لا يجوز تعليق
الحروز، لا من القرآن ولا من السنة ، ولا من غيرهما، وتسمى التمائم ، وتسمى
الجامعات، وتسمى الحجب، فلا يجوز تعليقها، يقول النبي - صلى الله عليه
وسلم - في هذا المعنى : "من تعلق تميمةً فلا أتم الله له"، "ومن تعلق ودعة
فلا أودع الله له". ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرقى والتمائم
والتولة شرك". والرقى هي الرقى المجهولة التي لا تعرف ، أو فيها شرك، وفيها
منكر، فهي ممنوعة. والتمائم كذلك ممنوعة كلها، وهي ما يكتب في الرقع ، أو
بالقراطيس ، أو نحوها ، ثم يجعل في رقعةٍ أو في كيسةٍ يعلق على الطفل ، أو
على المريض ، كل هذا لا يجوز، بل هذا من التمائم، حتى ولو كان من القرآن،
حتى ولو من الأدعية المباحة ، فإن الصحيح أن التمائم تمنع مطلقا، لكن من
غير القرآن أشد في التحريم، أما من القرآن فهو من باب سد الذرائع. فيجب على
المؤمن أن يمتنع من ذلك لئلا يقع فيما حرم الله - جل وعلا -، والله -
سبحانه - شرع لعباده ما فيه سعادتهم ، وفيه نجاتهم ، وما فيه صلاحهم ، ولم
يشرع لهم ما فيه ضررهم، بل شرع لهم سبحانه ما فيه الصلاح والسعادة في
العاجل والآجل، فليس له أن يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله - سبحانه
وتعالى - لأنها من البدع، فليس له أن يعلقها ، ولو كانت من القرآن أو من
السنة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- منع من التمائم ، وتوعد من تعلقها
بأن الله لا يتم له، "من تعلق تميمة فلا أتم الله"، "ومن تعلق ودعة فلا
ودع الله له". فالواجب على المؤمن والمؤمنة التحرز بالأدعية الشرعية لا
التعليقة، فالمريض يدعى له بالشفاء والعافية، والطفل يدعى له بالشفاء
والعافية ، ويعوّذ، يقال: أعوذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق عند
النوم، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوّذ الحسن والحسين، يقول
لهما : "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عينٍ لام"،
ويعوّد أن يعتاد الذكر والدعاء والتعوذ بالله إذا كان يعقل حتى يتعوذ بنفسه
عند نومه وعند دخوله وعند خروجه. المقصود أنه ليس هناك حاجة إلى تعليق
التمائم، وقد أجاز بعض العلماء تعليق التميمة التي من القرآن ، أو من
الأدعية المباحة ، وقال : إن هذا من جنس الرقية كما أن الرقية تجوز إذا
كانت بالقرآن والدعوات الطيبة، كذلك التميمة إذا كانت من القرآن. والجواب
أن هناك فرقاً بين هذا وهذا، الرقية جاء فيها أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - رقى ورُقي عليه - عليه الصلاة والسلام - ، وقال : "لا بأس بالرقى ما
لم تكن شركاً". فدل على استثناء الرقية الجائزة، وأنها مستثناة من قوله:
"إن الرقى والتمائم والتولة شرك"؛ لأن الرسول رقى ورُقي، أما التمائم فلم
يرد فيها استثناء، ولم يرد أنه علق تميمة على أحد. فلا يجوز أن تلعق
التمائم والرقى، بل التمائم ممنوعة مطلقا، ولأن تعليق التمائم من القرآن أو
من الأدعية المباحة وسيلة إلى تعليق التمائم الأخرى، ومن يدري أن هذا سليم
وهذا ليس بسليم، فينفتح باب الشرك والتعليق للتمائم الأخرى، والشريعة
الكاملة جاءت بسد الذرائع التي توصل إلى الشرك. فالأحاديث عامة في تعليق
التمائم والنهي عن ذلك ، وسد الذرائع أمر لازم وواجب، فتعين من هذا منع
جميع التمائم مطلقاً حتى ولو كانت من القرآن ، أو من الدعوات المباحة سداً
لذريعة الشرك ، وعملاً بالعموم ، وحتى يعتاد المؤمن الثقة بالله ،
والاعتماد عليه ، وسؤاله والضراعة إليه أن يعيذه من شر ما يضره، وأن يكفيه
شر ما يهمه، وأن لا يعتمد على شيء يعلقه في رقبته؛ فالذي جاء به الشرع هو
الخير كله، والصلاح كله، للصغار والكبار ، والمريض وغير المريض،و الإنسان
يتحرز بما شرع الله، فقد شرع لنا تعوذات، فإذا أصبح الإنسان وقرأ آية
الكرسي بعد فريضة الفجر وقرأ: "قل هو الله أحد"، والمعوذتين ثلاث مرات، هذا
من التعوذات الشرعية، وهكذا إذا قال: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما
خلق" ثلاث مرات، صباحا ومساء، فهذا من التعوذات الشرعية، هكذا "بسم الله
الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث
مرات، لم يضره شيء" كما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولها صباحاً
ومساءً، هكذا "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة"
يقولها كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوذ بها الحسن والحسين، فإذا
استعملها الإنسان هذه تعوذات شرعية، وهكذا لو قال: "أعيذ نفسي وذريتي وأهل
بيتي بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة"، "بسم الله،
أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين
وأن يحضرون" هذا أيضاً جاء، هكذا "أعوذ بكلمات الله التامات التي لا
يجاوزهن بر ولا فاجر ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء،
ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها، ومن شر
فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن"، هذا
أيضاً جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه تعوذ به عندما هجم عليه بعض
الشياطين فأعاذه الله من شرهم، فهذه تعوذات شرعية ينبغي للمؤمن أن يفعلها
في صباحه ومسائه وعند نومه، وهكذا قراءة: "قل هو الله أحد"، والمعوذتين بعد
كل صلاة؛ فهي من التعوذات الشرعية مع آية الكرسي، ولكنها تكرر بعد الفجر
والمغرب ثلاث مرات، "قل هو الله أحد"، والمعوذتين تكرر بعد الفجر والمغرب،
وتقال عند النوم ثلاث مرات كل هذا جاءت به السنة، وهذه حروز شرعية ليس فيها
تعليق شيء ولكن يقولها المؤمن والله جل وعلا ينفعه بها ويحفظه بها من شر
كثير من شر الدنيا والآخرة رزق الله الجميع التوفيق والهداية .