فهلا نملةٌ واحدة
صفحة 1 من اصل 1
فهلا نملةٌ واحدة
فهلا نملةٌ واحدة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( نزل
نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغَتْهُ نملةٌ ، فأمر بجهازه فأُخرج من تحتها ،
ثم أمر ببيتها فأُحرق بالنار ، فأوحى الله إليه : فهلا نملةٌ واحدة ؟ )
متفق عليه .
وفي رواية لمسلم :
( فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح ؟ ) .
معاني المفردات
فأمر بجهازه : الجهاز هو المتاع
فلدغته : أي قرصته
فهلا نملة واحدة : فهل اكتفيت بنملة واحدة
أفي أن قرصتك نملة : أمن أجل نملة واحدة قرصتك
تفاصيل القصة
( الإصلاح ) قضيّةٌ تلتقي
فيها الديانات السماويّة كلّها ، ومحورٌ تدور حوله مناهجها وشرائعها ، فقد
جاءت التوجيهات والنصائح تدعو إلى إعمار الكون وتوجيه الطاقات البشريّة نحو
البناء لا الهدم ، والتشييد لا التخريب ، وإن الدعوة إلى المحافظة على صور
الحياة وأشكالها ، والمناداة برعايتها والاهتمام بها ، خير شاهد على ذلك .
وعلى العكس ، فإن الفساد
والإفساد في الأرض مهما كان نوعه أو بلغ حجمه ، فإنه سلوك مرفوض يبغضه الله
تعالى وتأباه الفطر السليمة ، كما جاء تقريره في قوله تعالى :
{ والله لا يحب الفساد }
( البقرة : 205 ) .
وتأسيسا
لما تقدّم ، يعرض لنا النبي – صلى الله عليه وسلّم – في الحديث المتّفق
على صحّته ، قصّة نبيّ بُعث في الأمم السابقة ، جاءه العتاب الإلهيّ حينما
أهلك قريةً كاملة من النمل!! .
كان هذا في يومٍ سار فيه ذلك
النبيّ الكريم في بعض حاجته حتى أضناه المسير ، فنزل تحت شجرةٍ طلباً
للراحة وتجديد النشاط ، ثم جعل متاعه على مقربة منه .
ويقدّر الله أن يجلس ذلك
النبي فوق قريةٍ من قرى النمل ، فانطلقت إحداها مدفوعةً بغريزتها لتحمي
مملكاتها ، فكان أن قرصت النبي قرصةً آلمته .
ويبدو أن تلك القرصة كانت
مؤلمة للغاية ، إلى حدٍّ جعلت النبيّ يغضب غضباً شديداً ، فلم يكتف بقتل
تلك النملة جزاءً على أذيّتها ، بل أمر بإحراق القرّية كلّها .
ويوحي الله إلى ذلك النبي معاتباً وموبّخا : ألأجل نملةٍ واحدةٍ آذتك في نفسك ، تُهلك أمّة كاملة تسبّح الله في غدوّها وعشيّها ؟ .
وقفات مع القصّة
ما أعظم اللمحة التربويّة
التي تحملها هذه القصّة ، إنها إشراقةٌ أخلاقيّةٌ ترقى بسلوك المؤمن إلى
أعلى مستوى يمكن أن تصل إليه ، وتفجّر بين جنباته معاني الإحساس
بالمسؤوليّة واستشعار المراقبة الذاتيّة ؛ ومن تربّى على التحرّز من قتل
نملة واحدة بغير حقّ ، لا يمكنه أن يفكّر مجرّد تفكير أن يسفك دماً حراماً ،
أو يأكل أموال الناس بالباطل ، أو يعيث في الأرض فساداً وإهلاكاً .
كما أن في الحديث توجيهٌ
إلهيٌّ للنبي نحو الأليق بمقام نبوّته والأنسب لمكانته ، بأن يتعامل مع
الموقف بروح الصبر والمسامحة ، بدلاُ من الانتقام للنفس وإهلاك جميع النمل
بذنب واحدة ، كما ذكر ذلك الإمام القرطبي .
ويبدو من السياق أن التعذيب
بالنار كان جائزاً في الأمم السابقة ، فإن العتاب لم يقع في أصل القتل أو
الإحراق ، ولكن في الزيادة على النملة الواحدة ، ثم استقرّ الأمر في شريعة
الإسلام على حرمة التعذيب بالنار كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
: ( لا يعذب بالنار إلا رب النار ) رواه أحمد ، كما ورد النهي عن قتل
النمل بخصوصه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - نهى عن قتل أربعٍ من الدواب : النملة ، والنحلة ، والهدهد ،
والصُرَد – وهو نوعٌ من أنواع الطيور الجارحة - ، رواه أحمد .
في حين جاء الأمر بقتل جملة
من الحيوانات المؤذية بطبعها لكثرة ضررها وفسادها ، فأمر بقتل الفأرة –
وسمّاها فويسقة - ، والعقرب ، والغراب ، والحدأة – نوعٌ من الطيور - ،
والكلب العقور ، والوزغ ، وغير ذلك مما جاء في السنّة .
وقضية أخيرة يحملها الحديث :
وهي أن الكون بجميع مخلوقاته قد دان بالعبوديّة لله وحده وأسلم له طوعاً
واختياراً ، واعترف بقدره وقهره ، وكماله وسلطانه ، أفلا يكون ابن آدم الذي
ميّزه الله بالعقل والإدراك ما استدلّ به على وجود خالقه ووحدانيّته ،
أولى بالعبودية وأحرى بالتسبيح والتنزيه؟ .
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57271
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» (( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة.. ))
» في دقيقة واحدة*
» في دقيقة واحدة*
» العذاب مع إمرأة واحدة
» هل تريد ان تتغير الان و في لحظة واحدة في اقل من ثانية::؟؟؟؟؟
» في دقيقة واحدة*
» في دقيقة واحدة*
» العذاب مع إمرأة واحدة
» هل تريد ان تتغير الان و في لحظة واحدة في اقل من ثانية::؟؟؟؟؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى