزور نحرها ولم يتوضأ ، وفي غزوة ذات الرقاع ذلك الصحابي الذي رماه المشرك بثلاثة أسهم وهو قائم يصلي فاستمر في صلاته والدماء تسيل منه، وكذلك صلاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّه صلى وجرحه يثغب دما.
وعليه فالصلاة صحيحة وإن علم بوجود الدم قبل الصلاة أو أثناءها، ولو سلمنا جدلا، أنّ الدم نجس وكان قد انتهى من صلاته ثمّ علم بالنجاسة على ثوبه لصحت صلاته أيضا ولا قضاء ولا إعادة عليه لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في خلع النبي صلى الله عليه وآله وسلم نعليه في الصلاة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته قال: "ما حملكم على إلقائكم نعالكم" قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم:"إنّ جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أنّ فيهما قذرا " وقال: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ".
والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
في حكم تزيين السيارات يوم الزِّفاف
السؤال: هل يجوز في عُرس الزِّفاف تخصيص سيارة جميلة، وتزيينها بقطع أو شرائط من قماش لتُعرف في الزِّفافٌ؟
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فتخصيص سيارة للعروس وتزيينُها بحيث تتميَّز عن بقيَّة السيَّارات وسائر المراكب لا مانع من ذلك، إذا ما حُفَّت به من قطع قماش تُزيَّن به السيارة، شأنه في ذلك كشأن الهودج الذي كان يُخصَّص للمرأة المتزوِّجة على بعير قويٍّ يحملها، وهي مُغشَّاة بِمُختلف الأكسية الجديدة، تعبيرًا عن الفرحة والسرور، فلا يخرج ذلك عن عموم الأعياد وسائر الأفراح، غير أنّ الورود التي توضع في السيارة، هي من عادات غيرنا، وهذا معروف عند النصارى بعد عقد قِرَان الزوجين في الكنيسة، يأخذون صُوَرًا فوتوغرافية على باب الكنيسة، ثمّ يُرشَقُون بالورود ويُقذَفُون بها، وهم كذلك حتَّى يركبوا في السيارة المليئة بالورود والمزيَّنة من جميع جوانبها، من داخلها وخارجها، وهذا أَمرُهُم، وهو لا يَعنِينَا، و«مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ»(١).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
----
-
+
----
-
شراء السلعة وبيعها في السوق نفسه
السؤال: تاجر يشتري سلعة ويدفع عليها عربونا ثمّ يبيعها في نفس السوق بسعر أغلى، وهي لا تزال عند البائع فهل هذه الصورة جائزة شرعا ؟ وجزاكم الله خيرا
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإنّ هذه الصورة من البيع غير جائزة لعدم حيازة المشتري سلعته إلى رحله وهو المكان الخاص به، و دليله حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال :" ابتعت زيتا في السوق فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني به ربحا حسنا، فأردت أن أضرب على يد الرجل، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت فإذا هو زيد بن ثابت، فقال : لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك ، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم "(١).
ولأن المشتري إذا لم يحزها أو يقبضها لا تدخل تحت ضمانه إذا تلفت و يكون الضمان على حساب مال البائع و في ذلك ربح للمشتري لم يضمنه و قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر و بن شعيب عن أبيه عن جده "عن ربح ما لم يضمن "(٢) والربح الذي يضمنه الغير ظلم و الظلم منهي عنه شرعا.
والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أخذ الأجرة على تعليم القرآن
السؤال: فضيلة الشيخ -جزاكم الله خيرا وأعانكم على خدمة الإسلام والمسلمين- أفتونا مشكورين على هذه الأسئلة الهامة ، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم وسدد خطاكم.
السؤال1: ما حكم من يأخذ الأجر على تحفيظ القرآن وتعليم الناس الحروف كماً وكيفاً؟ مع العلم أنّ الفقراء معنيون بهذا، للانضباط في آن واحد مع أولياء التلاميذ.
السؤال2: إذا كان بالجواز هل يوجد هناك تفريق بين من يأخذ أجرته عليها من الوزارة (وأعني معلمي القرآن) وبين من لا يأخذ أجرته على هذا التعليم (وأعني الأئمة المدرسين والقيمين والمؤذنين)؟، هذا من جهة ومن جهة أخرى المتطوعون الذين لا دخل لهم على الإطلاق ومن أي جهة كانت إلا هذه الأجرة التي يتقاضونها من أولياء التلاميذ.
ومع العلم فضيلة الشيخ أنّ الذين يتقاضون رواتبهم الشهرية من الوزارة أغلبهم لا يصل راتبه عشرة آلاف دينار(مليون) وهم بحاجته إلى تدعيم قدراتهم المادية.
أفيدونا ممّا علمكم الله -جزاكم الله عنّا وعن المسلمين كلّ خير- ونستسمحكم إن أطلنا عليكم أو أخذنا من أوقاتكم الثمينة ولأنّ هذه المسألة ممّا عمّت به البلوى في جلّ المساجد إن لم أقل كلّ المساجد وعلى رأسها التي تقتدي بالسلف الصالح. وبارك الله فيكم وجزا كم خيرا.
الجواب: الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين؛ أمّا بعد:
فاعلم أنّ ما عليه جمهور أهل العلم جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن استدلالا بما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"إنّ أحق ما أخذتم عليه أ جرا كتاب الله"(١) ،وبما ثبت في الصحيحين أيضا من حديث المرأة التي زوجها النبي صلى الله عليه وسلم برجل على أن يعلمها ما معه من القرآن(٢) ،وبقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:"ما آتاك الله –عز وجل- من هذا المال من غير مسألة ولا إشرافٍ فخذه، فتموله، أو تصدق به، وما لا، فلا تُتْبعه نفسك"(٣)
أمّا ما استدل به الحنفية ومن وافقهم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:"علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل، فلمّا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن كنت تحب أن تُطوّق طوقا من نار فاقبلها"(٤) والحديث له طرق وشواهد فقد روي معناه عن أبي بن كعب وعن عبد الرحمن بن شبل وعن عمران ابن حصين(٥) مؤولين حديث ابن عباس بأنّ المراد بالأجر فيه الثواب، وذهب آخرون إلى القول بأنّه منسوخ بالأحاديث الواردة في الوعيد عن أخذ الأجرة على تعليم القرآن ومنها حديث عثمان بن العاص قال:" من آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا"(٦) فإنّ الجمهور يردون ما اعترض به الحنفية على أنّ حديث عبادة في سنده من هو مختلف فيه وهو المغيرة بن زياد، وكلّ الشواهد الأخرى لم يصح فيها شيء، وليس فيها ما تقوم به الحجة، لذلك رجحوا حديث ابن عباس رضي الله عنهما في البخاري لعدم وجود من هو مختلف في عدالته، ترجيحا بالاتفاق على عدالة الراوي وهو من وجوه الترجيح من جهة السند باعتبار حال الراوي.
وعلى تقدير أنّ مجموع ما تفيده هذه الأحاديث تورث ظنا بعدم الجواز وتنتهض للاستدلال على المطلوب فجوابه أنّ تلك الأحاديث ليس فيها تصريح بالمنع على الإطلاق بل هي وقائع أحوال محتملة للتأويل لتوافق الأحاديث الصحيحة على ما بينه ابن حجر(٧) والشوكاني في النيل(٨)
وأمّا حمل الأجر في حديث ابن عباس رضي الله عنهما على الثواب فبعيد لأنّ سياق القصة التي في الحديث يأبى هذا التأويل، والقول بأنّه منسوخ متعقب بأنّ النسخ لا يثبت بالاحتمال.
هذا وقد سلك بعض العلماء مسلك الجمع بين هذه الأحاديث التي ظاهرها التعارض، وأظهر وجوه الجمع هو حمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما على العموم بما في ذلك تعليم القرآن وعلوم الشريعة وأخذ الأجرة على التلاوة لمن طلب من القارئ ذلك وأخذ الأجر على الرقية ونحو ذلك ويخص من هذا العموم تعليم المكلّف ويبقى ما عداه داخلا تحت العموم وبه قال الشوكاني(٩)
وعندي أنّه يجوز أخذ الأجرة كمصدر رزق في مقابل التفرغ لأداء الطاعات والقربات على الوجه الأكمل وليس ذلك بعوض عن الطاعات وإنّما للإعانة عليها، ذلك لأنّ الاشتغال بتحصيل ما به قوام حياتهم وحياة من يعولونهم تضييع للقرآن الكريم والشرع الحنيف بانقراض حملته، وهذا لا يخرجه عن كونه قربة وطاعة ولا يقدح في الإخلاص وإلاّ ما استحقت الغنائم وسَلَبُ القاتل، ثمّ إنّ في تعليم القرآن والعلوم الشرعية ما يساعد على نشر الإسلام وتعاليمه، لذلك أفتى الشافعية بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والفقه والحديث استثناء من أصلهم وعدولا عن مذهبهم استحسانا موافقين في ذلك مذهب الجمهور،هذا كلّه فيما إذا كان المعلّم غير مشمول برزق من الجهة الوصية أو غيرها، أمّا إذا كان المعلّم تجري عليه مرتبات مالية من قبل وزارته فلا يصح أن يأخذ مالا زائدا من جهة أولياء التلاميذ، لأنّ العمل المعلوم مدفوع الأجر وما زاد فبأي حق يأخذه؟ اللّهم إلاّ إذا عمل عملا آخر خارجا عن إطار عمله كفضل زائد من غير إخلال بالعمل الأصلي ولا أن يحدث اضطرابا في انتظامه فله -والحال هذه- أن يعين نفسه وأهله من متطلبات المعيشة والحاجيات الأساسية بأن يأخذ البذل المعلوم الزائد في مقابل العمل المعلوم الزائد.
وإذا استناب غيره في عمله للحاجة فلا يحق للغير أن يأخذ مالا في عمل الأصيل الذي يتقاضى عليه أجرا، وله أن يعطيه من ماله دون أن يطالب بمال غيره.
والعلم عند لله تعالى؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
في حكم إعفاء اللحية
السؤال: ذكر لي بعض الأئمة أنّه لا يوجد دليل على وجوب إعفاء اللحية وأنّ إرخاءها لا يُعدّ من العبادات المأمور بها وإنّما هي من عادات العرب، فهل هذا القول صحيح؟ وما دليله؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فاعلم أنّ أصل إعفاء اللحية واجب وهو قول جماهير العلماء من أصحاب المذاهب بما فيهم المذاهب الأربعة وغيرهم، بل نقل ابن حزم الإجماع على ذلك(١)، ومستند الإجماع قوله صلى الله عليه وآله وسلم: « جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، وخالفوا المجوس»(٢) وقوله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين، ووفروا اللحى، واحفوا الشوارب»(٣) وفي رواية:«أنهكوا الشوارب واعفوا اللحى»(٤)، فهذه بعض الأدلة على وجوب إعفائها وتحريم حلقها لأنّ حلق اللحية مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد جاء خطاب الله محذرا من مخالفة الرسول في قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَر الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور:63]، ولأنّ حلقها تغيير لخلق الله وقد قال تعالى حكاية عن إبليس: ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾ [النساء:119] ولهذا كان حلقها مثلة، قال ابن تيمية:"وأمّا حلقها فمثل حلق المرأة رأسها أو أشد لأنّها من المثلة المنهي عنها" ولأنّ في حلقها تشبها بالنساء وقد زيّن الله الرجال باللحى وميزهم عليهنّ بها وقد روى ابن عباس رضي الله عنه: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال"(٥) ولأنّ حلقها تبديل للفطرة التي فطر الناس عليها، كما أنّ في حلقها تشبها بالكفار الذين أمرنا الشرع بمخالفتهم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «خالفوا المشركين»،«خالفوا المجوس» لذلك كان حالقها آثما لتركه لوجوب الإعفاء على ما نصت عليه الأدلة السابقة، ولا يساورنا أدنى شك أنّ توفير اللحية من سنن الفطرة التي واظب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعلها ولم ينقل عن أحد من أصحابه أنّه حلقها بل أمر بتوفيرها حتى أضحت سمة ظاهرة من سمات أهل الإسلام تميزهم عن أهل الشرك والضلال.
والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
في حكم الصلاة بقميص فيه دم
السؤال: ما حكم من وجد آثار دم في قميصه وصلى على ذلك الحال ولم ينتبه له إلا وقت النوم وهذه الآثار ناتجة عن جرح، فهل يعيد صلاة اليوم كلّه؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فاعلم أنّ الدماء ما عدا الحيض حكمها الطهارة سواء كان الدم دم إنسان أو دم مأكول من حيوان استصحابا للبراءة الأصلية إذ الأصل في الأعيان الطهارة ولا يعدل عن هذا الأصل إلاّ بنص شرعي صحيح، ولم يأت من خالف هذا بحجة ظاهرة سوى نصوص مشتملة على تحريم الدماء، ولا يخفى أنّه لا يلزم من التحريم النجاسة بخلاف النجاسة فإنّه يلزم منها التحريم، قال الحسن البصري: "ما زال المسلمون على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلون في جراحاتهم"، وصلى ابن مسعود رضي الله عنه وعلى بطنه فرث ودم جزور نحرها ولم يتوضأ ، وفي غزوة ذات الرقاع ذلك الصحابي الذي رماه المشرك بثلاثة أسهم وهو قائم يصلي فاستمر في صلاته والدماء تسيل منه، وكذلك صلاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّه صلى وجرحه يثغب دما.
وعليه فالصلاة صحيحة وإن علم بوجود الدم قبل الصلاة أو أثناءها، ولو سلمنا جدلا، أنّ الدم نجس وكان قد انتهى من صلاته ثمّ علم بالنجاسة على ثوبه لصحت صلاته أيضا ولا قضاء ولا إعادة عليه لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في خلع النبي صلى الله عليه وآله وسلم نعليه في الصلاة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته قال: "ما حملكم على إلقائكم نعالكم" قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم:"إنّ جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أنّ فيهما قذرا " وقال: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ".
والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
في حكم تزيين السيارات يوم الزِّفاف
السؤال: هل يجوز في عُرس الزِّفاف تخصيص سيارة جميلة، وتزيينها بقطع أو شرائط من قماش لتُعرف في الزِّفافٌ؟
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فتخصيص سيارة للعروس وتزيينُها بحيث تتميَّز عن بقيَّة السيَّارات وسائر المراكب لا مانع من ذلك، إذا ما حُفَّت به من قطع قماش تُزيَّن به السيارة، شأنه في ذلك كشأن الهودج الذي كان يُخصَّص للمرأة المتزوِّجة على بعير قويٍّ يحملها، وهي مُغشَّاة بِمُختلف الأكسية الجديدة، تعبيرًا عن الفرحة والسرور، فلا يخرج ذلك عن عموم الأعياد وسائر الأفراح، غير أنّ الورود التي توضع في السيارة، هي من عادات غيرنا، وهذا معروف عند النصارى بعد عقد قِرَان الزوجين في الكنيسة، يأخذون صُوَرًا فوتوغرافية على باب الكنيسة، ثمّ يُرشَقُون بالورود ويُقذَفُون بها، وهم كذلك حتَّى يركبوا في السيارة المليئة بالورود والمزيَّنة من جميع جوانبها، من داخلها وخارجها، وهذا أَمرُهُم، وهو لا يَعنِينَا، و«مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ»(١).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الحلم الجديد- عضو Golden
- عدد المساهمات : 1154
نقاط المنافسة : 4262
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 05/08/2010
الموقع : مشرف مميز جدا وخبير فى بعض المنتديات المشهورة
مواضيع مماثلة
» فتاوى عن عمل المرأة,, اسئلة واجابة حصريا على الحلم الجديد وبس
» فتاوى رمضانية (أرجو التثبيت إلى أنتهاء الشهر الكريم)
» فتاوى كبار العلماء فى صيام الست من شوال ( شاملة كافية )
» فتاوى نسائية ..... موضوع متجدد
» اكبر موسوعة اسئلة دينية واجابتها
» فتاوى رمضانية (أرجو التثبيت إلى أنتهاء الشهر الكريم)
» فتاوى كبار العلماء فى صيام الست من شوال ( شاملة كافية )
» فتاوى نسائية ..... موضوع متجدد
» اكبر موسوعة اسئلة دينية واجابتها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى