مصطفى السباعي يقول للمرأة: هكذا علمتني الحياة!
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مصطفى السباعي يقول للمرأة: هكذا علمتني الحياة!
حين ننظر في سير الرموز والشخصيات المؤثرة في الحياة يفوتنا أمر من الأهمية بمكان، هذا الأمر هو البيئة التي شكلت الرمز وأثرت فيه وأنضجته، وفي الغالب تكون هذه البيئات متميزة بشكل ملحوظ أو بائسة بشكل ملحوظ!
وكأن العبقرية على موعد دائما مع البيئة المشحونة بالخصوبة والأحداث الكبيرة؛ سواء كانت هذه الأحداث إيجابية أو سلبية.
كل هذه الأسباب تتجلى في سيرة الرائد والمصلح الاجتماعي الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله، حيث ولد في فترة ثرية بأحداث جسيمة تناوشت المسلمين في أغلب بلدانهم، لا سيما الصراع الملتهب مع الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام، هذا في الجانب العام، أما في الجانب الخاص فقد كانت نشأته في أسرة كل رجالها من أهم رجال الدعوة والفقه في مدينة حمص، من عوامل التوفر على بنية شرعية وثقافية مشبعة بالحيوية وسعة الأفق.
ولد الشيخ مصطفى بن حسني السباعي، في مدينة حمص بسورية عام 1915، ونشأ في أسرة معروفة بالعلم والعلماء منذ مئات السنين، وكان والده وأجداده يتولون الخطابة في الجامع الكبير بحمص جيلاً بعد جيل، وقد تأثر بأبيه الشيخ حسني السباعي الذي كانت له مواقف معروفة ضد المستعمر الفرنسي.
شارك السباعي في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسوريا وهو في السادسة عشرة من عمره، واعتقل أول مرة عام 1931 بتهمة توزيع منشورات في حمص ضد السياسة الفرنسية، واعتقل مرة ثانية من قبل الفرنسيين أيضا بسبب الخطب التي كان يلقيها ضد السياسة الفرنسية والاحتلال الفرنسي. كما شارك السباعي في حرب فلسطين عام 1948م حيث قاد الكتيبة السورية.
وبالإضافة إلى العمل السياسي والاجتماعي العام كان السباعي مهموما بالشأن الثقافي والفكري فأنشأ جريدة (المنار) في عام 1947 واستمرت لمدة عامين، حتى جاء حسني الزعيم فأوقفها بعد الانقلاب العسكري عام 1949، وفي عام 1955 أسس مع آخرين مجلة (الشهاب) الأسبوعية، والتي استمرت في الصدور إلى قيام الوحدة مع مصر عام 1958.
في 1955 أيضا حصل على ترخيص إصدار مجلة (المسلمون) الشهرية بعد توقفها في مصر، وظلت تصدر في دمشق إلى عام 1958 حيث انتقلت إلى صاحبها سعيد رمضان في جنيف بسويسرا، فأصدر السباعي بدلا منها مجلة (حضارة الإسلام الشهرية) وظل السباعي قائما على هذه المجلة حتى توفي حيث تولى إصدارها محمد أديب الصالح بدمشق.
وفي عام 1950 تم تعيينه أستاذا بكلية الحقوق في الجامعة السورية، وتمكن من تأسيس كلية الشريعة في جامعة دمشق عام 1955 ليكون أول عميد لكلية الشريعة بجامعة دمشق.
ولم ينشغل الدكتور السباعي بالنشاط السياسي والدعوي عن التأليف، فقد ترك تراثا ثريا من المؤلفات، جميعها تنم عن عقلية مرتبة، ورؤية ثاقبة للحياة والأحداث، فألف العديد من الكتب منها: شرح قانون الأحوال الشخصية (ثلاثة أجزاء)، من روائع حضارتنا، المرأة بين الفقه والقانون، عظماؤنا في التاريخ، القلائد من فرائد الفوائد، دروس في دعوة الإخوان المسلمين، السنة ومكانتها في التشريع، هكذا علمتني الحياة.
ويعد كتابه هكذا علمتني الحياة من الكتب التي تنطق بالحكمة وتتكثف فيها خبرته بالحياة، فقد كتبه في ثلاثة أجزاء أثناء فترة مرضه رحمه الله، وكان للمرأة والأسرة النصيب الوافر من هذا الكتاب الذي تعد كلماته من الدرر النفسية والحكمة الصافية فها هو يقول للذين يريدون تحطيم كيان الأسرة: ليسأل التاريخ هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون النهوض بأمتنا، ولاينفكون عن تحطيم كيان الأسرة عندنا: هل انهارت أقوى الأمم حضارة في التاريخ إلا حين سادت فيها مثل آرائهم الجنسية وفلسفتهم في قضية المرأة؟!
ويحذر المرأة من الانخداع بدعاوى تحريرها فيقول: "احذري أيتها الأم الفاضلة والبنت الفاضلة، ما يخدعونك به من ألفاظ التحرر من العبودية، وتحطيم قيود التقاليد، إنهم يريدون أن يضيفوا إلى عبوديتك للجهل الموروث؛ عبودية الشهوة الجامحة، وإلى قيود التقاليد البالية قيود الاستغلال الإثم الماكر، احذري، احذري أيتها المرأة الفاضلة، وإن السمكة لاتقع في الشبكة إلا حين تعمى عن دقة نسجها، ولا يصطادها الصياد إلا بعد أن تستمرئ طعم سنارته".
ويتحدث عن كرامة المرأة ،وهل يحترم الغربيون المرأة أم أن احترامهم لها شكلي فيقول: "كرامة المرأة أن تعامل كإنسان، لا أن يتلاعب بها كدمية، وأن ينأى بها عن مظان الشبهات لا أن تطرح في وقود الشهوات، وتلوكها الألسن بشتى الشائعات". إلى أن يقول: "تقدير الأمة للمرأة يظهر في أمثالها وقوانينها، لا في مجالس لهوها وعبثها، ولقد رأيت الغربيين يقدمون المرأة في الحفلات، ويؤخرونها في البيوت، ويقبلون يدها في المجتمعات العامة، ويصفعون وجهها في بيوتهم الخاصة، ويتظاهرون بالاعتراف لها في حق المساواة، وهم ينكرون عليها هذه المساواة في قرارة أنفسهم، ويحنون لها رؤوسهم في مواطن الهزل، وينصرفون عنها في مواطن الجد. والمرأة عندنا تخدعها الظواهر كما يخدعها الذين يريدون إرواء شهواتهم من أنوثتها".
ويفضح دعاة الانحلال بقوله: "المشكلة بيننا وبين دعاة الانحلال، أننا نخاطبهم بالعقول، وهم يتكلمون بالشهوات، إن عقولهم لا تنكر ما نقول، ولكن شهواتهم هي التي تكرهه، إن ما يعرفونه عن التاريخ يؤيد أقوالنا، وما يعرفونه عن مجون الحضارة يوافق أهواءهم، نحن مع العقل، وهم مع الهوى، نحن مع المبادئ العلمية والأخلاقية التي يقرون بها، وهم مع الرغبات والأهواء التي يخضعون لها، والعقل يبني الدولة من حيث يخربها الهوى".
ويشخص علة التخلف عن ركب الحضارة بقوله: "نحن لم نفتح الدنيا بأمهات ماجنات متحللات، ولكننا فتحناها بأمهات عفيفات متدينات، ولم نرث خلافة الأرض بأدب الجنس الشره الجائع، ولكننا ورثناها بأدب الخلق الثائر والتهذيب الوادع".
وفي نهاية أواخر عمره أصيب مصطفى السباعي بالشلل النصفي حيث شل طرفه الأيسر، وظل صابرا محتسبا مدة 8 سنوات حتى توفي يوم السبت 3 أكتوبر 1964 وصلي عليه في الجامع الأموي، ويصف الأستاذ محمد حسن بريغش هذا المشهد المهيب لجنازة الشيخ السباعي بقوله:"كأن الجنازة كانت محمولة على أطراف الأصابع لكثرة الزحام وكثافة المشيعين الذين توافدوا على دمشق من كل مكان". رحم الله الشيخ مصطفى السباعي وألحقنا به في الصالحين
وكأن العبقرية على موعد دائما مع البيئة المشحونة بالخصوبة والأحداث الكبيرة؛ سواء كانت هذه الأحداث إيجابية أو سلبية.
كل هذه الأسباب تتجلى في سيرة الرائد والمصلح الاجتماعي الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله، حيث ولد في فترة ثرية بأحداث جسيمة تناوشت المسلمين في أغلب بلدانهم، لا سيما الصراع الملتهب مع الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام، هذا في الجانب العام، أما في الجانب الخاص فقد كانت نشأته في أسرة كل رجالها من أهم رجال الدعوة والفقه في مدينة حمص، من عوامل التوفر على بنية شرعية وثقافية مشبعة بالحيوية وسعة الأفق.
ولد الشيخ مصطفى بن حسني السباعي، في مدينة حمص بسورية عام 1915، ونشأ في أسرة معروفة بالعلم والعلماء منذ مئات السنين، وكان والده وأجداده يتولون الخطابة في الجامع الكبير بحمص جيلاً بعد جيل، وقد تأثر بأبيه الشيخ حسني السباعي الذي كانت له مواقف معروفة ضد المستعمر الفرنسي.
شارك السباعي في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسوريا وهو في السادسة عشرة من عمره، واعتقل أول مرة عام 1931 بتهمة توزيع منشورات في حمص ضد السياسة الفرنسية، واعتقل مرة ثانية من قبل الفرنسيين أيضا بسبب الخطب التي كان يلقيها ضد السياسة الفرنسية والاحتلال الفرنسي. كما شارك السباعي في حرب فلسطين عام 1948م حيث قاد الكتيبة السورية.
وبالإضافة إلى العمل السياسي والاجتماعي العام كان السباعي مهموما بالشأن الثقافي والفكري فأنشأ جريدة (المنار) في عام 1947 واستمرت لمدة عامين، حتى جاء حسني الزعيم فأوقفها بعد الانقلاب العسكري عام 1949، وفي عام 1955 أسس مع آخرين مجلة (الشهاب) الأسبوعية، والتي استمرت في الصدور إلى قيام الوحدة مع مصر عام 1958.
في 1955 أيضا حصل على ترخيص إصدار مجلة (المسلمون) الشهرية بعد توقفها في مصر، وظلت تصدر في دمشق إلى عام 1958 حيث انتقلت إلى صاحبها سعيد رمضان في جنيف بسويسرا، فأصدر السباعي بدلا منها مجلة (حضارة الإسلام الشهرية) وظل السباعي قائما على هذه المجلة حتى توفي حيث تولى إصدارها محمد أديب الصالح بدمشق.
وفي عام 1950 تم تعيينه أستاذا بكلية الحقوق في الجامعة السورية، وتمكن من تأسيس كلية الشريعة في جامعة دمشق عام 1955 ليكون أول عميد لكلية الشريعة بجامعة دمشق.
ولم ينشغل الدكتور السباعي بالنشاط السياسي والدعوي عن التأليف، فقد ترك تراثا ثريا من المؤلفات، جميعها تنم عن عقلية مرتبة، ورؤية ثاقبة للحياة والأحداث، فألف العديد من الكتب منها: شرح قانون الأحوال الشخصية (ثلاثة أجزاء)، من روائع حضارتنا، المرأة بين الفقه والقانون، عظماؤنا في التاريخ، القلائد من فرائد الفوائد، دروس في دعوة الإخوان المسلمين، السنة ومكانتها في التشريع، هكذا علمتني الحياة.
ويعد كتابه هكذا علمتني الحياة من الكتب التي تنطق بالحكمة وتتكثف فيها خبرته بالحياة، فقد كتبه في ثلاثة أجزاء أثناء فترة مرضه رحمه الله، وكان للمرأة والأسرة النصيب الوافر من هذا الكتاب الذي تعد كلماته من الدرر النفسية والحكمة الصافية فها هو يقول للذين يريدون تحطيم كيان الأسرة: ليسأل التاريخ هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون النهوض بأمتنا، ولاينفكون عن تحطيم كيان الأسرة عندنا: هل انهارت أقوى الأمم حضارة في التاريخ إلا حين سادت فيها مثل آرائهم الجنسية وفلسفتهم في قضية المرأة؟!
ويحذر المرأة من الانخداع بدعاوى تحريرها فيقول: "احذري أيتها الأم الفاضلة والبنت الفاضلة، ما يخدعونك به من ألفاظ التحرر من العبودية، وتحطيم قيود التقاليد، إنهم يريدون أن يضيفوا إلى عبوديتك للجهل الموروث؛ عبودية الشهوة الجامحة، وإلى قيود التقاليد البالية قيود الاستغلال الإثم الماكر، احذري، احذري أيتها المرأة الفاضلة، وإن السمكة لاتقع في الشبكة إلا حين تعمى عن دقة نسجها، ولا يصطادها الصياد إلا بعد أن تستمرئ طعم سنارته".
ويتحدث عن كرامة المرأة ،وهل يحترم الغربيون المرأة أم أن احترامهم لها شكلي فيقول: "كرامة المرأة أن تعامل كإنسان، لا أن يتلاعب بها كدمية، وأن ينأى بها عن مظان الشبهات لا أن تطرح في وقود الشهوات، وتلوكها الألسن بشتى الشائعات". إلى أن يقول: "تقدير الأمة للمرأة يظهر في أمثالها وقوانينها، لا في مجالس لهوها وعبثها، ولقد رأيت الغربيين يقدمون المرأة في الحفلات، ويؤخرونها في البيوت، ويقبلون يدها في المجتمعات العامة، ويصفعون وجهها في بيوتهم الخاصة، ويتظاهرون بالاعتراف لها في حق المساواة، وهم ينكرون عليها هذه المساواة في قرارة أنفسهم، ويحنون لها رؤوسهم في مواطن الهزل، وينصرفون عنها في مواطن الجد. والمرأة عندنا تخدعها الظواهر كما يخدعها الذين يريدون إرواء شهواتهم من أنوثتها".
ويفضح دعاة الانحلال بقوله: "المشكلة بيننا وبين دعاة الانحلال، أننا نخاطبهم بالعقول، وهم يتكلمون بالشهوات، إن عقولهم لا تنكر ما نقول، ولكن شهواتهم هي التي تكرهه، إن ما يعرفونه عن التاريخ يؤيد أقوالنا، وما يعرفونه عن مجون الحضارة يوافق أهواءهم، نحن مع العقل، وهم مع الهوى، نحن مع المبادئ العلمية والأخلاقية التي يقرون بها، وهم مع الرغبات والأهواء التي يخضعون لها، والعقل يبني الدولة من حيث يخربها الهوى".
ويشخص علة التخلف عن ركب الحضارة بقوله: "نحن لم نفتح الدنيا بأمهات ماجنات متحللات، ولكننا فتحناها بأمهات عفيفات متدينات، ولم نرث خلافة الأرض بأدب الجنس الشره الجائع، ولكننا ورثناها بأدب الخلق الثائر والتهذيب الوادع".
وفي نهاية أواخر عمره أصيب مصطفى السباعي بالشلل النصفي حيث شل طرفه الأيسر، وظل صابرا محتسبا مدة 8 سنوات حتى توفي يوم السبت 3 أكتوبر 1964 وصلي عليه في الجامع الأموي، ويصف الأستاذ محمد حسن بريغش هذا المشهد المهيب لجنازة الشيخ السباعي بقوله:"كأن الجنازة كانت محمولة على أطراف الأصابع لكثرة الزحام وكثافة المشيعين الذين توافدوا على دمشق من كل مكان". رحم الله الشيخ مصطفى السباعي وألحقنا به في الصالحين
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
رد: مصطفى السباعي يقول للمرأة: هكذا علمتني الحياة!
الف شكر لك علي جهودك
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57272
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى