انها الارض يا ناس
صفحة 1 من اصل 1
انها الارض يا ناس
الأرض
ليست شيئا رخيصا في حياة الإنسان، بل هي تساوي العِرض، ومع تطور حياة
الإنسان على سطح الكرة الأرضية، تعقدت وتشعبت تفاصيل الحياة، فلم تعد الأرض
مشاعا، والتنقل من مكان إلى آخر لم يعد سهلا، لا يلزمه إلا نزع أوتاد
الخيمة للانتقال إلى بقعة أخرى، بل حتى لو كنت تملك المال وأردت الانتقال
من مدينة إلى مدينة، بل حتى من حي إلى آخر في نفس المدينة لتجشمت العناء،
فأنت في إقامتك في بيت تحمل تفاصيل حياتية هامة، لأن الحياة لم تعد سهلة
وبسيطة كما كانت قبل قرون؛ هناك مكان عملك ورزقك، ومدارس أولادك، وجيرانك
وعلاقاتك، والخدمات الضرورية التي لا غنى عنها في عصرنا، ما جعل الكثيرين
من الناس يعملون ويكدّون السنين الطوال لأجل الحصول على بيت يؤويهم،وأصبح
سعر المتر المربع اليوم يضاهي سعر الدونم في حقب سابقة.
قُسِّمت
الأرض بين الشعوب والأمم بالشكل الذي نراه، بعد صراعات وسجالات طويلة،
وسالت دماء غزيرة، وعقدت جلسات ماراثونية للوصول إلى الوضع الحالي؛ فالناس
يتكاثرون فوق تكاثرهم، وتزداد الحاجة مع تطور الحياة إلى المياه والثروات
الطبيعية ومصادر الطاقة، وكان لنا معشر العرب والمسلمين حصة كبيرة من
يابسة الأرض ومن شواطئها حباها الله –معظمها- بمناخ معتدل وبثروات هائلة
تتيح لمن يبذل جهدا قليلا أن يحيا بكرامة.
إن
أجدادنا حين خرجوا من جزيرة العرب، وتحملوا عناء السفر وأرواحهم محمولة
على أكفهم، في زمن لم يكن فيه لا طائرات ولا قطارات ولا سيارات ولا سفن
حديثة، قد أنجزوا إنجازا كان يفترض بأحفادهم، أي نحن، أن نحافظ عليه وألا
نهمل تضحياتهم بالتفريط بالأرض، ففي زمانهم كانت الحياة والانتقال من مكان
إلى آخر أسهل، رغم الصعوبات الموضوعية، ولقد شقوا لنا طريقا أتاح لنا أن
نقيم في بلاد جديدة، وأن نعيش فيها حياتنا، ونعبد الله فيها، ونقيم شعائر
ديننا براحة وسلام، وقد استشهد من الأجداد من استشهد ومات بالطاعون أو
بغيره من مات، وقضوا حياتهم يجاهدون ويكافحون ليأمنوا وذريتهم في الأرض،
بعيدا عن تسلط الأعداء أو منة الغرباء.
على
ضفاف نهر الأردن دفن حوالي عشرة آلاف صحابي، وفي القدس آلاف من الصحابة
والتابعين والمجاهدين والفاتحين والزاهدين والعلماء يرقدون، لتأتي جرافات
الاحتلال لسحق رفاتهم في مقبرة «مأمن الله» أو غيرها،وفي كل بقعة من الشام
أو العراق أو مصر أو المغرب مساجد قديمة ومقابر وآثار تبين كم انتشر
الأجداد لنحيا بكرامة وعزة، ونتمتع برزق الله، هؤلاء غرسوا حتى نأكل،
ويفترض أن نغرس حتى يأكل الأبناء والأحفاد، وهؤلاء وضعوا أسسا لواقع ووضع
تاريخي وجغرافي وسياسي كان يجب علينا أن نحافظ عليه، وأن نعضّ بأسناننا حتى
يستمر، لا أن تقسم البلاد بالمسطرة من قبل لقيط فرنسي أو إنجليزي!
لم
يكن عمرو بن العاص حين فتح مصر يتخيل أن تُحكم ممن يحتكر الثروة ويسوس
الناس بالعسف والبطش، ويسبب لهم البطالة والفقر، ويعطي للأعداء امتيازات
التصرف بجزء عزيز منها ويقبل بسيادة اسمية عليها.
ولم
يكن موسى بن نصير أو طارق بن زياد يتخيلان أن يأتي ملوك الطوائف و تافه
أرعن مثل أبي عبد الله الصغير ليسلم جنة الأندلس للأعداء، الذين لم يكتفوا
باستسلامه ورحيله، فساموا الناس سوء العذاب وفتنوهم عن دينهم؛ وهذا أمر من
سنن الله في الكون، فمن لا وطن له، لا دين له، بمعنى أنه قد يفتن ويجبر
على ترك دينه أو بعضا من شعائره ... وضاعت الأندلس، ولم يبق لسيادتنا
عليها إلا الآثار.
أما
فلسطين التي تعيش الآن ذكرى يوم الأرض، فهي تجمع بين القداسة الدينية
التي يعلمها الجميع، والمناخ المعتدل، والموقع الاستراتيجي، والتنوع
الجغرافي الجميل، فهناك صحراء النقب وجبال الجليل وسواحل حيفا ويافا وعكا
ومرج ابن عامر.
عمر
بن الخطاب رضي الله عنه، جاء وفتح بيت المقدس، وكان الأجدر أن نحافظ
عليه، لكنه سقط بأيدي الصليبيين، وتحول المسجد الأقصى لإسطبل تبيت فيه
خيولهم التي غاصت حوافرها في دماء المسلمين، ومنع ثالث المسجدين من أن
يذكر اسم الله فيه، فجاء الناصر صلاح الدين الأيوبي وحررها، وكان الأجدر
أن يتق الخلف ما وقع فيه بعض السلف، ويحافظوا على مدينتهم ومسجدها، وعلى
مدنهم وقراهم وربوعهم في أكنافها ... ولكن ...!
فلسطين
الأرض تضيع، وأرضها بمعظمها هوّدت أو يجري تهويدها، ومعظم شعبها يعيش
قسرا في الشتات، والنكبة تولد أخرى، والحياة تضيق بنا؛ وكيف لا ونحن إما
في الشتات وإما نعيش على أرض لاحق لنا في معظم أرضها، أو مائها، ولا حرية
لنا في الإبحار من شواطئها.
لهذا
سالت دماء الشهداء وجعل للأرض يوما، ولكنه في كل سنة يأتي وشبح ضياع
الأرض يتعاظم، فالأرض في خطر، وشعبنا الباقي على أرضها ممنوع بقوة السلاح
من التواصل مع بعضه؛ فالقدس فصلت عن الضفة، وهذه تقطعها المستوطنات وطرقها
ويبتلع الجدار العنصري حوالي 13%من أراضيها، وشعبنا في الجليل والمثلث
والنقب وما يسمى بالمدن المختلطة مهدد في وجوده ويضيقون عليه الخناق، وغزة
محاصرة ومفصولة عن سائر الجسد الفلسطيني ولا يحق لأهلها حتى صيد الأسماك
إلا لمسافة محددة من الاحتلال.
إنها
الأرض يا ناس، قيمتها لا تقدر بثمن، والحصول عليها تطلب بذل الدماء
والأرواح وفنيت أعمار الأجداد في سبيله، وحين ضاعت لا نجد أرضا تؤوينا،
وانظروا ماذا حلّ بأبناء شعبنا في العراق، لقد ضاقت بهم حتى أرض الأشقاء!
فالأرض
هي جزء من المعتقد، وهي الدم الذي يسرى في العروق، بل هي أكسجين التاريخ
والجغرافيا، ولا حياة لامرئ بلا أرض، وأرضنا ليست مثل أي أرض، فلسطين محور
الصراع في عالمنا، ووضعها يقرر مصير العالم بأسره، إنها الأرض يا ناس،
ومن لا يستشعر قيمتها أو يستهين بأهميتها سيندثر وسيجر على نفسه وعلى
أولاده وأحفاده الويلات، الأرض تستحق كل الاهتمام، وتنتظر منا الاحتضان،
وبالتأكيد تبكي حسرة وتتوق إلى الطهارة من النجاسة!
ليست شيئا رخيصا في حياة الإنسان، بل هي تساوي العِرض، ومع تطور حياة
الإنسان على سطح الكرة الأرضية، تعقدت وتشعبت تفاصيل الحياة، فلم تعد الأرض
مشاعا، والتنقل من مكان إلى آخر لم يعد سهلا، لا يلزمه إلا نزع أوتاد
الخيمة للانتقال إلى بقعة أخرى، بل حتى لو كنت تملك المال وأردت الانتقال
من مدينة إلى مدينة، بل حتى من حي إلى آخر في نفس المدينة لتجشمت العناء،
فأنت في إقامتك في بيت تحمل تفاصيل حياتية هامة، لأن الحياة لم تعد سهلة
وبسيطة كما كانت قبل قرون؛ هناك مكان عملك ورزقك، ومدارس أولادك، وجيرانك
وعلاقاتك، والخدمات الضرورية التي لا غنى عنها في عصرنا، ما جعل الكثيرين
من الناس يعملون ويكدّون السنين الطوال لأجل الحصول على بيت يؤويهم،وأصبح
سعر المتر المربع اليوم يضاهي سعر الدونم في حقب سابقة.
قُسِّمت
الأرض بين الشعوب والأمم بالشكل الذي نراه، بعد صراعات وسجالات طويلة،
وسالت دماء غزيرة، وعقدت جلسات ماراثونية للوصول إلى الوضع الحالي؛ فالناس
يتكاثرون فوق تكاثرهم، وتزداد الحاجة مع تطور الحياة إلى المياه والثروات
الطبيعية ومصادر الطاقة، وكان لنا معشر العرب والمسلمين حصة كبيرة من
يابسة الأرض ومن شواطئها حباها الله –معظمها- بمناخ معتدل وبثروات هائلة
تتيح لمن يبذل جهدا قليلا أن يحيا بكرامة.
إن
أجدادنا حين خرجوا من جزيرة العرب، وتحملوا عناء السفر وأرواحهم محمولة
على أكفهم، في زمن لم يكن فيه لا طائرات ولا قطارات ولا سيارات ولا سفن
حديثة، قد أنجزوا إنجازا كان يفترض بأحفادهم، أي نحن، أن نحافظ عليه وألا
نهمل تضحياتهم بالتفريط بالأرض، ففي زمانهم كانت الحياة والانتقال من مكان
إلى آخر أسهل، رغم الصعوبات الموضوعية، ولقد شقوا لنا طريقا أتاح لنا أن
نقيم في بلاد جديدة، وأن نعيش فيها حياتنا، ونعبد الله فيها، ونقيم شعائر
ديننا براحة وسلام، وقد استشهد من الأجداد من استشهد ومات بالطاعون أو
بغيره من مات، وقضوا حياتهم يجاهدون ويكافحون ليأمنوا وذريتهم في الأرض،
بعيدا عن تسلط الأعداء أو منة الغرباء.
على
ضفاف نهر الأردن دفن حوالي عشرة آلاف صحابي، وفي القدس آلاف من الصحابة
والتابعين والمجاهدين والفاتحين والزاهدين والعلماء يرقدون، لتأتي جرافات
الاحتلال لسحق رفاتهم في مقبرة «مأمن الله» أو غيرها،وفي كل بقعة من الشام
أو العراق أو مصر أو المغرب مساجد قديمة ومقابر وآثار تبين كم انتشر
الأجداد لنحيا بكرامة وعزة، ونتمتع برزق الله، هؤلاء غرسوا حتى نأكل،
ويفترض أن نغرس حتى يأكل الأبناء والأحفاد، وهؤلاء وضعوا أسسا لواقع ووضع
تاريخي وجغرافي وسياسي كان يجب علينا أن نحافظ عليه، وأن نعضّ بأسناننا حتى
يستمر، لا أن تقسم البلاد بالمسطرة من قبل لقيط فرنسي أو إنجليزي!
لم
يكن عمرو بن العاص حين فتح مصر يتخيل أن تُحكم ممن يحتكر الثروة ويسوس
الناس بالعسف والبطش، ويسبب لهم البطالة والفقر، ويعطي للأعداء امتيازات
التصرف بجزء عزيز منها ويقبل بسيادة اسمية عليها.
ولم
يكن موسى بن نصير أو طارق بن زياد يتخيلان أن يأتي ملوك الطوائف و تافه
أرعن مثل أبي عبد الله الصغير ليسلم جنة الأندلس للأعداء، الذين لم يكتفوا
باستسلامه ورحيله، فساموا الناس سوء العذاب وفتنوهم عن دينهم؛ وهذا أمر من
سنن الله في الكون، فمن لا وطن له، لا دين له، بمعنى أنه قد يفتن ويجبر
على ترك دينه أو بعضا من شعائره ... وضاعت الأندلس، ولم يبق لسيادتنا
عليها إلا الآثار.
أما
فلسطين التي تعيش الآن ذكرى يوم الأرض، فهي تجمع بين القداسة الدينية
التي يعلمها الجميع، والمناخ المعتدل، والموقع الاستراتيجي، والتنوع
الجغرافي الجميل، فهناك صحراء النقب وجبال الجليل وسواحل حيفا ويافا وعكا
ومرج ابن عامر.
عمر
بن الخطاب رضي الله عنه، جاء وفتح بيت المقدس، وكان الأجدر أن نحافظ
عليه، لكنه سقط بأيدي الصليبيين، وتحول المسجد الأقصى لإسطبل تبيت فيه
خيولهم التي غاصت حوافرها في دماء المسلمين، ومنع ثالث المسجدين من أن
يذكر اسم الله فيه، فجاء الناصر صلاح الدين الأيوبي وحررها، وكان الأجدر
أن يتق الخلف ما وقع فيه بعض السلف، ويحافظوا على مدينتهم ومسجدها، وعلى
مدنهم وقراهم وربوعهم في أكنافها ... ولكن ...!
فلسطين
الأرض تضيع، وأرضها بمعظمها هوّدت أو يجري تهويدها، ومعظم شعبها يعيش
قسرا في الشتات، والنكبة تولد أخرى، والحياة تضيق بنا؛ وكيف لا ونحن إما
في الشتات وإما نعيش على أرض لاحق لنا في معظم أرضها، أو مائها، ولا حرية
لنا في الإبحار من شواطئها.
لهذا
سالت دماء الشهداء وجعل للأرض يوما، ولكنه في كل سنة يأتي وشبح ضياع
الأرض يتعاظم، فالأرض في خطر، وشعبنا الباقي على أرضها ممنوع بقوة السلاح
من التواصل مع بعضه؛ فالقدس فصلت عن الضفة، وهذه تقطعها المستوطنات وطرقها
ويبتلع الجدار العنصري حوالي 13%من أراضيها، وشعبنا في الجليل والمثلث
والنقب وما يسمى بالمدن المختلطة مهدد في وجوده ويضيقون عليه الخناق، وغزة
محاصرة ومفصولة عن سائر الجسد الفلسطيني ولا يحق لأهلها حتى صيد الأسماك
إلا لمسافة محددة من الاحتلال.
إنها
الأرض يا ناس، قيمتها لا تقدر بثمن، والحصول عليها تطلب بذل الدماء
والأرواح وفنيت أعمار الأجداد في سبيله، وحين ضاعت لا نجد أرضا تؤوينا،
وانظروا ماذا حلّ بأبناء شعبنا في العراق، لقد ضاقت بهم حتى أرض الأشقاء!
فالأرض
هي جزء من المعتقد، وهي الدم الذي يسرى في العروق، بل هي أكسجين التاريخ
والجغرافيا، ولا حياة لامرئ بلا أرض، وأرضنا ليست مثل أي أرض، فلسطين محور
الصراع في عالمنا، ووضعها يقرر مصير العالم بأسره، إنها الأرض يا ناس،
ومن لا يستشعر قيمتها أو يستهين بأهميتها سيندثر وسيجر على نفسه وعلى
أولاده وأحفاده الويلات، الأرض تستحق كل الاهتمام، وتنتظر منا الاحتضان،
وبالتأكيد تبكي حسرة وتتوق إلى الطهارة من النجاسة!
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57271
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» ماهوشعور الفتاه عندما يراها الخاطب ثم يقول انها لاتعجبني !
» الارض المقدسة
» افضل وثيقة تأمين ع الارض!*!*!
» قائمة بأخطر المخلوقات على وجه الارض..
» " الموجه البرازيليه الاطول على وجه الارض "
» الارض المقدسة
» افضل وثيقة تأمين ع الارض!*!*!
» قائمة بأخطر المخلوقات على وجه الارض..
» " الموجه البرازيليه الاطول على وجه الارض "
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى