تأثيرات عربية في روايات إسبانية.. دراسات في الأدب المقارن
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تأثيرات عربية في روايات إسبانية.. دراسات في الأدب المقارن
من
الثابت تاريخيًّا أن العرب قد عاشوا في إسبانيا رَدْحًا طويلا من الزمن،
وظلت آثارهم ومفردات حضارتهم باقيةً شاهدةً على تلك الحقبة.
ولأن الأدب شأنه شأن الكائن الحي، فكان لزامًا أن يحمل الأدب الإسباني عدة
ملامح تأثيرية من أدب العرب، ونتاجهم عبر تلك السنين الطوال، وهذا هو بيت
القصيد في الكتاب الجديد للشاعر والناقد المصري المعروف عبد اللطيف عبد
الحليم (أبو همام)، الذي صدر عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، تحت
عنوان «تأثيرات عربية في روايات أسبانية.. دراساتٌ في الأدب المقارن».
يسير المؤلف بصبر واقتدار، إذ يسبر في غور تلك الأعماق
الممتدة في القدم، مُؤَكِّدًا أن التلاقح والتمازج والتأثير والتأثر هي
السمة الطبيعية الفارقة لأي مجتمعين إنسانيين، يمنحهما التاريخ فرصةَ
التقابل واللقاء.
ويواصل أبو همام في هذا الكتاب الذي قدم له وترجمه عن اللغة الأسبانية،
للمؤلف فرناندو دى لاجرانخا، تعريفَ القارئ العربي بالأدب الأندلسي، وكيف
تأثَّرَ بالأدب العربي، ومسألة التأثير والتأثر هي لب الأدب المقارن، حسب
المدرسة النقدية الفرنسية الشهيرة.
ويحتوى الكتاب، الذي يقع في170 صفحة، على عشرة فصول، تعالج كيفية تأثر الأدب الأسباني بالحكايات العربية.
ومن المعروف أن المصنفات الشعبية العربية لعبت دورًا ملموسًا في مصنفات
الأدب الشعبي الأسباني، ويحترز المترجم فيقول في مقدمته: إنه ينبغي أن
تُفْهَمَ كلمة الشعبية هنا على وجهها الصحيح، فلا تعني المواويل والأغاني
الشعبية العامية كما يريد أن يفهمها البعض منا، بل تعني –هنا- مصنفاتٍ
فصيحةً، يتناقلها الشعب، وتُرْضِي نزعته الفنية والخلقية والشخصية.
الدراسات التي نشرها مؤلفها الأسباني متفرقةً في أوقات متباعدة في الصحف
والمجلات، قام أبو همام بترتيبها تاريخيًّا، معتمدا على معرفته الدقيقة
والواسعة بالتراث العربي الذي رجع إليه المؤلف الأسباني كثيرًا، وهو
مُؤَلِّفٌ معروف بحبه وإنصافه للأدب العربي، شأنه في ذلك شأن عدد كبير من
المستشرقين الأسبان، مثل: خوليان ريبيرا، وآنخل جونثالث بالنثيا، وميجيل
أسين بالاثيوس، وإميليو غرثيه غومث، وقد قاموا بجهد كبير في تحقيق الأدب
العربي بالأندلس، وعرَّفوا الغرب به.
الفصول العشرة التي يَضُمُّها الكتاب، يُبَيِّنُ كل فصل منها أثرًا عربيًّا
في رواية أسبانية مختلفة، ويبدأ بأشهرها في الفصل الأول، تحت عنوان
«أَصْلٌ عَرَبِيٌّ لحكاية أسبانية مشهورة» وهى الحكاية المشهورة في الأدب
الأسباني، والتي وردت في الفصل العاشر من كتاب «القونت لوقانور» عن رجل لا
يجد ما يتبَلَّغُ به – بسبب مَسْغَبَتِه - سوى حبات من «الترمس»، وهى
الحكاية التي صنفها دون خوان مانويل، ولاقتْ إقبالًا هائلا في أسبانيا، حتى
إن الكاتب الأسباني دون بدرو كالديرون ضَمَّنَها في المشهد العاشر بالفصل
الأول لمسرحيته الشهيرة «الحياة حلم».
وبصبر غريب يتتبع الكاتب الأسباني أصلَ الحكاية، حتى
يصل إلى أن هذه الحكاية الأشهر في أسبانيا أصلها عربي، وبالتحديد فإنها
تنتهي عند عبد الرحمن القنازعي، الذي وُلِدَ عام 341، والذي أثبت التاريخ
أنه دَرَسَ بالفعل في قرطبة، وكتب هذه الحكاية التي أُخِذَتْ عنه في الأدب
الأسباني.
وفي الفصل الثاني يُبَيِّنُ المؤلف الأصلَ العَرَبِيَّ
لثلاث حكايات أسبانية، وردت في كتاب «الْمُلَح الإسبانية» التي جمعها باث
وميليا.
بينما يتحدث في الفصل الثالث عن حكايتين عربيتين من حكايات اللصوص في الأدب
الإسباني في القرن السادس عشر، ورَدَتَا في كتب: حدائق الأزاهر، والأمثال
والحكايات، والنوادر، والعقد الفريد.
ويستمر
أبو همام في دراساته حتى الفصل الثامن الذي يكتبه تحت عنوان «صدى عمرو بن
معد يكرب في الأدب الأسباني» فيبين أنّ هناك حكايتين في الأدب الأسباني ليس
بينهما صلة واضحة، وفى كتابين متباينين جدا، صدرا في حقبتين متباعدتين
أيضا، لكنْ ثبت بالدليل أنهما تئولان إلى شخصية واحدة في الأدب العربي،
فالحكاية الأولى في كتاب
«EL ESPECULO DE LOS LEGOS» والتي صدرت مترجمة بالأسبانية في القرن 15،
والحكاية الثانية في كتاب "الأيكة الأسبانية" لفرانسيسكو أسنسيو، المنشورة
في القرن 18، والحكايتان الْمُنَاظِرَتَان لهما موجودتان في كتب عربية
مختلفة، ومنسوبتان إلى الشاعر عمرو بن معد يكرب في القرن الأول الهجري.
وهذا الكتاب يُعَدُّ من بين الجهود الكبيرة التي يبذلها الدكتور عبد اللطيف
عبد الحليم؛ ليُوَضِّحَ الأثر العربي الكبير في الأدب الإسباني،
مُسْتَغِلًّا إجادته للغة الإسبانية ودراسته المتعمقة لآدابها، من أجل خدمة
الأدب العربي.
فقد أصدر العديد من الكتب الهامة في هذا الشأن، مثل ترجمة : «خاتمان من أجل
سيدة» و«خمس مسرحيات أندلسية» و«مقامات ورسائل أندلسية» و«قصائد من
أسبانيا وأمريكا اللاتينية» و«فصولٌ من الأندلس في الأدب والنقد والتاريخ».
كما أن له الباعَ الطويل في حقل الدراسات الأكاديمية؛ حيث كتب : "المازني
شاعرا "، و " شعراء ما بعد الديوان بأجزائه الأربعة "، و" في الحديث النبوي
–رؤية أدبية "، و "كتابات في النقد "، و" في الشعر العماني المعاصر "،
فضلًا عن كَوْنِه شاعرًا فحلًا من كبار شعراء هذا الجيل، وله من الدواوين
ستة، منها :"الخوف من المطر"، و"هدير الصمت"، و"أغاني العاشق الأندلسي"،
و"زهرة النار ".
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51256
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: تأثيرات عربية في روايات إسبانية.. دراسات في الأدب المقارن
الف شكر لك ويعطيك العافيه
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57271
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» */ هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب /*
» رمزية القدم والحذاء في الأدب والفن
» روايات الزمان
» إشكالية الأدب الإسلامي
» مفاجأة: روايات هاري بوتر كاملة
» رمزية القدم والحذاء في الأدب والفن
» روايات الزمان
» إشكالية الأدب الإسلامي
» مفاجأة: روايات هاري بوتر كاملة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى