[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]






الهجرة إلى المدينة»

[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]







هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
عندما اشتد أذى قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم أذن الله لرسوله
بالهجرة إلى المدينة حيث أنصار الله ورسوله.وفى الليلة التى إختارتها
قريش لتنفيذ جريمة القتل فى سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وبعد أن
حاصروه فى بيته ليقتلوه، أعمى جبار السموات والأرض أعينهم عن نبيه عليه
أفضل الصلاة وأتم التسليم وأخرجه من بينهم دون أن يروه،وقصد رسول الله
صلى الله عليه وسلم بيت أبى بكر فاصطحبه معه فى طريق هجرته. ولما كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشا ستتبعه لتقتله وأنهم لا شك
سيفكرون أنه خرج يقصد اصحابه فى المدينة إلى الشمال من مكه فقد اتجه
رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكمته جنوبا ليضللهم حتى وصل إلى جبل
ثور، وكمن هو وأبو بكر فى غار فى قمة الجبل ثلاثة أيام حتى يهدأ الطلب.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر قد استأجرا عبد الله بن
أريقط ليدلهما على الطريق، فخرج بهما بعد ثلاثة أيام إلى المدينة متجنبا
فى ذلك الطريق الطبيعى إليها وسالكا طريقا أخرى مهجورة لا يعرفها إلا
قليل من الناس، حتى وصل إلى قباء فتلقاه المسلمون هناك وقد حملوا
السلاح إيذانا ببدء عهد النصرة والمنعة.

[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]



[/b]





طلائع الهجرة»


[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]








وبعد أن تمت بيعة العقبة الثانية، ونجح الإسلام في تأسيس وطن له وسط صحراء
تموج بالكفر والجهالة ـ وهو أخطر كسب حصل عليه الإسلام منذ بداية دعوته
ـ أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى هذا الوطن. ولم يكن
معنى الهجرة إلا إهدار المصالح، والتضحية بالأموال، والنجاة بالنفس
فحسب، مع الإشعار بأنه مستباح منهوب، قد يهلك في أوائل الطريق أو
نهايتها، وبأنه يسير نحو مستقبل مبهم، لا يدري ما يسفر عنه من قلاقل
وأحزان. وبدأ المسلمون يهاجرون وهم يعرفون كل ذلك، وأخذ المشركون
يحولون بينهم وبين خروجهم، لما كانوا يحسون من الخطر، وهاك نماذج من
ذلك: 1 ـ كان من أول المهاجرين أبو سلمة، هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة
هو وزوجته وابنه، فلما أجمع على الخروج قال له أصهاره: هذه نفسك غلبتنا
عليها، أرأيت صاحبتنا هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ فأخذوا منه
زوجته، وغضب آل أبي سلمة لرجلهم، فقالوا: لا نترك ابننا معها إذ
نزعتموها من صاحبنا، وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده، وذهبوا به.
وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة، وكانت أم سلمة بعد ذهاب زوجها وضياع
ابنها تخرج كل غداة بالأبطح تبكي حتى تمسى، ومضى على ذلك نحو سنة، فرق
لها أحد ذويها وقال: ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها
وولدها فقالوا لها: الحقي بزوجك إن شئت، فاسترجعت ابنها من عصبته،
وخرجت تريد المدينة ـ رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متر ـ وليس معها أحد من
خلق الله، حتى إذا كانت بالتنعيم لقيها عثمان بن طلحة بن أبى طلحة،
وبعد أن عرف حالها شيعها حتى أقدمها إلى المدينة، فلما نظر إلى قباء
قال: زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعا إلى
مكة. 2 ـ ولما أراد صهيب الهجرة قال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكا
حقيرا، فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟
والله لا يكون ذلك. فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي، أتخلون
سبيلي؟ قالوا: نعم. قال: فإني قد جعلت لكم مالي، فبلغ ذلك رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: ربح صهيب ربح صهيب. 3 ـ وتواعد عمر بن
الخطاب، وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل موضعا يصبحون
عنده، ثم يهاجرون إلى المدينة، فاجتمع عمر وعياش وحبس عنهما هشام. ولما
قدما المدينة ونزلا بقباء قدم أبو جهل وأخوه الحارث إلى عياش ـ وأم
الثلاثة واحدة ـ فقالا له: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط ، ولا
تستظل بشمس حتى تراك، فرق لها. فقال له عمر: يا عياش، إنه والله إن
يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم ، فوالله لو آذى أمك القمل
لامتشطت، ، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، فأبي عياش إلا الخروج
معهما؛ ليبر قسم أمه، فقال له عمر: أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي
هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج
عليها، فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل:
يا ابن أخي والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟
قال: بلى، فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه
فأوثقاه وربطاه، ثم دخلا به مكة نهارا موثقا، وقالا: يا أهل مكة، هكذا
فافعلوا بسفهائكم، كما فعلنا بسفيهنا هذا. هذه ثلاثة نماذج لما كان
المشركون يفعلونه بمن يريد الهجرة إذا علموا بذلك. ولكن مع كل ذلك خرج
الناس أرسالا يتبع بعضهم بعضا. وبعد شهرين وبضعة أيام من بيعة العقبة
الكبرى لم يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأبوبكر وعلي اللذان أقاما بأمره لهما، وإلا من احتبسه المشركون كرها،
وقد أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج
وأعد أبو بكر جهازه. روى البخاري عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم للمسلمين، إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين
(اللابة: أرض يعلوها حجارة سود، وكان يحيط بالمدينة جبلان من الحجارة
السود) فهاجر من هاجر إلى المدينة، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة
إلى المدينة، وتجهز أبو بكر للهجرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم: على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال له أبو بكر: وهل ترجو ذلك
بأبي أنت؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليصحبه

[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]



[/b]





مطاردة قريش للنبي صلي الله عليه وسلم
»


[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]






غادر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته في ليلة 27 من شهر صفر سنة 14 من
النبوة الموافق 13 سبتمبر سنة 622 م. وأتى إلى دار رفيقه أبي بكر رضي
الله عنه. ثم غادرا منزل الأخير من باب خلفي ليخرجا من مكة على عجل،
وقبل أن يطلع الفجر. ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشا
ستجتهد في الطلب، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة هو طريق
المدينة الرئيسي المتجه شمالا، فقد سلك الطريق الذي يضاده تماما، وهو
الطريق الواقع جنوب مكة، والمتجه نحو اليمن. سلك هذا الطريق نحو خمسة
أميال، حتى بلغ جبلا يعرف بجبل ثور، وهذا جبل شامخ، وعر الطريق، صعب
المرتقى، ذا أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمله
أبو بكر حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل، عرف في التاريخ بغار ثور.
ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: والله لا تدخله حتى أدخله قبلك،
فإن كان فيه شئ أصابني دونك، فدخل فنظر فيه، ووجد في جانبه ثقبا فشق
إزاره وسدها به، وبقي منها اثنان فوضع فيهما رجليه، ثم قال لرسول الله
صلى الله عليه وسلم: ادخل. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع رأسه
في حجرأبي بكر ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر، ولم يتحرك مخافة
أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقطت دموعه على وجه رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فقال: مالك يا أبا بكر؟ قال: لدغت، فداك أبي
وأمي، فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب ما يجده. وكمنا في
الغار ثلاث ليال، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد. وكان عبد الله
بن أبي بكر يبيت عندهما. وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يتسمع لهما ما
يقول الناس فيهما نهارا ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من
الخبر. وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهارا ثم يريحها
عليهما،ويأتيهما إذا أمسى في الغار، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما
من الطعام إذا أمست بما يصلحهما. أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد
لديها إفلات رسول الله صلى الله عليه وسلم صباح ليلة تنفيذ المؤامرة.
فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربوا عليا، وسحبوه إلى الكعبة وحبسوه
ساعة، علهم يظفرون بخبرهما. ولما لم يحصلوا من علي على شيء جاءوا إلى
بيت أبي بكر، وطرقوا بابه، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر، فقالوا لها:
أين أبوك؟ قالت: لا أدري والله أين أبي؟ فرفع أبو جهل يده فلطم خدها
لطمة طرح منها قرطها. وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميع
الوسائل التي يمكن بها القبض على الرجلين، فوضعت جميع الطرق النافذة من
مكة (في جميع الجهات) تحت المراقبة المسلحة الشديدة، كما قررت إعطاء
مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش
حيين أو ميتين، كائنا من كان. وحينئذ هب الفرسان والمشاة وقصاص الأثر،
وانتشروا في الجبال والوديان، والوهاد والهضاب، لكن دون جدوى وبغير
عائد. وقد وصل المطاردون إلى باب الغار، ولكن الله غالب على أمره، روى
البخاري عن أنس عن أبي بكر قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في
الغار فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن
بعضهم طأطأ بصره رآنا. قال: اسكت يا أبا بكر، ما ظنك يا أبا بكر باثنين
الله ثالثهما. وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم،
فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا خطوات معدودة.

[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]






في الطريق إلي المدينة »

[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]



[/b]





بعد أن
خمدت نار الطلب، وتوقفت أعمال دوريات التفتيش، وهدأت ثائرات قريش بعد
استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى، تهيأ رسول الله صلى
الله عليه وسلم وصاحبه للخروج إلى المدينة. وكانا قد استأجرا عبدالله بن
أريقط الليثي، وكان دليلا ماهرا بالطريق، وكان على دين كفار قريش، وأمناه
على الرغم من ذلك، وسلما إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث
ليال براحلتيهما، فلما كانت ليلة الاثنين ـ غرة ربيع الأول سنة 1 هـ /
16 سبتمبر سنة 622 م ـ جاءهما عبدالله بن أريقط بالراحلتين وحينئذ قال
أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: بأبي أنت يا رسول الله، خذ إحدى
هاتين، وقرب إليه أفضلهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن.
وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها
رباطا، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها رباط، فشقت نطاقها
باثنين (النطاق ما يربط به الوسط كالحزام) فعلقت السفرة بواحد، وانتطقت
بالآخر، فسميت ذات النطاقين. ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر رضي الله عنه، وارتحل معهما عامر بن فهيرة، وأخذهم الدليل
عبدالله بن أريقط على طريق السواحل. وأول ما سلك بهم بعد الخروج من
الغار أنه سار في اتجاه الجنوب نحو اليمن، ثم اتجه غربا نحو الساحل، حتى
إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتجه شمالا على مقربة من شاطئ البحر
الأحمر، وسلك طريقا لم يكن يسلكه أحد إلا نادرا. ووقع لهم في الطريق
بعض الأحداث منها ما رواه 1لبخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال:
أسرينا ليلتنا (أي سرنا تلك الليلة) ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة،
وخلا الطريق، لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليها
الشمس، فنزلنا عندها، وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكانا بيدي،
ينام عليه، وبسطت عليه فروة، وقلت: نم يا رسول الله، وأنا أنفض (أي
أراقب) لك ما حولك، فنام، وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه
إلى الصخرة، يريد منها مثل الذي أردنا (أي الراحة) فقلت له: لمن أنت
يا غلام؟ فقال رجل من أهل المدينة أو مكة. قلت: أفي غنمك لبن؟ قال:
نعم. قلت: أفتحلب ؟ قال: نعم. فأخذ شاة، فقلت: انفض الضرع من التراب
والشعر والقذى، فحلب في كعب كثبة من لبن (الكثبة: القليل من الماء أو
اللبن أو الطعام) ومعي إداوة (وعاء) حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم
يرتوي منها يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكرهت أن
أوقظه، فوافقته حين استيقظ، فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله،
فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، ثم قال: ألم يأن الرحيل؟ قلت:
بلى، قال: فارتحلنا. وكان من عادة أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يركب
خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وكان شيخا يعرف، ونبي الله صلى الله
عليه وسلم شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: من هذا الرجل الذي
بين يديك؟ فيقول هذا الرجل يهديني الطريق، فيحسب الحاسب أنه يعني به
الطريق، وإنما يعني سبيل الخير. وتبعهما في الطريق سراقة بن مالك،أتاه
رجل وهو جالس في مجلس من مجالس قومه بني مدلج، فقال: يا سراقة إني رأيت
آنفا خيالا بالساحل، أراه محمدا وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم
ولكنني قلت له: إنهم ليسوا هم، ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا الآن
أمام أعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتي أن
تخرج فرسي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، ثم أتيت فرسي، فركبتها،
حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت، ففتحت كنانتي، فاستخرجت
منها الأزلام (وهي عصي كان يصنعها المشركون يستشيرون بها آلهتهم)
فاستقسمت بها (أي عملت قرعة) أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره فركبت فرسي
وعصيت الأزلام، واقتربت حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ـ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات ـ غاصت يدا فرسي في الأرض،
، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج
يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل
الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا،
فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم
أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر وأنه ممنوع مني، فقلت له: إن
قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت
عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني (أي لم يأخذا مني شيئا) ولم يسألاني إلا
أن قال: أخف عنا، فسألته أن يكتب لي كتابا بالأمن يكون آية بيني
وبينه، فأمر عامر بن فهيرة، فكتب له، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه
وسلم. ومر صلى الله عليه وسلم في مسيره ذلك حتى مر بخيمتي أم معبد
الخزاعية، وكانت امرأة تطعم وتسقي من مر بها، فسألاها: هل عندها شئ؟
فقالت: والله لو كان عندنا شئ ما حجبته عنكم فنظر رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
قالت: شاة ضعيفة ليس بها لبن، فقال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم
بأبي وأمي، إن رأيت بها حلبا فاحلبها. فمسح رسول الله صلى الله عليه
وسلم بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، فدر اللبن بغزارة، فدعا بإناء كبير
يكفي جماعة، فحلب فيه حتى علته الرغوة، فسقاها، فشربت حتى رويت، وسقى
أصحابه حتى رووا، ثم شرب، وحلب فيها ثانيا، حتى ملأ الإناء، ثم غادره
عندها فارتحلوا. فما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق عنزات عجافا،
فلما رأى اللبن عجب، فقال: من أين لك هذا ولا حلوبة في البيت؟ فقالت:
لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله
كذا وكذا، قال: إني والله أراه صاحب قريش الذي تطلبه، صفيه لي يا أم
معبد، فوصفته بصفاته الرائعة بكلام رائع كأن السامع ينظر إليه وهو
أمامه فقال أبو معبد: والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما
ذكروا، لقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا، وأصبح صوت
بمكة عاليا يسمعونه ولا يرون القائل: جزى الله رب العرش خير جزائه رفيقين
حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به وأفلح من أمسى رفيق محمد
فيا لقصي ما روى الله عنكم به من فعال لا يحاذى وسؤدد ليهن بني كعب
مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم
إن تسألوا الشاة تشهد قالت أسماء: ما درينا أين توجه رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة فأنشد هذه الأبيات،
والناس يتبعونه ويسمعون صوته ولا يرونه، حتى خرج من أعلاها. قالت: فلما
سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن وجهته
إلى المدينة. وفي الطريق لقي النبي صلى الله عليه وسلم أبا بريدة، وكان
رئيس قومه، خرج في طلب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر؛ رجاء أن
يفوز بالمكافأة الكبيرة التي كانت قد أعلنت عنها قريش، ولما واجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكلمه أسلم مكانه مع سبعين رجلا من قومه، ثم
نزع عمامته وعقدها برمحه، فاتخذه راية تعلم بأن ملك الأمن والسلام قد
جاء ليملأ الدنيا عدلا وقسطا. وفي الطريق لقي رسول الله صلى الله عليه
وسلم الزبير، و هو في ركب المسلمين، كانوا تجارا قافلين من الشام، فكسا
الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضاء.
وفاة النبى صلى الله عليه وسلم


[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]







وفاة النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم

[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]








قال الله تعالى: { مَّا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40)}[سورة الأحزاب].



إخوة الإسلام، حريّ بنا أن نتكلم عن وفاة سيد الأمة
وإمام الأئمة من أرسله الله للناس هدىً ورحمة فهذا يذكرنا بأن الدنيا
دار ممر والآخرة دار مقر وبأن الموت حق قد كتبه الله على العباد، وأفضل
العباد قد مات ولا بد لكل واحد منا أن يموت فقد قال الله تعالى مخاطبا
نبيه المصطفى في الكتاب: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ
(30)}[سورة الزمر] أي إنك ستموت وهم سيموتون.




[b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]



[/b]




بداية مرض الرسول عليه الصلاة والسلام:


[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]








ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم صداع في بيت عائشة، قالت: دخل عليّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه، فقلت: "وارأساه"
قال: "بل أنا وارأساه"، ثمّ اشتد أمره في بيت ميمونة، واستأذن نساءه أن
يمرّض في بيت عائشة فأذن له، وكانت مدة علته اثني عشر يوما وقيل أربعة
عشر.

فعن عبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على عائشة فقلت ألا تحدثيني عن مرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: بلى، ثقل رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فقال: أصلى الناس؟ فقلت: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله.

فقال ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا، فاغتسل ثم ذهب لينؤ (أي لينهض) فأغمي
عليه ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله،
قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله لصلاة العشاء، فأرسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر يصلي بالناس وكان أبو بكر
رجلا رقيقا، فقال: يا عمر صلّ بالناس.

فقال: أنت أحق بذلك. فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام.

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة (أي خف عنه المرض) فخرج بين
رجلين، أحدهما العباس، لصلاة الظهر فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر (أي
ليرجع عن الإمامة في الصلاة بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم) فأومأ
إليه أن لا تتأخر، وأمرهما فأجلساه إلى جنبه فجعل أبو بكر يصلي قائما
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا. رواه البخاري ومسلم
والنسائي.

موت الرسول وغسله صلى الله عليه وسلم:

عن أنس رضي الله عنه قال: لمّا ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه.

فقال لها: ليس على أبيك كرب بعد اليوم.

فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربّا دعاه، يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه، يا
أبتاه إلى جبريل أنعاه، فلما دفن قالت فاطمة: "يا أنس أطابت أنفسكم أن
تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب". رواه البخاري.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما أجمع القوم لغسل رسول الله صلى الله
عليه وسلم وليس في البيت إلا أهله: عمه العباس، وعلي بن أبي طالب، والفضل
بن العباس، وقثم بن العباس، وأسامة ابن زيد، وصالح مولاه، فلما اجمعوا
على غسله نادى من وراء الباب أوس بن خولى الأنصاري، وكان بدريا، علي
بن أبي طالب فقال: يا علي ناشدتك الله حظنا من رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال له علي عليه السلام: ادخل، فدخل فحضر غسل رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولم يل من غسله شيئا فقال فأسنده علي إلى صدره وعليه
قميصه، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي وكان أسامة وصالح يصبان
الماء، وجعل علي يغسله.

ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شىء مما يرى من الميت وهو يقول: بأبي وأمي ما أطيبك حيّا وميتا.

رواه أحمد بن حنبل.


[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]






دفن خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام:

[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]







وعن ابن جريج قال: أخبرني
أبي أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبر النبي صلى
الله عليه وسلم؟ حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: "لم يقبر نبي إلا حيث يموت". فأخروا فراشه
وحفروا له تحت فراشه". رواه أحمد بن حنبل.

وروي أنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا، وكفّن بثلاثة أثواب بيض،
ووضع على سريره على شفير القبر، ثم دخل الناس إرسالا يصلون عليه فوجا
فوجا، لا يؤمهم أحد، ثم دفن صلى الله عليه وسلم ونزل في حفرته العباس،
وعلي، والفضل، وقثم، وشقران، ودفن في اللحد، وبني عليه في لحده اللبّن،
ثم أهالوا عليه التراب، وجعل قبره عليه الصلاة والسلام مسطحا، ورشّ
عليه الماء رشا.

أخي المسلم:

انظر وتمعن وتذكر، فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين، فعليك إن أصبت يوما بمصيبة
أن تذكر موت النبيّ صلى الله عليه وسلم، واعمل لآخرتك حتى تكون مع
النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنّة، وأكثر من الصلاة عليه فإن الصلاة
عليه نور وضياء.

دعاء: اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ونجنا في الآخرة بفضلك يا أرحم الراحمين.


اجوا الصلاة والسلام على رسول الله


[b][b]اعظم شخصيه في التاريخ 49[/b]

[/b]