فلسطين في الشِّعر المصريّ
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فلسطين في الشِّعر المصريّ
ليس
ثمة شكٌّ أنَّ قضية فلسطين تُعَدُّ أهمَّ قضيةٍ في عصرنا الحالي،
وتَتَصَدَّرُ اليومَ مدينةُ القدس واجهةَ المشهد الثقافي العربي؛ لمناسبة
اختيارها عاصمةً للثقافة العربية لعام 2009، فتُقام الفعاليات الأدبية
والثقافية في العالم العربي، استحضارًا لها في الذاكرة العربية، ومواجهةً
لتهويدها على يد الاحتلال الصهيوني، والتأكيد على حقِّ استعادتها لتكونَ
عاصمةً للدولة الفلسطينية المستقلَّة. فالقدس قلبُ العرب النَّابضُ، عاصمةُ
فلسطين، مَهْدُ السيدِ المسيح عليه السلام، ومَسْرَى النبيِّ محمدٍ صلى
الله عليه وسلم.. أولى القبلتين، وثالثُ الحرمين، وبوابة الأرض إلى السماء،
وأَقْصَرُ الدروب بين الأرض والسماء، على حدِّ تعبير نزار قبّاني. كما
حَظِيَتْ فلسطينُ باهتمام الشُّعراء العرب، في أقطار الوطن العربي كلِّه،
وعلى وجه الخصوص في مصر، فقد اسْتَوْحَى شعراءُ العربيَّة شِعْرَهُمْ من
نكبة فلسطين منذ وعد بلفور حتى اليوم. فَنَظَّمَ الشُّعَراءُ أبهى القصائد
في التَّغني بها، والدفاع عنها، وتأكيد الأمل في خَلَاصِهَا من أذى العدوان
الصهيوني.
ولقد صدر مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة كتاب بعنوان: "فلسطين في الشِّعر المصري"، للدكتور محمد سالمان..
يبدأ
الكتاب بتمهيدٍ تاريخيٍّ حول الأبعاد الحقيقية للمأساة الفلسطينية قبل
1948، ويتحدث في لمحة تاريخية عن فلسطين، من القيادة العثمانيَّة إلى
المُعاناة مع الصهيونية والاحتلال، كما يرصُد الأوضاعَ السياسية
والديموغرافية التي مرَّت بها القضيةُ الفلسطينية, وأبعادَ المؤامرة
الغربية الأوروبية على العالم الإسلامي والعربي وفلسطين. ويبيِّن الكاتب
مدى الاهتمام الشعبي المصري المبكر جدًّا بالقضية الفلسطينية، حيث وَاكَبَ
الشِّعْرُ المصري الموضوعَ منذ وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917؛ فالشاعر
المصري أحمد محرَّم نَظَمَ قصيدةً طويلةً، رصد فيها وعدَ بلفور، الذي أسماه
"الوعد المشؤوم"، وفي مطلع تلك القصيدة يقول الشاعر أحمد محرم، صاحبُ
ديوان "مجد الإسلام"، والذي أطلق عليه الإلياذة الإسلامية:
بلفور بئس الوعدُ وعدُك للأُولي جعلوك للأمل المخيَّبِ سُلَّمًا
خدعوك حين أطعْتَهُم وخدعْتَهُم إذْ طاوَعُوك وتلك منزلة العَمَى
لسنا وُلَاةَ الحقِّ وإن لم يندموا ولا أنت أوْلَى أن تتوب وتندما
تلك الإساءةُ ما استَقَلَّ بمثلِها في الدَّهْرِ قبلَك مَنْ أساء وأجرمَا
خدعوك حين أطعْتَهُم وخدعْتَهُم إذْ طاوَعُوك وتلك منزلة العَمَى
لسنا وُلَاةَ الحقِّ وإن لم يندموا ولا أنت أوْلَى أن تتوب وتندما
تلك الإساءةُ ما استَقَلَّ بمثلِها في الدَّهْرِ قبلَك مَنْ أساء وأجرمَا
أمَّا محمود حسن إسماعيل فيقول:
يا يومَ بلفور شُؤْمُكَ خالدٌ ما ضرَّ لَوْ أَخْلَفْتَ هذا المَوْعِدَا
عاهَدْتَ أَعْزَالَ الجُسُوم سلاحُهم ما كان إلا الحق صاح مقيَّدًا
وتركتَهم رهْنَ المطامع تبتغي فيهم على حرّ المواطن أعبدا
ثاروا بأرض الله ثورة عاجزٍ سمِع القويُّ شَكاته فتوعَّدا
عاهَدْتَ أَعْزَالَ الجُسُوم سلاحُهم ما كان إلا الحق صاح مقيَّدًا
وتركتَهم رهْنَ المطامع تبتغي فيهم على حرّ المواطن أعبدا
ثاروا بأرض الله ثورة عاجزٍ سمِع القويُّ شَكاته فتوعَّدا
كما
صور علي محمود طه وعد بلفور بأنه وعدٌ خَطَّهُ الظُلم، وأنه حُلْمٌ مِنْ
عالَم الخيال والوهم، حَمَتْهُ القوَّة، وأخرجتْه إلى عالَم الحقيقة، فكان
مَثَارَ خُطوبٍ ومَبْعَثَ أهوالٍ، فيقول:
محا الله وعدًا خَطَّهُ الظلم لم يكن سوى حُلْمٍ عن عالم الوهم خَتَّالِ
حمَتْه القَنَا كَيْمَا يكونُ حقيقةً فكان مَثَارًا من خُطُوبٍ وأهْوَال
وفتَّحَ بين القومِ أبوابَ فِتْنَةٍ تُطِلُّ بأحداث وتُومِي بأوْجَالِ
حمَتْه القَنَا كَيْمَا يكونُ حقيقةً فكان مَثَارًا من خُطُوبٍ وأهْوَال
وفتَّحَ بين القومِ أبوابَ فِتْنَةٍ تُطِلُّ بأحداث وتُومِي بأوْجَالِ
وفي
الحقيقة، فإنَّ هذا الاهتمام الشِّعري المصري بالقضية ـ المبكر جدًا ـ كان
أمرًا طبيعيًا بالنظر إلى عُمق الوجدان الديني المصري، وانفتاح الثقافة
المصرية على العروبة والوطنية بصورة عامة. ولم يقتصر الأمر بالطبع على كل
من أحمد محرم ومحمود حسن إسماعيل وعلي محمود طه، بل إنَّ المؤلف يرصد وينقل
أبيات الشعر والقصائد التي نَظَمَهَا عددٌ كبير من الشعراء المصريين
بمناسبة وعد بلفور؛ مثل محمد كمال إمام، ومحمود محمد صادق، وعفيفي محمود
وغيرهم.
وبعد
ذلك يُورِدُ تفاعُلَ الشعراء مع القضية الفلسطينية، فيصور الشاعر محمد
الأسمر بعضًا من لمحات النضال الفلسطيني ضد الصهيونية المتحالفة مع
الإنجليز قائلًا:
رُدِّي حِبَالَكِ عنهمو يا هذِهْ فالغاب يؤخذ من قوى أخاذه
تسعون يومًا والعرين مُزمجر غَضَبًا على من فيه من شذاذه
ما كلُّ أرض لقمةٌ مأكولة بل بعضها كالسهم حين نَفَاذه
شادت فلسطين الشهيدة صرحه من قلبها الدامي ومن أفلاذه
لاذ الحِمى فيها بأبطال الحمى فمضَوا لخيرِ ملاذِهِم وملاذِه
تسعون يومًا والعرين مُزمجر غَضَبًا على من فيه من شذاذه
ما كلُّ أرض لقمةٌ مأكولة بل بعضها كالسهم حين نَفَاذه
شادت فلسطين الشهيدة صرحه من قلبها الدامي ومن أفلاذه
لاذ الحِمى فيها بأبطال الحمى فمضَوا لخيرِ ملاذِهِم وملاذِه
وعندما
عقد مؤتمر بلودان في 8 سبتمبر 1937 وحضرته مصر وسوريا ولبنان والأردن
والمغرب العربي وفلسطين، قرر المؤتمر رفض التقسيم، ورفض قيام دولة يهودية،
واعتبار فلسطين جزءًا من جسم الأمة العربية، وقامت الثَّوْرة الفلسطينية
الكبرى، وقامت الحكومة البريطانية بنفي صفوة المجاهدين الفلسطينيين إلى
جزيرة سيشل.. يقول الشاعر محمد الأسمر:
أسُودَ فلسطين تحيَّةَ شاعرٍ وكلُّ فلسطين أسودٌ بواسلُ
حللْتُم على الوادي المبارك أهلُه فأنَّى نزلتم فالقلوب مَنازل
ذهبتم إلى المنفَى وأنتم أهلة وعدتم كما عادت بدورٌ كوامل
وما أنتم إلا سيوفُ ملاحمٍ وما حادثاتٌ الدَّهر إلا صَياقِل
حللْتُم على الوادي المبارك أهلُه فأنَّى نزلتم فالقلوب مَنازل
ذهبتم إلى المنفَى وأنتم أهلة وعدتم كما عادت بدورٌ كوامل
وما أنتم إلا سيوفُ ملاحمٍ وما حادثاتٌ الدَّهر إلا صَياقِل
لم
يقتصر الاهتمام الشعري المصري في ذلك الوقت على أبعاد النِّضال الفلسطيني،
ولكنه وَاكَبَ كلَّ مراحل وأشكال القضية؛ فعندما صدر قرار التقسيم عام
1947، ثار الشعراء المصريون على الأمم المتحدة، والظلم الدولي وازدواج
المعايير والتواطؤ الغربي.. يقول محمود محمد صادق لمجلس الأمن:
يا مجلسَ الأمن الذي نثرَ الزُّهورَ مع الوعود
زيتونُ غصنِك والأزَاهِر في يدِ الأقدار سُود
زيتونُ غصنِك والأزَاهِر في يدِ الأقدار سُود
ويقول في قصيدة أخرى:
يا مجلس الأمن العتِيد تحيَّتي أشعلْتُها نارًا فَنَمْ بأمان
بِعْتَ المسيحَ إلى اليهود سماحةً لا بِدْعَ إن أرخصْتَنَا في الشَّان
بِعْتَ المسيحَ إلى اليهود سماحةً لا بِدْعَ إن أرخصْتَنَا في الشَّان
ثم يواصل الشعر المصري مواكبة الحدث الفلسطيني في معارك 1948، فالشاعر أحمد مخيمر يوجه التحية إلى الشهيد عبد القادر الحسيني قائلًا:
نِلْتَ الشهادةَ فاهْنَأْ أيُّها البطلُ بمثل عزْمِكَ تَبْنِي مجدَها الدُّولُ
وفي نفس الإطار يقول محمد محمد صادق:
لحِقَ الحسينيُّ "الحسينْ" زينَ الشباب وأيُّ زينْ
حنَّ الشهيد لجده فتشابها في الميتيْن
حنَّ الشهيد لجده فتشابها في الميتيْن
ولم
يَغفل الشعر المصري عن رصد جرائم الصهاينة في فلسطين، وفي هذا الإطار كتب
عددٌ من الشعراء المصريين بقلوب حزينة وعيون دامعة عن مجازر "دير ياسين"،
و"كفر قاسم"، وغيرهما، ومنهم الشاعر شوقي هيكل، الذي قال:
اذكروا في الدَّهْر ذِكْرَى كَفْرِ قَاسِم
واذكروا ياسين ديرًا لم يسالِم
واذكروا الجسر الذي ظلَّ يقاوم
واذكروا القدس وفيها الموت جاثم
واذكروا ياسين ديرًا لم يسالِم
واذكروا الجسر الذي ظلَّ يقاوم
واذكروا القدس وفيها الموت جاثم
وقد
تضمنت تلك القصائد معاني قديمةً، لا تزال موجودةً حتى اليوم، مثل المؤامرة
الغربيَّة على الإسلام، وازدواج المعايير الغربية، وضعف العروبة والإحساس
العربي لدى الحكَّام العرب، والدعوة إلى الجهاد، باعتبار أن ذلك هو الطريق
الوحيد لمَنْعِ ضَيَاع فلسطين, والدعوة إلى وَحْدَةِ العرب، والأخذ بأسباب
القوة. ولقد وَاكَبَ الشِّعر المصري بعد ذلك مراحلَ النِّضال الفلسطيني،
وتفاعلَ مع القُوَى المجاهدة المناهضة للاحتلال، والرافضةِ له، وخاصة تلك
التي حملت السِّلاحَ في مواجهته، مثل الشيخ عز الدين القسَّام 1935، ثم
الثورة الفلسطينية 1936 – 1939 وغيرها من ملامح النضال والمقاومة.
ويستمر
الكاتب في رصد تفاعل الشِّعر المصري مع الحدث الفلسطيني بعد 1948، وإبَّان
هزيمة 1967، وانتصار 1973، ثم اندلاع الانتفاضات الفلسطينية المتواصلة
التي شكَّلَتْ جزءًا هامًا من الحدث في نهاية القرن الماضي وبداية القرن
الحالي، ولكن من الملاحَظ أن المؤلف لم يعطِ الفترةَ من عام 1948 حتى 1978،
ـ حوالي ثلاثين عامًا ـ الكثيرَ من الاهتمام، ولجأ إلى رصْدٍ موضوعيٍّ
للشعر، مثل موقف الشعر المصري من اللاجئين، ومدى تعاطُفِهِ مع مأساتهم،
وكذا شعر الاسْتِنْفَارِ والحضِّ على الثورة، ثم أثَرِ الانتفاضات
الفلسطينية على الشعر المصري.
ويرصد
المؤلف عددًا من الملاحظات على الشعر المصري بالنسبة لفلسطين بعد 1948 مثل
قوله: "من السِّمَات التي تُميِّز هذا الشعر الاتكاءُ على الدين،
واسْتِلْهَامُ المعاني الروحية"، وقوله: "ربط الشعراء المصريون ـ أو
معظمُهم ـ بين قضية فلسطين وضياع الأندلس من قبل"، وكذا يرصُد المؤلف
تجاوُزَ الشعر المصري الحدود المصرية إلى الأبعاد العربية والإسلامية
والإنسانية.
لعل
الشعر المصري كان أحَدَ أهمِّ التَّجَلِّيَاتِ التي ميَّزت بين الموقف
الشعبي المصري ـ الذي كان ولا يزال يؤمن بحتميَّة إزالة إسرائيل وتحرير
كامل التراب الفلسطيني، وعدم جواز التفريط في أي شبرٍ من الأرض ـ والموقف
الحكومي بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد عام 1979، وهو موقفٌ له تعقيداتُه
الدولية والدبلوماسية بالطبع، ولعل من أهمِّ موضوعات هذا الكتاب التي
ناقشها المؤلف هو موقف الشعر المصري من مسألة السلام بين مصر وإسرائيل بعد
توقيع اتفاقية السلام بين الحكومتين المصرية والإسرائيلية عام 1979.
يقسِّم
المؤلف موقف الشعر المصري من قضية السلام إلى قسمين ـ وهذا طبيعيٌّ
وبديهيٌّ ـ فالذين أيَّدوا السلامَ مثل الشعراء؛ عباس الديب، وأحمد فهمي
خطاب، وإبراهيم عيسى، وعامر مجدي، وأحمد مخيمر، كان مُنْطَلَقَهم الحرصُ
على حقن الدماء، أو أنَّ الإسلام يدعو إلى السلام، وهما مبرِّرَان ناقصان
بالطبع؛
فالسلام
المزعوم لم يمنع إسرائيلَ من سفك الدماء، والإسلام يدعو إلى السلام العادل
وليس الاسْتِسْلَام، ويدعو إلى السلام بعد اسْتِرْدَادِ الحقوق وليس
قبلَها.
كما
يرصد المؤلف أن عددًا من هؤلاء الشعراء الذين أيَّدوا السلام، راحوا
يمدحون الرئيس المصري الراحل أنور السادات، أو بصورة أخرى، كانوا يبحثون عن
اسْتِرْضَاءِ السلطة.
أما
الفريق الثاني، الذي رفض السلام، مثل الشعراء؛ الحساني حسن عبد الله،
ومصطفى بهجت بدوي، ومحمد علي عبد العال، وأمل دنقل، وصابر عبد الدايم،
فهؤلاء انطلقوا من أنَّ هذا السلام ذُلًٌ واستسلامٌ ومؤشِّرٌ لضياع الحقوق
العربية، ودعوة إلى ضرورة الأخذ بالثأر لأبنائنا الشهداء.
يقول الشاعر الحساني حسن عبد الله:
أمَّا السلامُ الذي لم يحمِهِ سيف فهو السحاب الذي بدَّدَه صيف
ويقول:
أما السلامُ فَذَا لفظٌ بلا معنى لأن كلًا على ليْلَاهُ قد غنىَّ
ويقول مصطفى بهجت بدوي:
الصلح خير إن يكنْ خيرٌ به
لا أن نسام الذل تحت نقابه
ونصيب وحدتنا بهول مُصابه
ونقرَّ شانئنَا على أسلابه
ونجيب قاتلنا بلثْم حرابه
لا أن نسام الذل تحت نقابه
ونصيب وحدتنا بهول مُصابه
ونقرَّ شانئنَا على أسلابه
ونجيب قاتلنا بلثْم حرابه
ويقول:
لا والذي خلق العروبةَ والكرامة والإباء
لا والذي كرِه التسامحَ في حقوق الأبرياء
لا.. لن نفرِّطَ ..لن نخون المعركة
لا والذي كرِه التسامحَ في حقوق الأبرياء
لا.. لن نفرِّطَ ..لن نخون المعركة
ويقول الشاعر محمد علي عبد العال:
هذا السلامُ سرابُ وهمٍ خادعٍ
هو كالمخدِّر صاغَه لكم العدُو
كي لا نقاومَ شرَّه بكفاحنا
وبعزْمِنَا ولِحَقِّنَا لا نصمد
هو كالمخدِّر صاغَه لكم العدُو
كي لا نقاومَ شرَّه بكفاحنا
وبعزْمِنَا ولِحَقِّنَا لا نصمد
وبالطبع
لا يستطيع المؤلف تجاهلَ شاعرٍ من أهمِّ شعراء الرفض المصري للسلام، وهو
الشاعر المرموق "أمل دنقل"، الذي كتب قصيدةً رائعةً أصبحت عنوانًا لكل
الرافضين للسلام والمناهضين لإسرائيل، وهي قصيدة "لا تصالِح" الذي جاء
فيها:
لا تُصالِح
ولا تقْتَسِمْ مع مَنْ قتلوك العظام
ولا تقْتَسِمْ مع مَنْ قتلوك العظام
ويقول:
سوف يولَدُ من يلبَسُ الدِّرع كاملةً
يوقِدُ النارَ شاملةً
يطلب الثَّأر
يَسْتَوْلِدُ الحقَّ
من أضْلُعِ المستحيل
... لا تصالِح
يوقِدُ النارَ شاملةً
يطلب الثَّأر
يَسْتَوْلِدُ الحقَّ
من أضْلُعِ المستحيل
... لا تصالِح
أما فاروق جويدة فيقول:
سيجيءُ إليك الدجّالون
بأغنية عن فَجْرِ سَلام
السِّلْمُ بضاعة مُحتال
وبقايا عهدِ الأصنام
والسِّلم العاجزُ مقبرةٌ
وسيوفُ ظلام
لا تأمَنْ ذئبًا يا ولدي
أن يحرس طفلًا في الأرحام
لن يصبح وكْر السفاحين
وإن شئنا أبراجَ حمام
بأغنية عن فَجْرِ سَلام
السِّلْمُ بضاعة مُحتال
وبقايا عهدِ الأصنام
والسِّلم العاجزُ مقبرةٌ
وسيوفُ ظلام
لا تأمَنْ ذئبًا يا ولدي
أن يحرس طفلًا في الأرحام
لن يصبح وكْر السفاحين
وإن شئنا أبراجَ حمام
وقد
عالج الكاتب ذلك كلَّه من خلال بابيْن؛ جاء الأول تحت عنوان: "رؤية
موضوعية"، وقسَّمه إلى ثلاثة فصول، يعالج الفصل الأول منها صورة اللاجئ
الفلسطيني، وأبعاد مأساته، كما صوَّرها الشاعر المصري، ويبيِّن أنه منذ
اليوم الأول لاحتلال بريطانيا لفلسطين، وهي تعمل جاهدةً على تهويدِها؛ من
وعد بلفور المشؤوم إلى تشجيع الهجرات اليهودية..
ويتوقَّفُ
الفصل الثاني عند شِعْر الحماسة، والحضِّ على الثورة، وقصة التمرُّد على
تلك القيود، وتسجيل موقف الشعراء المصريين منها، والفصل الثالث يتناول،
بالتحليل والتفصيل، القضيةَ الفلسطينيَّة بين لغة الحرب ومحاور السلام،
وكيفية تناوُل الشعراء لها.
والباب
الثاني، عنوانه "رؤية فنية"، وينقسم إلى فصلين، يتناول الأول معالجاتٍ
تحليليَّةً خاصة، وقراءةً في هذا الشعر، مع تسجيل الظواهر المميِّزَة له،
أما الفصل الثاني فقد وقف عند دراسة الصورة الشعريَّة والبِنْيَة الموسيقية
للشعر؛ موضعِ الدراسة، وبيان أثرهما في معالجة القضية من ناحية، ووظائفهما
عبْرَ المستويات الذاتية والسياسية والقوميَّة من ناحية أخرى.
وقد
استطاع الكاتبُ، من خلاله كتابه، أن يَرْصُدَ الحالة الشعرية المصرية
بالنسبة للقضية الفلسطينية على مدى مائة عام تقريبًا، بدءًا من وعد بلفور،
وانتهاءً بأوضاع السلام المصري الإسرائيلي. وقد رصد الكاتب أعمالَ عددٍ
كبيرٍ جدًّا من الشعراء المصريين، الذين كتبوا عن القضية الفلسطينية، مثل
إبراهيم عيسى، وأحمد زكي أبو شادي، وأحمد هيكل، وأمل دنقل، وجليلة رضا،
وحامد طاهر، وحسن فتح الباب، وسعد ظلام، وشوقي هيكل، وصابر عبد الدايم،
وعامر بحيري، وعبد الرحمن الشرقاوي، وعبد العليم عيسى، وعبد العليم
القباني، وعبد المنعم يوسف عواد، وعبده بدوي، وعفيفي محمود، وعلى الجارم،
وعلي محمود طه، وفاروق جويدة، وقاسم مظهر، وكامل أمين، ومحمد الأسمر، ومحمد
التهامي، ومحمد حوطر، ومحمد عبد الغني حسن، ومحمد علي عبد العال، ومحمد
كامل إمام، ومحمد مصطفى الماحي، ومحمود أبو الوفا، ومحمود حسن إسماعيل،
ومحمود الخفيف، ومحمود غنيم، ومحمود محمد صادق، ومحمد محمد صادق، ومصطفى
بهجت بدوي، وهاشم الرفاعي، والورداني ناصف، ويوسف خليف.
ومن
الملاحَظ أنَّ المؤلف رصد الأعمالَ الشِّعْرِيَّةَ المنشورةَ، ولجأ إلى
بعض المخطوطات التي لم تُنشَر، مثل ديوان إبراهيم عيسى "مع الأيام"، ورشاد
يوسف "وا إسلاماه"، ومحمد الحساني حسن عبد الله: من وحي الوافر، وقصائد
أخرى. الأمر الذي يدل على مدى الجهد الذي بذله المؤلف في إعداد الكتاب.
ويُعد
هذا الكتاب الشعري بمثابة رصْد لحالة الشعر المصري، بل والعربي، إزاء
القضية الفلسطينية، معبِّرًا عن أن قيمة الشعر الفنية لا تَقِلُّ عن
الأعمال السياسية في فاعليتها وأهميتها.
ومما
يُذكر أن الكاتب محمد علوان سالمان، حاصل على الدكتوراه في الأدب العربي
الحديث، وصدر له العديد من المؤلفات، منها: من ديوان الشعر العربي،
والإيقاع في شعر الحَداثة..
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51256
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: فلسطين في الشِّعر المصريّ
الف شكر لك ويعطيك العافيه
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57271
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» كلنا فلسطين.. فلسطين الغاليه
» قالو عن فلسطين
» القدس , فلسطين
» فلسطين الحبيبة
» كي لا ننسى قرى فلسطين الَّتي دمرتها إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها
» قالو عن فلسطين
» القدس , فلسطين
» فلسطين الحبيبة
» كي لا ننسى قرى فلسطين الَّتي دمرتها إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى