هجرة الأدمغة العربية
صفحة 1 من اصل 1
هجرة الأدمغة العربية
بسم الله الرحمن الرحيم
[size=21][b][b][size=21]
هجرة الأدمغة العربية
كثيرا ما نسمع أو نقرأ عبارة شاعت في كل الأوساط... و هي " هجرة الأدمغة العربية "
و في هذه الخاطرة سنتعرض للموضوع من خلال معنى الهجرة : ذلك أن كثيرا من
العبارات قد شاعت، و كثر استخدامها لدلالات مغلوطة، و قائمة على أسس من
الباطل و الغموض و التورية. و هذه العبارة هي من قبيل ذلك، و لكننا قبل
الشروع في عرض الموضوع نتساءل : أرأيتم رجلا ( أو امرأة ) ذا " دماغ " هاجر من بلده ابتداء فلم يعد ؟ الجواب : لا، دون شك، إلا أن يكون ليس ذا " دماغ "
كان يكون هاجر للتكسب و طلبا للرزق، و الغالب أن يعود أو أن يكون هاجر
هربا من بغي و عدوان... و الغالب في هؤلاء أن يحافظوا على انتمائهم
لمجتمعهم بحفظ لغتهم و عاداتهم من خلال تجمعاتهم التي يحرصون عليها، على
العكس من ذوي " الأدمغة " الذين يهاجرون حيث يتنكرون لأمتهم و لغتهم و ثقافتهم. و ينسلخون عن أرومتهم و تراثهم انسلاخا مشينا.
و قد لا يكون مثيرا للدهشة أن تعلم أن كثيرا من ذوي " الأدمغة " و غيرهم من غير ذوي " الأدمغة "
يهجرون بلدانهم و هم فيها قابعون، و يتنكرون لأمتهم و هم في أحضانها
آمنون، و في خيراتها راتعون... فالهجرة و الغربة ليس شرطا فيهما أن تكونا
إلى بلد غير البلد، و هذا يذكرنا بقول النبي صلى الله عليه و سلم
" منْ أحبَّ قوما فهُو منهم " أو " حُشِر معهم "
و ما أحبنا بأولئك الذين هم " قومنا " على لهجة عرب جنوب الحجاز في قولهم : من قومك ؟ أي من خصمك ؟
المعنى و الصفة ...
و الآن نعود للمعنى و الصفة، معنى الهجرة ... فالهجرة، كما أسلفنا أنواع من
حيث الدافع، و من حيث نوعها حيث قد تتم نفسيا دون مفارقة البلد، و أولئك
الذين يهاجرون من ذوي " الأدمغة " يختلفون عن
المهاجرين الآخرين، و ذلك أنهم لا يهاجرون للإستقرار النهائي، إلا بعد أ،
يكونوا قد غادروا بلدانهم من قبل عدة أعوام ... للدراسة غالبا، و للتخصص في
موضوع " نادر " ليعودوا إلى بلدانهم ( هذا
قبل أن يقعوا في المحظور و المحذور ) بشهادة عالية ليتبوؤوا مناصب رفيعة
... تمكنهم من مغانم كثيرة، و في هذه الأعوام التي غالبا ما تطول بسبب
الرسوب المتكرر لبلاهة أو لرغبة ... يتم غسل أدمغتهم مما كان فيها من " أفكار "
بالتدرج و البهارج الخادعة ... و تحشى بدلا من تلك الأفكار بأفكار غريبة
تحدث خللا في الشخصية و تعرضها لانفصام نفسي و صراع ينتهي باستسلام مسف و
مؤسف ... ذلك لو كانت هناك مقاومة ... و الغالب أ، لا يكون ثمة شيء من ذلك
قط، و كثير من ذوي " الأدمغة " هؤلاء قد يقرر عدم العودة في السنة الأخيرة من دراسته ... و بعضهم يعود " لوطنه " الذي خسر في سبيل تعليمه ما خسر ليجد ذلك الوطن " متخلفا "
لا يؤمن له وظيفة تتناسب مع مؤهله إلا الأندر من بيض النوق ... فيسرع
عائدا ( مهاجرا في اصطلاحنا الخاطئ ) إلى ما يهوى ... إلى مرضعته و فاتنته
... ألم يقولوا : " كل نفس و ما تهوى " ؟ لكن أحتى في الانتماء ؟ و إلى الأمة و الحضارة ؟
حدث أحدهم قال : كانت قافلة تسير في البادية فأرسلوا واردهم إلى الماء،
فوجد عبدا عن يمينه و شماله فتاتان سمراء و بيضاء فسأله أيهما أفضل ... قال
: البيضاء، فقطع عنقه، فاستبطأه الركب فأرسلوا ثانيا ... فتعرض لما يتعرض
له صاحبه و قتله العبد ... لأنه اختار السوداء ... و لما لم يعد أرسلوا
بثالث ... فسأله العبد مثلما سأل أخويه و قد رأى رأسيهما منفصلين عن
جسديهما، و رأى الفتاتين ...
فسأل العبد : قبل أن أجيب أسألك ماذا قال الأول ؟ ...
قال : قال إن البيضاء أفضل، قال و الثاني : قال السمراء أجمل ... قال : أما
أنا فأجيب بأن كل نفس و ما تهوى ... عفوا أخي القارئ ... أرجوا ألا أكون
قد أثقلت عليك بما قصصت، لكني أرجو أن يعذرني عندك طرافة الحكاية و
مناسبتها للموضوع
المهم أن هجرة ذوي " الأدمغة " ليست هجرة في الحقيقة، و لكنها التحاق بالأهل و العشيرة الجديدة .... كالطير الذي يشنأ بيضه ! .. إن تلك " الأدمغة " ليست في الحقيقة أدمغة، و إن هجرتها ليست في الحقيقة " هجرة " و عروبتها كلمة كانت ... نشغل أنفسنا بهم، و هم في شُغل عظيم [/size][/b][/b][/size]
[size=21][b][b][size=21]
هجرة الأدمغة العربية
كثيرا ما نسمع أو نقرأ عبارة شاعت في كل الأوساط... و هي " هجرة الأدمغة العربية "
و في هذه الخاطرة سنتعرض للموضوع من خلال معنى الهجرة : ذلك أن كثيرا من
العبارات قد شاعت، و كثر استخدامها لدلالات مغلوطة، و قائمة على أسس من
الباطل و الغموض و التورية. و هذه العبارة هي من قبيل ذلك، و لكننا قبل
الشروع في عرض الموضوع نتساءل : أرأيتم رجلا ( أو امرأة ) ذا " دماغ " هاجر من بلده ابتداء فلم يعد ؟ الجواب : لا، دون شك، إلا أن يكون ليس ذا " دماغ "
كان يكون هاجر للتكسب و طلبا للرزق، و الغالب أن يعود أو أن يكون هاجر
هربا من بغي و عدوان... و الغالب في هؤلاء أن يحافظوا على انتمائهم
لمجتمعهم بحفظ لغتهم و عاداتهم من خلال تجمعاتهم التي يحرصون عليها، على
العكس من ذوي " الأدمغة " الذين يهاجرون حيث يتنكرون لأمتهم و لغتهم و ثقافتهم. و ينسلخون عن أرومتهم و تراثهم انسلاخا مشينا.
و قد لا يكون مثيرا للدهشة أن تعلم أن كثيرا من ذوي " الأدمغة " و غيرهم من غير ذوي " الأدمغة "
يهجرون بلدانهم و هم فيها قابعون، و يتنكرون لأمتهم و هم في أحضانها
آمنون، و في خيراتها راتعون... فالهجرة و الغربة ليس شرطا فيهما أن تكونا
إلى بلد غير البلد، و هذا يذكرنا بقول النبي صلى الله عليه و سلم
" منْ أحبَّ قوما فهُو منهم " أو " حُشِر معهم "
و ما أحبنا بأولئك الذين هم " قومنا " على لهجة عرب جنوب الحجاز في قولهم : من قومك ؟ أي من خصمك ؟
المعنى و الصفة ...
و الآن نعود للمعنى و الصفة، معنى الهجرة ... فالهجرة، كما أسلفنا أنواع من
حيث الدافع، و من حيث نوعها حيث قد تتم نفسيا دون مفارقة البلد، و أولئك
الذين يهاجرون من ذوي " الأدمغة " يختلفون عن
المهاجرين الآخرين، و ذلك أنهم لا يهاجرون للإستقرار النهائي، إلا بعد أ،
يكونوا قد غادروا بلدانهم من قبل عدة أعوام ... للدراسة غالبا، و للتخصص في
موضوع " نادر " ليعودوا إلى بلدانهم ( هذا
قبل أن يقعوا في المحظور و المحذور ) بشهادة عالية ليتبوؤوا مناصب رفيعة
... تمكنهم من مغانم كثيرة، و في هذه الأعوام التي غالبا ما تطول بسبب
الرسوب المتكرر لبلاهة أو لرغبة ... يتم غسل أدمغتهم مما كان فيها من " أفكار "
بالتدرج و البهارج الخادعة ... و تحشى بدلا من تلك الأفكار بأفكار غريبة
تحدث خللا في الشخصية و تعرضها لانفصام نفسي و صراع ينتهي باستسلام مسف و
مؤسف ... ذلك لو كانت هناك مقاومة ... و الغالب أ، لا يكون ثمة شيء من ذلك
قط، و كثير من ذوي " الأدمغة " هؤلاء قد يقرر عدم العودة في السنة الأخيرة من دراسته ... و بعضهم يعود " لوطنه " الذي خسر في سبيل تعليمه ما خسر ليجد ذلك الوطن " متخلفا "
لا يؤمن له وظيفة تتناسب مع مؤهله إلا الأندر من بيض النوق ... فيسرع
عائدا ( مهاجرا في اصطلاحنا الخاطئ ) إلى ما يهوى ... إلى مرضعته و فاتنته
... ألم يقولوا : " كل نفس و ما تهوى " ؟ لكن أحتى في الانتماء ؟ و إلى الأمة و الحضارة ؟
حدث أحدهم قال : كانت قافلة تسير في البادية فأرسلوا واردهم إلى الماء،
فوجد عبدا عن يمينه و شماله فتاتان سمراء و بيضاء فسأله أيهما أفضل ... قال
: البيضاء، فقطع عنقه، فاستبطأه الركب فأرسلوا ثانيا ... فتعرض لما يتعرض
له صاحبه و قتله العبد ... لأنه اختار السوداء ... و لما لم يعد أرسلوا
بثالث ... فسأله العبد مثلما سأل أخويه و قد رأى رأسيهما منفصلين عن
جسديهما، و رأى الفتاتين ...
فسأل العبد : قبل أن أجيب أسألك ماذا قال الأول ؟ ...
قال : قال إن البيضاء أفضل، قال و الثاني : قال السمراء أجمل ... قال : أما
أنا فأجيب بأن كل نفس و ما تهوى ... عفوا أخي القارئ ... أرجوا ألا أكون
قد أثقلت عليك بما قصصت، لكني أرجو أن يعذرني عندك طرافة الحكاية و
مناسبتها للموضوع
المهم أن هجرة ذوي " الأدمغة " ليست هجرة في الحقيقة، و لكنها التحاق بالأهل و العشيرة الجديدة .... كالطير الذي يشنأ بيضه ! .. إن تلك " الأدمغة " ليست في الحقيقة أدمغة، و إن هجرتها ليست في الحقيقة " هجرة " و عروبتها كلمة كانت ... نشغل أنفسنا بهم، و هم في شُغل عظيم [/size][/b][/b][/size]
الامبراطورة- عضو Golden
- عدد المساهمات : 7679
نقاط المنافسة : 57086
الجوائز :
التقييم و الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 17/01/2013
مواضيع مماثلة
» تأملات في الطفولة العربية
» بعض الأخطاء الشائعة في لغتنا العربية
» اللغة العربية في الهند عبر العصور
» أنماط الرواية العربية الجديدة
» حمل كتاب بتي فور باللغة العربية والفرنسية
» بعض الأخطاء الشائعة في لغتنا العربية
» اللغة العربية في الهند عبر العصور
» أنماط الرواية العربية الجديدة
» حمل كتاب بتي فور باللغة العربية والفرنسية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى