شبكة و منتديات تولف أن آر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مهمَّشون مبدعون في تراثنا الشعري

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

 مهمَّشون مبدعون في تراثنا الشعري  Empty مهمَّشون مبدعون في تراثنا الشعري

مُساهمة من طرف علاء الدين الثلاثاء فبراير 05, 2013 4:23 am

تَحْظَى
شخصياتٌ بعديد من الدراسات حولها ويُلقى عليها الضوء من كل جانب، بينما لا
يأخذ غيرها حقه الواجب لها من الدراسة والتأريخ، وربما كان حدوث هذه
الظاهرة سببًا في ضياع أعمال كثيرين من الأعلام الذين يعتزُّ بهم أي فكر
وأية ثقافة.


و"كم
من الكنوز الإنسانية تطويها الأزمنة، وتظلّ دفينة دهرًا طويلًا، ثم يقيّض
الله لها من ينبش غورها، ويكشف سترها، فتبدو للعيان كأنما تكوّنت لساعتها،
مجلوّة المعالم، مسترخية القَسَمات، وديعة الحضور، قيّض لها من يخرجها من
ظلمات الغفلة والإهمال إلى الانبهار والكينونة الفاعلة، لها هويتها
وبنيانها الشامخ، وأصداؤها المدويّة في سماء الأدب ورياضه الفينانة".


بهذه الكلمات بدأ الدكتورياسين الأيوبي كتابه "مُهمَّشون مبدعون" في تراثنا الشعري الذي صدر حديثًا في بيروت بلبنان وتناول فيه مجموعة من الشعراء المرموقين بعد أن دفنهم الزمن واحتجبتْ عنا إبداعاتهم.

وَضَع
الدكتور الأيوبي أُسسًا ومقاييس وشروطًا للإبداع في مقدمة الكتاب، وقف
عليها دراساته، وأجرى على أساسها اختياره للشعراء الذين اختارهم وتحدّث
عنهم، وقد حصر اختياراته بين القرن الأول للهجرة والقرن الثامن ضمنًا، أي
من السابع الميلادي وحتى الرابع عشر، وقد افتتح كتابه بالوليد بن عقبة (ت
61هـ) واختتمه بابن نباتة المصري (718 هـ)، ومعنى ذلك أن عمله غطى أهمّ
العصور في حياة الشعر والنثر العربيين.


رَبَط الكاتب كل شاعر بعصره وربط العصور فيما بينها، مشيرًا إلى التغيرات التيطَرَأت على حركة الشعر العربيفيأساليبه وموضوعاته بعرض شيِّق ومتسق ولغة جميلة حتى بلغأربعة وثلاثين شاعرًا مغمورا أمثال الوليد بن عقبة الشمردل،والحكم بن عبدل،حيثيفتتح الكاتب مصنَّفَه بالتعريف بالشاعر وينتهيبالحديث عن أسلوبه الشعريوخصائصه، موضحًا ماغمض من كلمات، معرجًا على نشره الأدبي،وهناك فائدة ليست بقليلة، حيث قام الكاتب بنوع من الكشْف والمسْح الشامل عن مجموعة من القواميس للشعراء والأماكن (فهرس) أعانتْه عليها مشاربه الغنية مثل كتاب الأغانيوديوان الحماسة وخزانة الأدب والكامل فيالتاريخ،صفوة القول أن للكتاب فوائد كثيرة؛ فهويمثِّل بضاعة علمية فياللغة والشعر والأدب؛ لمايقدمه من نماذج وصور عن الحياة الفكرية والتاريخية لهؤلاء الشعراء.

أسلوب واضح المعالم

تناول
الباحث الشعراء فأشبعهم درسًا وتحقيقًا وتوثيقًا، واتّبع أسلوبًا واضح
المعالم، يبدأ بالسيرة وينتهي بخاتمة تلخِّص أهم ما توصَّل إليه.


يفتتح
الباحث الكلام بالتعريف بالشاعر ولقبه واسمه، وينتهي بالحديث عن أسلوبه
الشعري، وما بينهما عرض جدي لكل تفاصيل حياته الأدبية والفكرية والشعرية،
وصلاته وعلاقاته وسلوكياته وخصائصه الشخصية وأغراضه الشعرية، دارسًا كل غرض
على حدة، مستعينًا بالأمثلة والشواهد الشعرية الموثَّقَة، مطبقًا قواعدَه
النقدية عليها، شارحًا ما صعب واستغلق من ألفاظ وكلمات غريبة معقدة، وما
فيه من الكلمات المأثورة والطرائف المعبِّرة، معرِّجًا على نثره الأدبي،
إذا وجد، وقيمة كتبه وأشهر أساتذته وشيوخه، وأهم آثاره في شتى المعارف،
والوقوف عند الآثار الأكثر شهرة عند كل شاعر، مشيرًا إلى الطبعات المتعددة
لكل أثر.


وقد
قدّم الباحث لكتابه بمقدمة جامعة وافية، عرض فيها مكوِّنات الإبداع الشعري
وتشكيلاته، إضافة إلى خطة عمله في الكتاب، فوضع القارئ أمام سلك الشعراء
المهَمَّشين المبدعين الذين سيدرسهم، مومِئًا إلى عيّنات من لمعهم
الإبداعية، وسِيَرهم الذاتية التي لا تشير إلى هشاشة منازلهم وهامشية
شعرهم.


فهم
بالتأكيد لم يكونوا في صف واحد مع كبار شعراء المدح والغزل والوصف أمثال
الفرزدق، وجرير، وعمر بن أبي ربيعة، وجميل بثينة، وابن الرومي، وأبي نواس،
وأبي تمام، والبحتري، وأبي الطيب المتنبي، وأبي العلاء المعري وغيرهم
الكثير.


فكم
واحد منّا يعرف الوليد بن عقبة، والمرّار بن سعيد الفقعسي، والقتّال
الكلابي، والشمردل، والمرّار بن منقذ العدويّ، والحكم بن عبدل الأسدي،
والعديل بن الفرخ، والحسين بن مطير الأسدي، والمؤمّل بن أميل المحاربي،
والعكوّك، والعطوي، وخالد بن يزيد الكاتب، وغيرهم ممن لم يحظوا بالشهرة
والدراسة المستحقة.


وتابع
الباحث في مقدمته عرض العيّنات اللامعة من إبداعات الشعراء المهمّشين
ذاكرًا ما يقرب من العشرين عنوانًا لهذه اللُّمَع أو المكرمات كما يصفها،
بينها: مكرمة القلق النفسي، وحرارة الوجد، والشّمم النفسي، والنفس الملحمي،
والرقة المتناهية في تصوير المشاعر، والتحسّس المبكر بخريف العمر،
والطرائف المذهلة.. مقدمًا الشاهد تلو الآخر، لهذا الشاعر أو ذاك، لدى كل
لمعة إبداعية، مشوّقا القارئ إلى قراءة ذلك بتوسع في متن الكتاب.


وقد
صاغ الأيوبي سير الشعراء بلغة تجمع بين الموضوعية التاريخية والنسق
البياني وطوابع شعرهم، كل على طريقته، وخصائص لغتهم الشعرية، على تمثُّل
دائم بنماذج أشعارهم البديعة.


وجولة
عامة في الكتاب، تقدم لك مجموعة من القواميس، قاموس للشعراء، وآخر
للأعلام، وثالث للأماكن، وديوان للشعر، لم يذكرها مستقلة، إنما هي مبثوثة
بوضوح في تضاعيف الدراسة، كما يذكر في كل بحث أسماء الشخصيات العلمية
والأدبية التي كان لها علاقة مع الشاعر كما نرى مع ابن نباتة المصري عندما
أشار المؤلف إلى شيوخه في الحديث والرواية ومنهم: شهاب الدين بن الردّاف،
وعز الدين الحصري البغدادي، وشهاب الدين الهمذاني، والقاضي محيي الدين بن
عبد الظاهر، والإمام بهاء الدين النخّاس النحوي، والأمير المؤرخ شمس الدين
بن الصاحب، والأديب سراج الدين عمر الوراق، والأديب نصر الدين الحمامي.


مدرسة في اللغة والشعر والأدب والنقد

وليس
ثمة شك أن الكتاب مدرسةٌ في اللغة والشعر والأدب والنقد والمنهجية، لذلك
تعمّ فائدته الشعراء والأدباء والمثقفين والمفكرين وأهل اللغة، وطلاب
الجامعات وسواهم؛ لما يزخر به من قضايا وموضوعات شديدة الخصوصية، إنه
يقدِّم صورةً واضحةً عن الحياة الفكرية والأدبية والنقدية والتاريخية
لمختلف المراحل التي عاش فيها الشعراء المهمشون، كما يقدِّم كمًّا كبيرًا
من المراجع والمصادر المهمة.


ولا
نجافي الحقيقة إذا قلنا أن كثيرًا من الشعراء الذين ذكرهم الباحث وتوسّع
في الحديث عنهم، يكاد لا يعرفهم الكثيرون من متتبعي ومتذوقي الأدب والشعر،
فجاء الدكتور ياسين الأيوبي ليسدّ الفراغ، ويعيد الاعتبار إليهم، بعد أن
حرموا من المكانة اللائقة بهم قرونًا عديدة، وتملأ الشواهد الشعرية صفحات
الكتاب، وهي رافد غني من الروافد الأدبية التي جددت شباب الشعراء
المغمورين.


ولعل
هذا الاختيار لعنوان الكتاب "مهمشون مبدعون"، فيه تنبيهٌ لنا، كي لا نغضّ
الطرف، في دراسات قادمة عن كثيرين ممن يمتلكون الشاعرية والإبداع، ولم
يحظوا بالشهرة، أمانة للحقيقة وللتاريخ.


الدكتور ياسين الأيوبي

ومما
يُذكر أن الدكتور ياسين الأيوبي شاعر وباحث لبناني ولد عام 1937 والتحق
بمدرسة الآداب العليا التابعة لجامعة ليون، ونال منها شهادتين في علم
النفس، كما نال من الجامعة الإجازة في اللغة العربية وآدابها عام 1965، ثم
نال الماجستير في الأدب العربي من معهد الآداب الشرقية التابع للجامعة
اليسوعية عام 1969، وكان عنوان رسالته صفي الدين الحلي، والتحق عام 1970
بجامعة السوربون -باريس الثالثة، ونال منها عام 1975 الدكتوراة، وكان موضوع
الرسالة معجم الشعراء في لسان العرب، عمل مدرسًا في المرحلة الثانية بين
1966- 1976، وتسلّم منصب النظارة العامة في ثانوية البترون، كما عمل مدرسًا
في كلية التربية بجامعة بغداد، ومدرسًا في الجامعة اللبنانية ورئيسًا لقسم
اللغة العربية فيها مرتين، وما زال مدرسًا فيها ومشرفًا على الرسائل
الجامعية، وهو عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين، واتحاد الكتاب العرب، ومنتدى
طرابلس الشعري، والمجلس الثقافي للبنان الشمالي وعضو الهيئة الإدارية فيه.


ومن
مؤلفاته: مسافر للحزن والحنين -شعر، الشعر السعودي الحديث في الميزان،
آفاق الأدب العربي في العصر المملوكي، دياجير المرايا- شعر، مذاهب الأدب
معالم وانعكاسات.

علاء الدين
عضو Golden
عضو Golden

عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51266
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 مهمَّشون مبدعون في تراثنا الشعري  Empty رد: مهمَّشون مبدعون في تراثنا الشعري

مُساهمة من طرف الامبراطورة الثلاثاء فبراير 05, 2013 8:51 am

الف شكر لك ويعطيك العافيه
الامبراطورة
الامبراطورة
عضو Golden
عضو Golden

عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57281
الجوائز : المركز الثالث
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى