فكرة وذكرى

من طرف علاء الدين الأحد يناير 20, 2013 11:16 pm

أذكر
أنه كان امتحان الفصل الدراسي الأول لمادة الرياضيات للصف السادس... كنت
على موعد أو بالأحرى درس حفر في الذاكرة... كنت كعادتي أسترجع في الدقائق
الأخيرة ماذاكرته
ومع خضم الانشغال أخرجت الكتاب ولم أخرج دفتر الرياضيات،وبدأ الامتحان ثم
لاحظت وجوده على الطاولة ؛ فتفاجأت من نسياني إياه،فكرت أن أعطيه المعلمة
لكنني ولطبعها النزق فضلت عدم فعل ذلك كونها لن تصدقني وستتهمني بالغش؛
فقررت وضعه على الطاولة حتى إذا مرت أتظاهر بنسيانه وعدم الانتباه له ثم
أعطيها إياه لأخرج نفسي من المأزق،
إلا أن للأقدار كلمتها، فذاك اليوم بالذات كانت هناك زيارة لوفد حضر من
المديرية وعلى رأسهم المدير العام، ومن سوء الصدف أن يكون لصفنا نصيب
الزيارة؛
فماكان من الأخير إلا أن مر بين الطالبات وعندما وصل إلي توقف كالمسمار،
تمنيت حينها أن تنشق الأرض وتبلعني،وغيب علي الارتباك أن أتصنع التمثيلية
التي قررت تصنعها على المعلمة
بعدم الانتباه للدفتر وأطال الأخير التمعن كما لوكان لم يتصور أن تجاهر
طالبة بالغش ولم يخطر بباله أن يسأل حاله إن كانت تنوي الغش فعلا فلم لم
تخبئه ببساطة تحت الدرج وتركته ظاهرا للعيان!،
كان بمقدوره ومع بداية الاختبار أن يعطي الدفتر للمعلمة ويخبرها أنني نسيته
على الطاولة أو يسألني لأبرر السبب أو يأخذه معه ببساطة ويبتعد،
كأنما كان يبحث عن ثغرة أو فرض بطولة يستعرضها بذاك الاكتشاف العظيم ؛فسحب الدفتر وأشار به للمعلمة يسألها: ماهذا؟
تلون وجه المعلمة لتقصيرها وبدأت تكيل إلي بوابل من السباب والتهم ؛فحاولت
أن أدافع عن نفسي فلم تدع لي مجالا ولامساحة للتبرير؛ فتجرعت مرارة الظلم
غصصا.
وابتعد المدير كما لو أنه حقق إنجازا عظيما باكتشاف تقصير الرقابة؛فكان ذاك
الاكتشاف على حساب الإساءة لسمعتي.. والغريب أن ساق الله المعلمة لتكتشف
طالبتان تمارسان الغش منذ بداية الامتحانات
ولم يتم الكشف عنهما رغم علم أغلب الطالبات بهما، وأنهما تنالان درجاتهما
على غير استحقاق؛فكأنما ماحدث لي كان سبيلا لوقوعهما في مغبة غشهما ذلك
اليوم
بعد أن قامت المعلمة بعملية تفتيشية بضمير هذه المرة إثر مغادرة الوفد الزائر.
إلا أنني أضحيت الضحية الأولى لنظرات الاستهجان التي كنت أتلقاها من زميلات
الصف وتلميحاتهن الساخرة؛ فآثرت الصمت والتجاهل..كان ذلك يطعنني في القلب
ألف مرة، لم يكن
هناك مجال لتصديقي ولم أجد دليلا أبريء فيه نفسي، إلا أنني في ذلك اليوم أخذت عبرة مماجرى.

فكرة وذكرى:
تعلمت أن سوء الظن له مداخل كثيرة يمهدها الشيطان.
تعلمت أن ثقتي بنفسي لاتعني بحال ثقة من حولي بي.
تعلمت أن ماأراه وأسمعه هو نصف الحقيقة وليس كل الحقيقة، وأن البحث عن النصف الباقي يستوجب التحري والتقصي.
تعلمت أنه من الجميل التحلي بالصبر على الهفوات والتجاهل إن لم يكن الأمر يستدعي خلق زوبعة.

مخرج:
كم من مظلوم ينتظر حكم الإعدام لجريمة لم يرتكبها.
كم من عفيفة طعنت عفتها لموقف لم يتبين صدقه من كذبه.
كم من بيوت هدمت وصداقات فتت وأخوة تزعزعت وآمال حطمت لأن سوء الظن والتفسير الخاطيء قد تخللها.
فلنتقي الله فيما نقول ونفعل ،فلنتقي الله قبل أن نشير وننشر، فلنتقي الله في كلمة نحسبها هينة وهي عند الله عظيمة.
من الجميل أن نتجاهل مايستحق التجاهل ونبرر مايستحق التبرير عل في ذلك عبرة لأولي الألباب.

من طرف الامبراطورة الإثنين يناير 21, 2013 10:39 am

موضوع مميز ... شكرا لك كثيرا

تقديري

فكرة وذكرى

فكرة وذكرى

رد: فكرة وذكرى