شبكة و منتديات تولف أن آر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة قصيرة : عبود أروبة

اذهب الى الأسفل

قصة قصيرة : عبود أروبة  Empty قصة قصيرة : عبود أروبة

مُساهمة من طرف علاء الدين السبت فبراير 02, 2013 11:47 pm

أروبة" القرية المحصنة، فيها من الأطباء والعلماء، فيها من الأسياد والعظماء، وفيها من الملوك والأمراء - عفوا حاكم "أروبة" فيها ملك وأمراء - وفيها من التجارة والعلم مايكفيها ويسد جوعها، ويحرك عجلة الحياة اليومية فيها...ولها أسوار محصنة، وعيون حاسدة...



...وفي "أروبة" يوجد أيضا "عبود"


"عبود" هذا رجل مجنون، مجنون بما للكلمة من معنى، لا أحد يفهم ما يقول، ولا أحد يطيق سماعه، مرة يتحدث عن الشياطين، مرة عن العذاب المبين الذي ينتظر الملايين، والنار..، ومة عن الجن الذي زاروه، أو ؤلائك الذين الذين جاؤوا إليه من خارج السماء ليأخذوه. المهم إضافة إلى رائحته النتنة لا أحد يطيقه أو يستسيغه. تراه تارة عاريا كما ولدته أمه قرب السوق تهرب منه النساء وبالحجارة ترشقه الرجال، أو تراه يأكل من الخضر والفواكه الفاسدة قرب محل التاجر "عمر". وتراه تارة يطارد الأطفال ذهابا و يسب ويشتم هاربا، حين يحاولون السخرية منه، ويحا للأطفال آخر ما ينقصه "عبود" سخرية الأطفال! وهو سخرية بحد ذاته...




مع جنونه "عبود" له برنامج يومي محدد ومنظم، تجده صباحا باكرا تحت إحدى الأشجار قرب الوادي حيث ينام، فيضطره شروق الشمس للإنهاء الأحلام - أو يحلم "عبود"؟!! من يعرف!!!- ويساعد "مسعود" في إلقاء صناديق القمامة والأزبال، فيفرح به "مسعود"، كيف لا وقد وجد من يكفيه شر ذاك العمل وروائح الزبالة دون أجر يذكر....دعونا من "مسعود"...بعدما يتناول "عبود" موزا أو تفاحا فاسدا، أو خبزا كإفطار في ضافة القمامة يقفز للنهر ليلعب، ثم يجتاز الحقول ليبلغ زقاقات المدينة "أوربة" ومن ثم إلى السوق، يدخل هنا وهناك، يطارد هذا أو يطارده ذاك... حتى المساء، عندما يخرج الإمام "مرزوق" من بيته يزور بعض التجار, أو يحضر ديوان السلطان, أو يدخل المسجد للوعظ و توعية الإنسان، وهذا الشخص بالضبط يحبه "عبود" لدرجة أنه يطارده كلما رآه، ويبدأه بالمزاح، والآخر لا يستسيغه ومنه يهرب..و"عبود" يضحك ويسخر...فــ"عبود" هذا له موقف من الإمام، فهو يلومه على جنونه، ويأمل منه أن يكون العلاج، ويجعله المحامي الذي يجب أن يدافع عته أمام الناس، والإمام ملزم بحق الدين بأن يعيله ويلطف به..."وإن كنت مجنون فإن على لساني حق ولي فيك حقا" هكذا يقول "عبود".


يختفي الإمام، و"عبود" تصده شرطة الحاكم أو الأبواب، ويحب فيهما الأبواب.. ويواصل دربه...


حتى إذا جاء الليل أعطاه أبناء الليل من شياطين الإنس كأسا فتسكره ويترنح يغني أو يحاور شيطانه بين الحقول، حتى يصل شجرته التي يعتبرها أمه، ويجد بقربها كلبه الذي يسميه "بلقيس" - أنا نفسي لا أعرف لما، الكلب لا يعجبه الإسم لكن لا مفر منه -، و كلبه هذا أيضا كلب متشرد، لكنه لما رأى "عبود" عرف أنه هناك من هو أكثر منه تشردا فحن له قلبه وأزم نفسه أن يحرسه ويعتني به، حتى أنه يذهب في أثره في المدينة إن غاب أو تأخر، ويخلصه من الأطفال وشياطيين الإنس..


يبدأ "عبود" في رواية نشاطاته لكلبه "بلقيس" الذي يحاول أن يبدو منصتا جيدا لكي لا يجرح "عبود"، لطيف هذا الكلب، فما أن يبدأ "عبود" في مناقشة موضوع أو تحليله حتى يمل الكلب وينبح عليه حتى ينام...


ويبدأ من جديد برنامج "عبود".....


ويستمر هكذا حتى إذا جاء يوم، شعر فيه "عبود" بإحساس غريب مخيف، فقفز من نومه فزعا يتخبطه الرعب، ولم يجد قربه "بلقيس"... "أين بلقيس؟؟؟؟؟"...- ما أدراني يا "عبود" -... يبحث في أرجاء الوادي عن كلبه في الظلام الحالك والجو البارد، حتى بلغ أسوار المدينة في المقدمة، حتى إذا بزغ النور وجد كلبه "بلقيس" مفروشا على الأرض وحوله دمائه تسيل، وفي جنبه رمح...."يا ربي بلقيس مات!!!!!!".... يغضب بشدة "عبود" ويبحث عن الجاني المفقود، ليجد من دون مجمع الشجيرات عشرات المقاتلين، وهم ل" أروبة " قد دخلوا، و لاحتلالها قد نصبوا....حتى "بلقيس" الكلب قتلوه لما حاول النباح عليهم لكي لا يستيقظ "عبود" من نومه وقد بلغوه، فقتلوه المسكين...- ماذا ستفعل يا مجنون؟ -..."حتى أنت!... تنعتني بالمجنون، أنا مجنون رفع عني القلم إفعل أنت".... - بجادلني "عبود" -...


يهرول يجري "عبود"، ليبلغ المدينة قبل هجوم القناصة وإعلان الهزيمة.... يصيح مدويا "عبود" في المدينة، ويبلغ قصر الحاكم أعلى المدينة، وتسكته الشرطة، وتجتمع حولهم الخليقة، ويصارع الكتيبة، حتى إذا خاف أن يمسكوه نزع ثيابه ( أكياس مرقعة) معلنا جلده، فتعيفه الشرطة، ويطل عليهم الأمير غاضبا، والناس شهود :


- ما بالكم تصرخون، وتزعجون الملك ولا تخافون؟!!!!


- عفوا سيدي الأمير لست أنا المسؤول، صاحب الشرطة يجيب


- من صاحب الجلبة إذن؟


- "عبود" يا سيدي الأمير، كل الناس تجيب


- إنكم في ورطة يا ناس، في الوادي قناصة، وكتيبة قتالة، وهم إليكم قادمون، ومدينتكم سيرهبون وينهبون، ونسائكم سيستحون....


- كفاك هرطقة، وإلا أمرت فقطعت رأسك


- يا مولاي أن مجنون، لكنني في هذه صادق أمين


- تبا لك يا "عبود"، يستنكر الإمام، و "مسعود"


- وماذا لو كان كزرقاء اليمامة يا قوم، يقول التاجر "عمر"


- وماذا لو ضاعت أموالك يا تاجر، يقول صاحب الشرطة...


يستمر الجدال، ويصرخ الأمير، وتنصرف الخلائق إلا "عبود" و الشرطة....يهرب "عبود" تطارده الشرطة، ثم يداع السجن وليس معه حتى "بلقيس" صاحبه الوحيد في العالم يسمعه ويصدقه... ثم يرى عنكبوتا في الزاوية فينسى كل شيء "عبود"...


- ما هذا يا "عبود"؟ المدينة تضيع يا "عبود" -... دعني أنا فقط مجنون، وعاري أنا داخلي وخارجي... وقد أنذرت...- أحسن عملا "عبود"-....


لم يكمل الناس إفطارهم، ولم يخرجوا ليتابعوا أعمالهم حتى حلت المصيبة، وهجمت الكتيبة وحل البلاء، وضاعت "أوربة"...لم يصدقوا مجنونا يقول صدقا....


العبرة : يقال : أنك إن كنت تريد قول كلمة حق، وكنت عاريا (بالمعنى المجازي طبعا) فلن يصل صدق كلماتك لمستمعيك، لن يعيروك انتباها أصلا، كالذي يتحدث في الدين وهو في تطبيق تعاليمه بعيد...


و "عبود" بالنيابة يقول : "كما قال السلف : خذ الحكمة من أفواه السفهاء" و "قبل أن تحكم على كلماتي من مظهري، أعطيني فرصة وتأكد...."


هل لديك قصة من تأليفك الخاص وفيها عبرة وتريد المساهمة بها؟

علاء الدين
عضو Golden
عضو Golden

عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51216
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى