الحلال بين واضح
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الحلال بين واضح
عن النعمان بن بشير
رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحلال بيّن، والحرام
بيّن، وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ما شبّه عليه من الإثم كان لما استبان
أترك، ومن اجترأ على ما يشكّ فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان،
والمعاصي حمى الله، من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه» .
وفي رواية أخرى عن النعمان: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشبّهات
لا يعلمها كثير من النّاس فمن اتّقى الشّبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع
في الشّبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإنّ لكلّ ملك حمى،
ألا وإنّ حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا
صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت الجسد كلّه ألا وهي القلب» .
[رواه البخاري ومسلم وغيرهما] .
اللغة:
الحلال: المأذون فيه؛ والحرام: الممنوع منه، وبيّن: واضح، والمشتبه: أو
المشبه الخفي أمره، والإثم: الذنب، والاستبانة: الظهور، واجترأ:
تشجع، وأوشك: قرب، والرتع: رعي الماشية والإتساع في الخصب، والحمى:
المكان المحمي الممنوع على غير من حماه، واتقى: حذر واتخذ الوقاية مما يضر،
استبرأ: طلب البراءة، والدّين: الطاعة وما يتدين به، والعرض: موضوع المدح
والذم من الإنسان؛ والمضغة: القطعة قدر ما يمضغ؛ والقلب: معروف، ويقال
للعقل:
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها.
الشرح:
يرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما هو خير لنا في ديننا وأعراضنا وهو
الابتعاد عن مواطن الريب فيسلم الدّين من النقص، والعرض من الطعن؛ فذكر أن
الحلال بين واضح إذ هو ما أذن الشارع في فعله بنص في القرآن أو في كلام
الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك الحرام واضح لأنه ما منع الشارع فعله بنص
قرآني أو حديث نبوي، وبعبارة أخرى الحلال هو الطيب النافع، والحرام هو
الخبيث الضار، وبين الحلال والحرام أمور خفية مشتبهة لا يدري كثير من الناس
أهي من الحلال أم من الحرام؟ كالأشياء التي تعارضت فيها الأدلة، ومن
الشبيهات الأمور التي لا تطمئن إليها نفسك الطيبة.
فدعها إلى ما تطمئن إليه عملا بحديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» . رواه الترمذي والنسائي وغيرهما عن الحسن بن علي.
ومن هذا القبيل شخص أرسل كلبه للصيد وسمى عند الإرسال. فوجد عند الصيد مع
كلبه كلبا آخر لم يسم عليه ولا يدري أيهما الذي صاد، فإنه يترك الأكل منه،
وكذلك مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة ساقطة فقال: «لولا أن تكون صدقة
لأكلتها» - ذكر هذه المسائل البخاري في صحيحه- وعد بعض العلماء المكروه من
المشتبهات إذ تنازعه الإذن فيه والمنع منه، ومن المشتبهات مال شخص لا يتحرج
في كسبه عن الحرام، فترك معاملته والأكل من ماله الورع، كذلك من الشبهات
المكاسب الناتجة عن صلح لم تكن نفوس المتصالحين به طيبة لقسر شابه(لقهر
خالطه(.
وقد نفى الرسول صلى الله عليه وسلم العلم بالمشتبهات عن كثير من الناس
فأفاد أن بعضهم قد يعلم حقيقتها، وأنها من وادي الحلال أو الحرام، فلا تكون
إذ ذاك مشتبهة عنده، بل لها حكم الحلال البين أو الحرام البين، وقد بين
الرسول صلى الله عليه وسلم أن من تحامى المشتبه الذي قد يكون في الواقع
إثما حراما كان للحرام البين أشد تحاميا، ومن جرأ نفسه وشجعها على اقتحام
الشبهات والوقوع فيها مع قيام الشك ومخالطة الريب كاد يواقع الحرام البين.
فالشبهات وقاية دون الحرام، فمن انتهكها كاد يتردى في هاوية الحرام، ومن
تجنبها كان في مأمن منها، بعيدا عنها، فاجعل بينك وبين الحرام حصنا، واضرب
دونه سدا.
وما المعاصي إلا كالأرض التي يحميها الملوك، فيخصونها ببهمهم [البهائم:
الضأن والمعز] ويمنعونها من غيرهم، فمن ترك من الرعاة منطقة حولها، لا يرعى
فيها بهمه أمن الوقوع في الحمى، وسلم من سخط الملوك والتعرض لعقابهم، ومن
رعى في المنطقة المجاورة لا يأمن الوقوع فيه، كذلك المعاصي هي حمى الله في
أرضه، والشبهات منطقة حولها فمن ترك الشبهات كان للمعاصي أترك، ومن خالطها
كان إلى
الوقوع في المعاصي أقرب، وقد جاء في الرواية الثانية أن من اتقى الشبهات
استبرأ لدينه وعرضه أي من حذرها طلب البراءة والسلامة لدينه بالتحرز من
المعصية، وتحامى [اجتنب وابتعد] المنطقة التي دونها، وكذلك طلب البراءة
لعرضه، فلا يتهمه الناس بمقارفة (الارتكاب والفعل) المعاصي وانتهاك
الحرمات، وكيف؟ ولم يقارب الشبهات، فأنى يتهم بالمحرمات؟.
وفي الرواية الثانية: أن في الجسد مضغة صلاحها صلاح للجسد كله، وفسادها
فساد له، تلك المضغة هي القلب موزع الدم في عروق الجسم، ومصلحه بعد فساده
والمراد به هنا العقل الذي لا يعمل إلا بحرارة الحياة المنبعثة من الدورة
الدموية، ولا ريب في أن صلاح العقل، واستقامته في الإدراك والتفكير، ووزنه
الأشياء بميزان الحقيقة، وتحريه الإنصاف في أحكامه يترتب عليه صلاح الأعضاء
كلها، فلا تصدر إلا خيرا، ولا تعمل إلا صالحا، ولا تقول إلا حسنا، لأنه
الحاكم عليها، والرئيس بينها، وإذا صلح الرئيس صلحت الرعية.
أما إذا فسد العقل، واختل نظام التفكير، وغلبه على ملكه باعث الشهوة،
وسلطان الهوى فسد سائر الأعضاء فلا يصدر غير الشر، إذ حكمة العقل مفقودة،
وحركته مشلولة، وهل إذا أصيب القلب تسلم الحياة، ويصح الجسد؟ كلا. كذلك
العقل في مرضه مرض القوى كلها، فربوا العقول، وعودوها التفكير المستقيم،
والحكم الصحيح، وحذار أن تهملوها، فتفقدوا الانتفاع بقوى الجسم التي
تستطيعون بها أن تسخروا العالم كله لخدمتكم.
فالحديث يحذرنا من الشبهات، والوقوف في مواقف الرّيب (وهي التهمة) ،
ويدعونا إلى الاحتراس وبعد النظر؛ ويحضنا على تخليص الدّين من الشوائب.
وإبعاد العرض من المثالب (العيب) ؛ بتجنب أسبابها، ويدعونا إلى تنمية
العقل؛ وترقية التفكير لتكون الأعمال منظمة؛ طيبة العاقبة.
رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحلال بيّن، والحرام
بيّن، وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ما شبّه عليه من الإثم كان لما استبان
أترك، ومن اجترأ على ما يشكّ فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان،
والمعاصي حمى الله، من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه» .
وفي رواية أخرى عن النعمان: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشبّهات
لا يعلمها كثير من النّاس فمن اتّقى الشّبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع
في الشّبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإنّ لكلّ ملك حمى،
ألا وإنّ حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا
صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت الجسد كلّه ألا وهي القلب» .
[رواه البخاري ومسلم وغيرهما] .
اللغة:
الحلال: المأذون فيه؛ والحرام: الممنوع منه، وبيّن: واضح، والمشتبه: أو
المشبه الخفي أمره، والإثم: الذنب، والاستبانة: الظهور، واجترأ:
تشجع، وأوشك: قرب، والرتع: رعي الماشية والإتساع في الخصب، والحمى:
المكان المحمي الممنوع على غير من حماه، واتقى: حذر واتخذ الوقاية مما يضر،
استبرأ: طلب البراءة، والدّين: الطاعة وما يتدين به، والعرض: موضوع المدح
والذم من الإنسان؛ والمضغة: القطعة قدر ما يمضغ؛ والقلب: معروف، ويقال
للعقل:
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها.
الشرح:
يرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما هو خير لنا في ديننا وأعراضنا وهو
الابتعاد عن مواطن الريب فيسلم الدّين من النقص، والعرض من الطعن؛ فذكر أن
الحلال بين واضح إذ هو ما أذن الشارع في فعله بنص في القرآن أو في كلام
الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك الحرام واضح لأنه ما منع الشارع فعله بنص
قرآني أو حديث نبوي، وبعبارة أخرى الحلال هو الطيب النافع، والحرام هو
الخبيث الضار، وبين الحلال والحرام أمور خفية مشتبهة لا يدري كثير من الناس
أهي من الحلال أم من الحرام؟ كالأشياء التي تعارضت فيها الأدلة، ومن
الشبيهات الأمور التي لا تطمئن إليها نفسك الطيبة.
فدعها إلى ما تطمئن إليه عملا بحديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» . رواه الترمذي والنسائي وغيرهما عن الحسن بن علي.
ومن هذا القبيل شخص أرسل كلبه للصيد وسمى عند الإرسال. فوجد عند الصيد مع
كلبه كلبا آخر لم يسم عليه ولا يدري أيهما الذي صاد، فإنه يترك الأكل منه،
وكذلك مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة ساقطة فقال: «لولا أن تكون صدقة
لأكلتها» - ذكر هذه المسائل البخاري في صحيحه- وعد بعض العلماء المكروه من
المشتبهات إذ تنازعه الإذن فيه والمنع منه، ومن المشتبهات مال شخص لا يتحرج
في كسبه عن الحرام، فترك معاملته والأكل من ماله الورع، كذلك من الشبهات
المكاسب الناتجة عن صلح لم تكن نفوس المتصالحين به طيبة لقسر شابه(لقهر
خالطه(.
وقد نفى الرسول صلى الله عليه وسلم العلم بالمشتبهات عن كثير من الناس
فأفاد أن بعضهم قد يعلم حقيقتها، وأنها من وادي الحلال أو الحرام، فلا تكون
إذ ذاك مشتبهة عنده، بل لها حكم الحلال البين أو الحرام البين، وقد بين
الرسول صلى الله عليه وسلم أن من تحامى المشتبه الذي قد يكون في الواقع
إثما حراما كان للحرام البين أشد تحاميا، ومن جرأ نفسه وشجعها على اقتحام
الشبهات والوقوع فيها مع قيام الشك ومخالطة الريب كاد يواقع الحرام البين.
فالشبهات وقاية دون الحرام، فمن انتهكها كاد يتردى في هاوية الحرام، ومن
تجنبها كان في مأمن منها، بعيدا عنها، فاجعل بينك وبين الحرام حصنا، واضرب
دونه سدا.
وما المعاصي إلا كالأرض التي يحميها الملوك، فيخصونها ببهمهم [البهائم:
الضأن والمعز] ويمنعونها من غيرهم، فمن ترك من الرعاة منطقة حولها، لا يرعى
فيها بهمه أمن الوقوع في الحمى، وسلم من سخط الملوك والتعرض لعقابهم، ومن
رعى في المنطقة المجاورة لا يأمن الوقوع فيه، كذلك المعاصي هي حمى الله في
أرضه، والشبهات منطقة حولها فمن ترك الشبهات كان للمعاصي أترك، ومن خالطها
كان إلى
الوقوع في المعاصي أقرب، وقد جاء في الرواية الثانية أن من اتقى الشبهات
استبرأ لدينه وعرضه أي من حذرها طلب البراءة والسلامة لدينه بالتحرز من
المعصية، وتحامى [اجتنب وابتعد] المنطقة التي دونها، وكذلك طلب البراءة
لعرضه، فلا يتهمه الناس بمقارفة (الارتكاب والفعل) المعاصي وانتهاك
الحرمات، وكيف؟ ولم يقارب الشبهات، فأنى يتهم بالمحرمات؟.
وفي الرواية الثانية: أن في الجسد مضغة صلاحها صلاح للجسد كله، وفسادها
فساد له، تلك المضغة هي القلب موزع الدم في عروق الجسم، ومصلحه بعد فساده
والمراد به هنا العقل الذي لا يعمل إلا بحرارة الحياة المنبعثة من الدورة
الدموية، ولا ريب في أن صلاح العقل، واستقامته في الإدراك والتفكير، ووزنه
الأشياء بميزان الحقيقة، وتحريه الإنصاف في أحكامه يترتب عليه صلاح الأعضاء
كلها، فلا تصدر إلا خيرا، ولا تعمل إلا صالحا، ولا تقول إلا حسنا، لأنه
الحاكم عليها، والرئيس بينها، وإذا صلح الرئيس صلحت الرعية.
أما إذا فسد العقل، واختل نظام التفكير، وغلبه على ملكه باعث الشهوة،
وسلطان الهوى فسد سائر الأعضاء فلا يصدر غير الشر، إذ حكمة العقل مفقودة،
وحركته مشلولة، وهل إذا أصيب القلب تسلم الحياة، ويصح الجسد؟ كلا. كذلك
العقل في مرضه مرض القوى كلها، فربوا العقول، وعودوها التفكير المستقيم،
والحكم الصحيح، وحذار أن تهملوها، فتفقدوا الانتفاع بقوى الجسم التي
تستطيعون بها أن تسخروا العالم كله لخدمتكم.
فالحديث يحذرنا من الشبهات، والوقوف في مواقف الرّيب (وهي التهمة) ،
ويدعونا إلى الاحتراس وبعد النظر؛ ويحضنا على تخليص الدّين من الشوائب.
وإبعاد العرض من المثالب (العيب) ؛ بتجنب أسبابها، ويدعونا إلى تنمية
العقل؛ وترقية التفكير لتكون الأعمال منظمة؛ طيبة العاقبة.
علاء الدين- عضو Golden
- عدد المساهمات : 5552
نقاط المنافسة : 51257
التقييم و الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 13/01/2013
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57272
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى